بجهود مصرية إماراتية.. خط أنابيب جديد إلى المواصي.. أمل لإنهاء عطش غزة وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة
بجهود مصرية إماراتية.. خط أنابيب جديد إلى المواصي.. أمل لإنهاء عطش غزة وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة

أعلنت مصادر دولية عن بدء تنفيذ مشروع إنساني ضخم بتمويل إماراتي يهدف إلى تخفيف حدة أزمة المياه المتفاقمة في قطاع غزة، وذلك عبر إنشاء خط أنابيب جديد ينقل المياه من مصر إلى منطقة المواصي جنوب القطاع، حسبما نقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية.
وتابعت أن المشروع الذي تمت الموافقة عليه من قبل إسرائيل سيعمل بشكل مستقل عن شبكات المياه الإسرائيلية، ومن المتوقع أن يوفر نحو 15 لترًا من المياه يوميًا لكل فرد، بما يخدم أكثر من 600 ألف شخص.
تفاصيل المشروع وأبعاده الإنسانية
أظهر مقطع فيديو بثته وسائل إعلام إماراتية مشاهد لبدء أعمال إنشاء خط الأنابيب الذي سيمتد من محطة تحلية مصرية باتجاه منطقة المواصي على ساحل غزة الجنوبي.
وتأتي هذه الخطوة في إطار ما تصفه أبوظبي بجهودها لتطوير بنية تحتية إنسانية عاجلة في القطاع، خصوصًا في المناطق التي تشهد تجمعات سكانية كبيرة للنازحين.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن الشهر الماضي موافقته الرسمية على المشروع بعد مشاورات سياسية، وأكد أن خط الأنابيب الجديد سيعمل بمعزل عن الشبكات الإسرائيلية القائمة.
وبحسب التقديرات، سيستغرق استكمال المشروع أسابيع عدة، فيما بدأت المعدات والمواد اللازمة بالدخول إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم تحت إشراف أمني مشدد.
أزمة المياه في غزة: أبعاد كارثية
بحسب تقارير وكالة "رويترز" الإخبارية الدولية، يعاني سكان القطاع من أزمة مياه غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب، إذ يعيش نحو مليوني شخص في خيام ومخيمات مؤقتة تفتقر إلى شبكات الصرف الصحي ومصادر المياه النظيفة.
وتابعت الوكالة الدولية، أن كثير من العائلات تضطر إلى السير لمسافات طويلة يومياً للحصول على كميات ضئيلة من المياه للشرب أو الاستعمالات المنزلية، فيما تتفاقم المعاناة الإنسانية في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتفشي الأمراض.
وتشير البيانات الأممية إلى أن الحد الأدنى للاحتياجات الطارئة من المياه يبلغ 15 لترًا للفرد يوميًا، في حين لا يتجاوز المعدل الحالي في غزة ما بين 3 إلى 5 لترات فقط.
وأضافت أن هذا النقص الحاد انعكس في زيادة تقارير الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه بنسبة تقارب 150%، ومن بينها الإسهال والتهاب الكبد الوبائي، وفق تحذيرات منظمة أوكسفام الدولية.
إسرائيل ومسؤولية الإمدادات
تشير مصادر إسرائيلية إلى أن إمدادات المياه من إسرائيل إلى القطاع انقطعت بالكامل في بداية الحرب، ثم أُعيد جزء منها لاحقاً، لكن أنابيب المياه التي تضررت ما زالت خارج الخدمة.
في المقابل، أكد مكتب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) أن الجيش يشغل حالياً خطين مائيين يضخان ملايين اللترات يوميًا نحو غزة، إلا أن الاحتياجات الإنسانية المتزايدة تجعل هذه الكميات غير كافية لتغطية الطلب.
معاناة المدنيين وتحديات الحياة اليومية
وأظهرت صور التقطتها وكالات الأنباء أطفالاً وفتيات يحملون أوعية بلاستيكية ممتلئة بالمياه عبر مسافات طويلة لإيصالها إلى أسرهم، في مشهد يعكس جانبًا من حجم الأزمة.
وأوضح ممثل المجلس النرويجي للاجئين، دنمارك مالك، أن العائلات مجبرة يوميًا على اتخاذ قرارات قاسية بشأن استخدام ما يتوفر من المياه، سواء للشرب أو للنظافة الشخصية.
وأضاف أن آلاف الأطفال يرسلون يوميًا لاستبدال دور ذويهم في جلب المياه، ما يضاعف من الأعباء الإنسانية والاجتماعية للأزمة.
أهمية المشروع الإماراتي وتوقعاته
المشروع الإماراتي الذي يجري العمل عليه حالياً يُنظر إليه كأحد أبرز التدخلات الإنسانية في القطاع منذ اندلاع الحرب، حيث يتماشى مع معايير الأمم المتحدة للحد الأدنى من إمدادات المياه الطارئة. ومع ذلك، يبقى نجاحه مرهونًا بسرعة التنفيذ والقدرة على حمايته من أي أضرار محتملة في ظل الظروف الأمنية الصعبة.
وبينما ترى منظمات الإغاثة أن توفير 15 لترًا يوميًا للفرد قد يخفف مؤقتًا من الأزمة، إلا أنها تؤكد أن الحل الجذري يتطلب إعادة بناء البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة بشكل شامل، وهو ما يبدو بعيد المنال في الوقت الراهن.