وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صباح اليوم، الاثنين، إلى إسرائيل في زيارة وُصفت بأنها الأقصر في تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إذ تستمر أقل من أربع ساعات فقط، وتأتي مباشرة بعد الإفراج عن عددٍ من الأسرى الإسرائيليين الذين كانوا محتجزين في قطاع غزة، وفقًا لما نقلته صحيفة "جيورزاليم بوست" الإسرائيلية.

هبوط طائرة الرئاسة واستقبال رسمي محدود

حطّت طائرة الرئاسة الأمريكية "إير فورس وان" في مطار بن غوريون الدولي وسط تغطية إعلامية مباشرة وإجراءات أمنية استثنائية. 

وكان في استقبال الرئيس الأمريكي كل من رئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والسفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي.

وشهدت مراسم الاستقبال بساطًا أحمر وعرضًا عسكريًا قصيرًا، دون إلقاء خطابات أو عزف أناشيد رسمية، في إشارة إلى طبيعة الزيارة البروتوكولية والسريعة التي تهدف إلى إظهار الدعم السياسي في لحظة حساسة تشهدها المنطقة.

إجراءات أمنية مشددة وإغلاق شامل للطرق

انتشرت نحو أربعة آلاف شرطي في أنحاء البلاد لتأمين الزيارة، بينما أُغلقت الطرق الرئيسية بين القدس وتل أبيب، خصوصًا الطريق رقم 1 الحيوي، في كلا الاتجاهين حتى مغادرة الرئيس الأمريكي بعد الظهر. 

وأعلنت السلطات الإسرائيلية حالة تأهب أمني في مطار بن غوريون، وأطلقت ما يُعرف بـ"إنذار ترامب"، في حين أوصت المسافرين باستخدام القطارات التي ضاعفت رحلاتها إلى أربع قطارات في الساعة بين السادسة صباحًا والثانية ظهرًا.

كما تم تحويل جميع الرحلات الدولية المغادرة من مبنى الركاب رقم 1 إلى المبنى رقم 3، فيما تأثرت الرحلات المتجهة إلى مطار رامون بإلغاءات وتأجيلات واسعة. وتوقفت خدمات سيارات الأجرة والحافلات الخاصة بالمطار حتى الساعة الثانية ظهرًا.

"الوحش" في شوارع القدس

وأكدت الصحيفة العبرية، أن تحرك ترامب في موكبه الخاص الذي يتقدمه موكب الحراسة الأمريكية المميز، بينما تنقل بسيارته المصفحة المعروفة باسم "الوحش"، التي جُلبت خصيصًا من الولايات المتحدة.

 وأكدت سلطة المطارات الإسرائيلية، أنها استكملت ترتيبات أمنية ولوجستية واسعة لتأمين تحركات الوفد الأمريكي داخل البلاد.

برنامج زيارة مكثف وسري

ووفقًا للجدول الزمني المعلن، وصلت طائرة الرئيس في الساعة 9:20 صباحًا بتوقيت القدس، ومن المقرر أن يتوجه ترامب مباشرة بعد الاستقبال إلى الكنيست في القدس حيث وصل في الساعة 10:10 بتوقيت القدس.

ومن المقرر أن يوقع ترامب في سجل الضيوف والتقى على انفراد مع نتنياهو وهرتسوغ، ثم يشارك في اجتماع موسّع مع عائلات الأسرى المفرج عنهم داخل قاعة شاغال الشهيرة في البرلمان الإسرائيلي.

وأُلغيت الخطط الأولية لعقد لقاء مباشر مع الأسرى أنفسهم لأسباب طبية ونفسية، بحسب بيان رسمي. 

وفي الساعة 11 صباحًا، يلقي ترامب كلمة أمام الهيئة العامة للكنيست، تناول فيها التطورات الإقليمية ودور بلاده في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

مغادرة مباشرة إلى مصر

بعد الكلمة، سيعود ترامب مباشرة إلى مطار بن غوريون دون توقف في فندق الملك داوود الذي كان قد حجز فيه طابقين، كما استُبعدت زيارة الحائط الغربي من برنامجه لأسباب زمنية وأمنية.

ومن المقرر أن يغادر إسرائيل في تمام الساعة الواحدة ظهرًا متوجهًا إلى مصر لحضور قمة تاريخية في مدينة شرم الشيخ بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي.

تُعد القمة المصرية التي سيشارك فيها ترامب حدثًا مفصليًا، إذ تجمع قادة عربًا وأوروبيين لمناقشة مستقبل قطاع غزة بعد الحرب، ومن المتوقع أن تُعلن خلالها وثيقة رمزية تُكرّس نهاية الصراع رسميًا. 

اللافت، أن إسرائيل لم تُدعَ للمشاركة في هذه القمة، رغم أنها ستكون معنية مباشرة بنتائجها السياسية والاقتصادية والأمنية.

تأتي زيارة ترامب في يوم يسبق احتفالات عيد "سمحات توراه" اليهودي، وفي لحظة تحتفل فيها إسرائيل بعودة بعض أسراها من غزة، ما يضفي على الزيارة رمزية سياسية قوية. 

ويرى محللون، أن الزيارة، رغم قصرها، تهدف إلى تعزيز صورة ترامب كراعٍ لاتفاق السلام المرتقب، وإظهار التزام واشنطن بأمن إسرائيل، تمهيدًا لقمة شرم الشيخ التي ستحدد ملامح المرحلة الجديدة في غزة والمنطقة.