سباق الكونغرس بين الديمقراطيين والجمهوريين.. من سيفوز بالأغلبية الحاسمة؟
سباق الكونغرس بين الديمقراطيين والجمهوريين.. من سيفوز بالأغلبية الحاسمة؟
مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية المرتقبة، تشتد المنافسة على السيطرة ليس فقط على البيت الأبيض، ولكن أيضًا على المجلسين الرئيسيين للسلطة التشريعية: مجلس الشيوخ ومجلس النواب، ورغم أن الأنظار عادةً ما تتوجه إلى السباق الرئاسي، فإن ما يجري في الكونغرس قد يكون له الأثر الأكبر على السياسة الأميركية الداخلية والخارجية، تلك المعركة المحتدمة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي ليست مجرد تنافس على عدد من المقاعد، بل هي صراع على السلطة التشريعية التي ستحدد مستقبل البلاد في ظل أزمات دولية متصاعدة، من بينها الحرب في أوكرانيا وتوترات الشرق الأوسط.
*السيطرة على الكونغرس*
في ظل أجواء الاستقطاب السياسي غير المسبوقة، تبرز أهمية نتائج انتخابات الكونغرس التي تتزامن مع الانتخابات الرئاسية، حيث ستحدد الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب شكل السياسات الأميركية خلال السنوات المقبلة.
ومع تزايد الاهتمام الدولي بالدور الأميركي في القضايا العالمية، بات من الواضح أن السيطرة على الكونغرس ستكون حاسمة في صياغة التوجهات المستقبلية للولايات المتحدة.
ورغم أن الاستطلاعات تشير إلى تقارب فرص الحزبين، فإن الغموض يسيطر على التكهنات، حيث يمكن أن تُحدث تغييرات طفيفة في أصوات الناخبين تحولًا دراماتيكيًا في موازين القوى.
في هذا السياق، تستمر الحملات الانتخابية بضراوة، وتتزايد الجهود لجذب أصوات المترددين، وسط توقعات بتأثير كبير للنتائج على السياسات الأميركية داخليًا وخارجيًا.
*معركة محمومة على 435 مقعدًا*
في انتخابات هذا العام، يخوض الحزب الجمهوري معركة للحفاظ على سيطرته على مجلس النواب الذي يضم 435 عضوًا، حيث يشغل الحزب حاليًا 220 مقعدًا مقابل 212 مقعدًا للديمقراطيين، مع بقاء 3 مقاعد شاغرة.
رغم هذا التقدم البسيط، تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن الديمقراطيين قد ينجحون في استعادة الأغلبية في مجلس النواب.
ويرى المراقبون، أن هذا التحول، إذا تحقق، سيغير من قدرة الرئيس الحالي أو المقبل على تنفيذ أجندته التشريعية، خصوصًا فيما يتعلق بالسياسات الخارجية مثل تقديم المساعدات لأوكرانيا وإسرائيل.
تاريخيًا، يشكل مجلس النواب أهمية خاصة على الصعيد الدولي، حيث تمر جميع مشاريع القوانين المتعلقة بالإيرادات عبره أولاً، بمعنى آخر، إذا أرادت الولايات المتحدة توفير تمويل لأي برنامج خارجي أو محلي، يجب أن يحصل ذلك على موافقة مجلس النواب.
لذلك، فإن السيطرة على هذا المجلس ستحدد إلى حد كبير سياسات الدعم المالي والمساعدات الخارجية، ما يجعل المعركة الانتخابية الحالية أكثر أهمية من مجرد التنافس الحزبي التقليدي.
*فرصة الجمهوريين لاستعادة النفوذ*
يعتبر مجلس الشيوخ الأميركي بمثابة الجسم التشريعي الأكثر تأثيرًا، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، ويخوض الحزب الجمهوري هذه المرة سباقًا قويًا لاستعادة السيطرة على مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون حاليًا بفارق بسيط للغاية.
