ماذا حدث للسودانيين في جوبا .. أزمة عاصفة؟
ماذا حدث للسودانيين في جوبا .. أزمة عاصفة؟
تصاعدت الأوضاع في عاصمة جنوب السودان، جوبا، إثر موجة من أعمال الشغب والاحتجاجات العنيفة التي استهدفت السودانيين المقيمين هناك.
جاءت الأحداث بعد تداول مقاطع فيديو مروعة توثق مقتل مواطنين من جنوب السودان في مدينة "ود مدني" بالسودان؛ ما أثار غضبًا شعبيًا عارمًا في الجنوب.
حظر تجول واحتياطات أمنية مشددة
ردًا على هذه الاحتجاجات، أعلنت شرطة جنوب السودان فرض حظر تجول شامل في جميع أنحاء البلاد بدءًا من الساعة السادسة مساءً حتى السادسة صباحًا يوميًا. وقال رئيس الشرطة، أبراهام بيتر مانوات: إن هذا الإجراء سيستمر حتى إشعار آخر؛ لاستعادة الأمن ومنع المزيد من أعمال النهب وتدمير الممتلكات. وأضاف: "لن نتسامح مع أي انتهاكات، وسيتم التعامل بحزم مع المخالفين".
استهداف السودانيين في جوبا
وقد شهدت جوبا أحداث شغب واسعة النطاق، حيث قام شبان غاضبون بنهب وتخريب متاجر مملوكة لسودانيين في عدة مناطق من العاصمة. وأفادت التقارير بإصابة أربعة أشخاص على الأقل بجروح تراوحت بين إصابات بالرصاص وأخرى باستخدام أدوات حادة، وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أغلقت الشرطة العديد من المتاجر ونقلت السودانيين إلى مناطق أكثر أمانًا خوفًا من تكرار الهجمات.
جذور الأزمة تعود لأحداث "ود مدني"
وقد بدأت الأزمة إثر مقتل عشرات المواطنين من جنوب السودان على يد مسلحين يُعتقد أنهم ينتمون إلى الجيش السوداني أو جماعات متحالفة معه في مدينة ود مدني.
واتهمت جماعات حقوقية الجيش السوداني بشن هجمات عرقية تستهدف مدنيين متهمين بدعم قوات الدعم السريع.
وأدانت وزارة خارجية جنوب السودان هذه الأحداث واستدعت السفير السوداني لمناقشة القضية.
كما دعا الرئيس سلفا كير المواطنين إلى الهدوء وعدم استهداف السودانيين المقيمين في البلاد، قائلًا: "من المهم ألا نسمح للغضب بأن يربك أحكامنا أو يدفعنا لاستهداف التجار واللاجئين السودانيين".
وسط الفوضى، أعلنت قوات دفاع شعب جنوب السودان أنها أنقذت 600 مواطن سوداني كانوا يبحثون عن مأوى وحماية.
وجرى نقلهم إلى مقر الجيش في العاصمة، حيث يتم إيواؤهم وتوفير الطعام لهم حاليًا، وأكد المتحدث باسم الجيش، اللواء لول رواي كوانق، أن هذه الخطوة مؤقتة لحماية السودانيين من الهجمات حتى يتم التنسيق مع الوزارات والمنظمات الإنسانية لتحديد موقع آمن لهم.
كما أنقذت الشرطة 45 تاجرًا سودانيًا كانوا عالقين في مناطق متفرقة من جوبا، وتم تأمينهم في مراكز الشرطة.
تحركات حكومية لاحتواء الأزمة
لمنع تكرار مثل هذه الأحداث، قامت الحكومة بنشر قوات إضافية لحماية السودانيين وتأمين ممتلكاتهم، وشددت السلطات على أنها ستتخذ إجراءات صارمة بحق أي شخص يشارك في أعمال النهب أو التخريب.
تأتي هذه الأحداث في وقت يعاني فيه السودان وجنوب السودان من أزمات إنسانية وسياسية متفاقمة، حيث تأثرت العلاقات بين الشعبين نتيجة الصراع الدائر، ودعا محللون سياسيون إلى تعزيز التعاون الإنساني بين البلدين لاحتواء التوترات وتجنب تفاقم الأزمات.
ويقول المحلل السياسي السوداني، محمد إلياس: إن ما شهدناه في جوبا هو انعكاس مباشر للصراع الدائر في السودان، والذي تجاوز الحدود الجغرافية ليؤثر على دول الجوار، والقتل الوحشي لمواطني جنوب السودان في ود مدني أطلق موجة غضب متوقعة، لكن ردود الأفعال العنيفة في جوبا تهدد بتفاقم الأوضاع بين الشعبين.
وأضاف إلياس - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-: إن الحرب في السودان لم تعد تؤثر فقط على الأطراف المتصارعة داخل البلاد، بل امتدت لتشكل أزمات للاجئين والمجتمعات المضيفة، ما حدث في جوبا دليل على أن استضافة اللاجئين في مناطق تشهد توترات سابقة قد يؤدي إلى اشتعال الأوضاع.
وأوضح، إن قرار حكومة جنوب السودان بفرض حظر تجول ونشر قوات إضافية كان ضروريًا لاحتواء الأزمة، لكن ينبغي أن يتبع ذلك إجراءات دبلوماسية فعالة لتخفيف التوتر وإعادة بناء الثقة بين المجتمعات السودانية والجنوب سودانية.