ما دلالات الأزمة الاقتصادية على مستقبل نظام أردوغان ؟
يواصل الاقتصاد التركي الانهيار في ظل سياسات أردوغان الفاشلة
يشهد الاقتصاد التركي، أزمات عديدة أدت إلى دخوله النفق المظلم بسبب سياسات الرئيس التركي رجب أردوغان؛ إذ تدهورت قيمة الليرة التركية ووصلت إلى 10 ليرات مقابل الدولار الأميركي الواحد، بعد توجه البنك المركزي التركي لتخفيض سعر الفائدة، من أجل مكافحة التضخم، وفقدت العملة التركية حوالي ثلثي قيمتها خلال 5 أعوام؛ ما استنزف دخل الأتراك إلى جانب التضخم الذي يسجل معدلات في خانة العشرات.
وشنّت المعارضة التركية هجوماً عنيفاً على نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بسبب الأوضاع التي وصلت إليها البلاد في الفترات الأخيرة، حيث ساءت الأحوال الاقتصادية بشكل صعب مع ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة، تزامناً مع الخسائر المستمرة لليرة التركية مقابل الدولار الأميركي، ومع ارتفاع وتيرة التضخم وموجة ارتفاع الأسعار التي تشهدها البلاد، سجلت ديون الأسر التركية مستويات قياسية، حيث تلجأ الغالبية إلى الاقتراض، لمواجهة الزيادات المستمرة في الأسعار مع تراجع إجمالي الدخل.
علي باباجان، رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، ونائب رئيس الوزراء الأسبق، قال في مؤتمر قبل أيام، إن الـ200 ليرة تركية كانت تعادل 123 دولاراً سابقاً، أما الآن فهي تساوي 23 دولاراً فقط. وأوضح أنه عندما تم طرح 200 ليرة تركية للتداول عام 2009، كانت قيمتها 123 دولاراً، لكن في الوقت الحالي لا تتجاوز 23 دولاراً، وهو ما يشير إلى أن القوة الشرائية تتراجع بسرعة.
وأشار إلى أن هذه الأرقام تنعكس وبشكل مباشر على الدخل القومي والناتج المحلي الإجمالي للبلاد، فبيان الدخل القومي الذي أعلنته الحكومة في البرنامج متوسط المدى لافت للنظر للغاية؛ إذ انخفضت أهداف الدخل القومي والصادرات ودخل الفرد بمقدار النصف، وتضاعفت البطالة.
غلاء فاحش
وتشير دراسة لاتحاد النقابات العمالية في تركيا إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 24.61% في أكتوبر 2021، كما تجاوز خط الفقر للمرة الأولى في البلاد مستوى 10 آلاف ليرة تركية، فضلًا عن ارتفاع معدل البطالة وفق آخر إحصائية لمعهد الإحصاء التركي الذي بلغ 12.1%، فيما بلغ عدد العاطلين 3 ملايين و965 ألفًا.
وذكر تقرير لمؤسسة رؤية أنه يعد الرئيس الرئيس التركي مسؤولًا بشكل كبير عن انهيار الليرة لتدخله المستمر في عمل الخبراء؛ إذ أقال ثلاثة محافظين للبنك المركزي التركي في أقل من عامين بسبب قيامهم برفع أسعار الفائدة، ففي يوليو 2019 قام أردوغان بعزل مراد قايا محافظ البنك المركزي السابق، وفي نوفمبر 2020 قام أردوغان بإقالة مراد أويصال محافظ البنك المركزي السابق وفي نفس الشهر، قام وزير المالية بتقديم استقالته.
تراجع اقتصادي
وأوضح التقرير أن الاقتصاد التركي زادت أوجاعه بتراجع السياحة بفعل جائحة كورونا التي تسببت في خسائر كبيرة للقطاع لتصل الإيرادات إلى 12 مليار دولار في عام 2020 مقابل 34 مليار دولار حققها قطاع السياحة في عام 2019، يشار أن السياحة كانت تساهم بنسبة 12% في الناتج المحلي الإجمالي التركي.
أيام صعبة لتركيا
ولفت أن المعطيات السابقة تؤكد أن الرئيس التركي رجب أردوغان، سيواجه أيامًا قد تكون هي الأصعب في حياته السياسية، حيث شهدت شعبيته تراجعًا رهيبًا في آخر استطلاعات الرأي؛ إذ يرى المواطنون أنه سبب رئيس في الأزمة لتجاهله منطق الاقتصاد الطويل الأجل والتركيز على المكاسب السريعة، وأن الكوادر التي تدير البلاد تفتقد الكفاءة من أجل تحسين ذلك، فضلًا عن تدخلاته المستمرة في القطاع المصرفي.
فشل النظام التركي
وعلق الباحث في الشؤون التركية محمد مصطفى، أن الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها تركيا الآن هو السبب الرئيسي فيها أردوغان، ومن المتوقع أنه ستنعكس على الانتخابات التركية المقبلة، لافتا أن معظم استطلاعات الرأي العام تشير إلى تآكل القاعدة الشعبية لحزب أردوغان، وأنه حال عدم تحسن الأوضاع خلال الأشهر الـ20 التي تفصل عن موعد انتخابات يونيو 2023، لن يستمر النظام في مكانه.
وأضاف الخبير في الشؤون التركية لـ"العرب مباشر": أن الفترة الحالية تعيش تركيا أوضاعا اقتصادية صعبة للغاية بالتزامن مع ضعف حاد في العملة المحلية، وارتفاع كلفة الإنتاج والاستيراد، في وقت تعاني فيه البلاد من التضخم وارتفاع نسب الفقر، موضحا أن الفترة المقبلة ستشهد تركيا الكثير من الأزمات التي ستعقب المشاكل التركية ويعود ذلك لعدم قدرة النظام التركي على حل الأزمات.