مستخدمة سلاح التجويع.. اتهامات أممية لإسرائيل بانتهاك القانون الدولي في غزة

مستخدمة سلاح التجويع.. اتهامات أممية لإسرائيل بانتهاك القانون الدولي في غزة

مستخدمة سلاح التجويع.. اتهامات أممية لإسرائيل بانتهاك القانون الدولي في غزة
حرب غزة

في ظل تصاعد التوترات المتجددة بين إسرائيل وغزة، تطفو إلى السطح اتهامات جديدة تزيد من الغضب الدولي المتزايد ضد تل أبيب، حيث وجهت اتهامات لإسرائيل بشن "حملة تجويع" على القطاع المحاصر، لتضع هذه الادعاءات العالم أمام تساؤلات جديدة حول أبعاد الصراع الإنساني في المنطقة، تقرير صادر عن مقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق في الغذاء، مايكل فخري، أثار جدلًا واسعًا بعد اتهام إسرائيل باستخدام تجويع الفلسطينيين كأداة سياسية خلال الحرب الأخيرة. إسرائيل، من جانبها، تنفي هذه الادعاءات بشكل قاطع، واصفةً إياها بأنها "ادعاءات كاذبة".


*حرب التصريحات بين الأمم المتحدة وإسرائيل*


بدأت القصة عندما أصدر مايكل فخري تقريرًا يسلط الضوء على الأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة، وذلك بعد أيام من هجوم مفاجئ شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص. 

في أعقاب هذا الهجوم، ردت إسرائيل بعملية عسكرية واسعة النطاق، تسببت في سقوط ما يقرب من 41 ألف قتيل، وشملت حصارًا خانقًا على القطاع، مما أعاق وصول المواد الأساسية مثل الغذاء، الماء، والوقود إلى سكان غزة، وقد وصف فخري هذا الحصار بأنه "حملة تجويع ممنهجة"، وهو اتهام قوبل برفض إسرائيلي.

رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لم يتوانَ عن الرد سريعًا على هذه الادعاءات في مؤتمر صحفي عُقد الأربعاء، قال نتنياهو: "سياسة تجويع متعمدة؟ يمكنك أن تقول أي شيء، ولكن هذا لا يجعله حقيقة"، وأضاف: "إسرائيل ملتزمة بتقديم المساعدات الإنسانية، لكن ليس على حساب أمننا القومي".

*المعابر الحدودية تحت المجهر*


تحت ضغط دولي مكثف، وخاصة من الولايات المتحدة، بدأت إسرائيل تدريجيًا في فتح بعض المعابر الحدودية للسماح بدخول شحنات إنسانية، لكن هذه المساعدات كانت محدودة وتمت تحت إجراءات أمنية صارمة.

وأشار فخري إلى أن هذه المساعدات كانت تذهب غالبًا إلى مناطق جنوب ووسط غزة، بينما الشمال، الذي يضم أكبر تجمعات سكانية، كان يعاني من نقص حاد في الموارد.

ويرى البعض أن هذه الإجراءات لم تكن كافية للتخفيف من المعاناة الكبيرة التي يعيشها سكان غزة، حيث يشير تقرير فخري إلى أن أكثر من 80% من سكان القطاع يعانون من نقص حاد في الغذاء بحلول ديسمبر.

ووصف هذا الوضع بأنه غير مسبوق في التاريخ الحديث، قائلًا: "لم نشهد من قبل أن يتم تجويع سكان بهذه السرعة وعلى هذا النطاق الواسع كما حدث مع الفلسطينيين في غزة".

وأضاف فخري، منذ بدء الحرب في غزة، تلقيت تقارير مباشرة عن تدمير النظام الغذائي في القطاع، بما في ذلك الأراضي الزراعية وصيد الأسماك، وهو ما تم توثيقه والاعتراف به من قبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة وغيرها، وأضاف أن "إسرائيل استخدمت المساعدات الإنسانية كسلاح سياسي وعسكري لإلحاق الأذى وقتل الشعب الفلسطيني في غزة".