الديمقراطيون يشغلون 51 مقعدًا، لكن هذه الأغلبية تشمل 4 أعضاء مستقلين يميلون للتصويت لصالحهم، وهم بيرني ساندرز، أنغوس كينغ، جو مانشين، وكيرستن سينيما.
أما الجمهوريون، فيحتفظون بـ 49 مقعدًا، ما يجعل التنافس شديدًا على المقاعد المتبقية.
ويرى مراقبون، أن نتيجة هذه الانتخابات قد تقلب الموازين السياسية في الولايات المتحدة، خاصة أن الشيوخ له دور حيوي في إقرار المعاهدات الدولية ومراقبة السياسات الخارجية.
على سبيل المثال، فإن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ تلعب دورًا رئيسيًا في الموافقة على برامج المساعدات الخارجية ومبيعات الأسلحة، فضلاً عن تعيين السفراء، لهذا السبب، فإن أي تغيير في تركيبة مجلس الشيوخ قد ينعكس بشكل مباشر على السياسة الخارجية الأميركية وعلى قدرتها على التأثير في الملفات الدولية الساخنة.
*نتائج غير محسومة*
تشير أحدث الاستطلاعات إلى أن سيطرة أي من الحزبين على مجلسي الكونغرس ليست مضمونة. في مجلس النواب، قد يتمكن الديمقراطيون من استعادة الأغلبية الضئيلة التي خسروها في انتخابات 2022، بينما في مجلس الشيوخ، تشير التوقعات إلى احتمال استعادة الجمهوريين السيطرة، ولكن هذا يعتمد بشكل كبير على نتائج الانتخابات في عدد من الولايات المتأرجحة.
هذه الولايات ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد مصير المجلسين، ومن ثم مصير السياسات العامة التي ستؤثر ليس فقط على الأميركيين، بل على العالم بأسره.
ومن بين أبرز القضايا التي ستحدد نتيجة هذه الانتخابات هي الأوضاع الاقتصادية والبطالة، فضلاً عن التدخلات الخارجية الأميركية، مثل دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا. وكما كان الحال في الانتخابات السابقة، فإن القضايا الداخلية مثل الصحة العامة والإصلاحات الاقتصادية ستكون أيضًا في صلب اهتمامات الناخبين.
*الولايات المتأرجحة*
من جانبه يقول، د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية: إن الانتخابات القادمة لن تكون مجرد مواجهة بين الديمقراطيين والجمهوريين فحسب، بل ستكون حربًا حقيقية على "الولايات المتأرجحة".
يوضح المنجي، أن هذه الولايات ستكون العامل الأساسي في تحديد مصير الكونغرس، مضيفًا، منذ فترة طويلة، لعبت الولايات المتأرجحة مثل أريزونا وبنسلفانيا وميشيغان دورًا حاسمًا في الانتخابات الأميركية، ولكن في ظل الاستقطاب الحالي، أصبحت هذه الولايات محط أنظار الحملات الانتخابية والمستثمرين السياسيين أكثر من أي وقت مضى.
وأضاف المنجي في حديثه لـ"العرب مباشر"، إن هذه الولايات، التي تتأرجح بين الحزبين، يمكن أن تغيّر ديناميكيات الانتخابات بين ليلة وضحاها، خاصة إن أي تغيير طفيف في المزاج الانتخابي قد يؤدي إلى نتائج دراماتيكية"، ويضيف المنجي، أن "التركيز المتزايد على القضايا الاقتصادية مثل التضخم والبطالة، بالإضافة إلى السياسات الخارجية تجاه أوكرانيا وإسرائيل، سيؤثر بلا شك على توجهات الناخبين في هذه الولايات".
وتابع أستاذ العلوم السياسية، أن نتائج الانتخابات قد تكون مؤشرًا على توجهات الانتخابات الرئاسية المقبلة، "السيطرة على الكونغرس ستكون المفتاح لتحديد كيف ستتطور السياسات الأميركية في السنوات القادمة".