*اتهامات وأبعاد تاريخية*


ما يجعل هذا التقرير أكثر تعقيدًا هو الربط بين الوضع الحالي والجذور التاريخية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ففي تقريره، يلفت فخري إلى أن هذه "الحملة" تأتي بعد 76 عامًا من استقلال إسرائيل وتشريد الفلسطينيين.

ومنذ ذلك الحين، يقول فخري إن إسرائيل استخدمت "مجموعة كاملة من تقنيات الجوع والتجويع" لفرض سيطرتها على الفلسطينيين، مؤكدًا أن إسرائيل تسعى لتحقيق درجة متقدمة من التحكم في حياة الفلسطينيين من خلال أنظمة الغذاء.

هذه الاتهامات لم تكن الأولى من نوعها، إذ طالما واجهت إسرائيل انتقادات دولية بشأن سياساتها في غزة، لكن الجديد في تقرير فخري هو التركيز على مسألة الغذاء كأداة للحرب.

فهو يرى أن هذه السياسة تهدف إلى تحقيق أغراض سياسية بحتة من خلال السيطرة على الإمدادات الغذائية وإدارة الأزمات الإنسانية بطرق تخدم المصالح الإسرائيلية.

*إسرائيل والرد الدولي*


على الجانب الآخر، ترى إسرائيل أن هذه الاتهامات تمثل تشويهًا لواقع الأوضاع في المنطقة، وأنها تأتي ضمن حملة دولية للتأثير على صورتها أمام المجتمع الدولي.

السلطات الإسرائيلية تؤكد أن ما يجري في غزة هو نتيجة لسياسات حماس التي تستخدم المدنيين كدروع بشرية وتعمل على تخزين الأسلحة في المناطق السكنية.

ورغم الضغط الدولي المتزايد على إسرائيل لفتح المعابر وتخفيف الحصار، فإن الوضع الإنساني في غزة ما يزال يثير القلق.

المنظمات الدولية تحذر من أن استمرار هذه الأوضاع قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية في المستقبل، خاصة في ظل تزايد أعداد اللاجئين وانهيار البنية التحتية الصحية والتعليمية في القطاع.

*المجتمع الدولي والدعوات للتحرك*


ومع تصاعد حدة الأزمة، تتزايد الدعوات الدولية لإجراء تحقيقات مستقلة في ما يحدث في غزة، العديد من الدول الأوروبية وبعض المنظمات الحقوقية طالبت الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد إسرائيل إذا ثبتت صحة هذه الادعاءات.

لكن في الوقت نفسه، ما يزال الموقف الدولي منقسمًا، فالولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، تواصل دعمها، معتبرة أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الإرهابية.

وفي هذا السياق، تجد الأمم المتحدة نفسها في موقف صعب بين الضغط لإجراء تحقيقات مستقلة والحفاظ على التوازنات السياسية العالمية.

*العالم يدين*


يذكر أن الاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا قد أعربوا عن إدانتهم الشديدة لتصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الذي قال إنّ "ترك سكان قطاع غزة يموتون جوعاً" يمكن أن يكون "أمراً مبرّراً وأخلاقياً".

وقال الوزير الإسرائيلي: إنّ "أحداً في العالم لن يسمح لنا بتجويع مليوني شخص، رغم أنّ هذا الأمر قد يكون مبرراً وأخلاقياً من أجل إطلاق سراح الرهائن" المحتجزين في القطاع منذ شنّت حماس هجومها غير المسبوق على الدولة العبرية في 7 أكتوبر.

وأضاف: "نحن نسمح بإدخال المساعدات الإنسانية لأنه ليس لدينا خيار آخر، نحن في مجال يتطلب أن تحظى بالشرعية الدولية لخوض هذه الحرب".