أردوغان وإسرائيل.. صداقة وطيدة وروابط عسكرية

أردوغان وإسرائيل.. صداقة وطيدة وروابط عسكرية
صورة أرشيفية

كشفت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، عن عمق العلاقات بين تركيا وإسرائيل، عندما قال: "يدعوني بهتلر وعلاقاتنا التجارية تتنامى"، الذي يستغل جميع المناسبات للمتاجرة بالقضية الفلسطينية، في محاولة خداع دأب عليها، رغم أن تركيا كانت الدولة الإسلامية الأولى التي تعترف بإسرائيل.

أردوغان وشارون


علاقات ممتدة ومتجذرة، كشفت عنها مصافحة العثماني لآرييل شارون، المتهم الرئيسي في مجازر "صبرا وشاتيلا" في القدس عام 2005، بينما الأخير رحب به قائلا: "مرحبًا بك في عاصمة إسرائيل الأبدية"، دون أن يعترض أردوغان الذي قال: "إسرائيل بحاجة إلى بلد مثل تركيا في المنطقة، وعلينا أيضا القبول بحقيقة إننا بحاجة لإسرائيل".


 وقبل أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل بأكثر من عام، اعترف أردوغان بها في اتفاق تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني في 28 أغسطس 2016، والموقع بين أنقرة وإسرائيل، لحل المشكلات العالقة بين الطرفين بسبب حادثة سفينة "مافي مرمرة".


 تضمنت وثيقة التطبيع بين تركيا وإسرائيل، عبارة: "لقد تم هذا الاتفاق بين أنقرة والقدس"، بدلا من عاصمة إسرائيل الحالية تل أبيب، بمعنى أن الاتفاقية جرت بين تركيا وعاصمتها أنقرة وإسرائيل وعاصمتها القدس، مما يُعد اعترافًا صريحًا قبل العالم.


لذا ليس من المستغرب، أن تنظم السفارة التركية في تل أبيب عدة فعاليات تركية، كما سمحت حكومة أردوغان في عام 2004، بإقامة احتفال يتعلق بمؤسس الصهيونية "ثيودور هرتزل"، ولم تكتفِ بذلك بل فتحت للسفارة الإسرائيلية، المكتبة الوطنية التركية بالعاصمة أنقرة، من أجل إحياء ذكرى الأب المؤسس لإسرائيل.
كما قام أردوغان خلال زيارته للمقبرة الوطنية الإسرائيلية قبل سنوات، بوضع إكليل من الزهور على قبر "ثيودور هرتزل"، مؤسس الصهيونية، وامتدح إسرائيل.

تحالفات للوصول إلى الحكم


عقد "أردوغان" عدة تحالفات مع إسرائيل لكي يصل إلى حكم تركيا، وفتح خطًا ساخنًا مع الولايات المتحدة، بدأه بلقاءات متعددة جمعت بينه وبين السفير الأميركى الأسبق بأنقرة "مورتون إبراهاموفيتش" في الثمانينيات، الذى صار واحدًا من أخطر رجال المخابرات المركزية الأميركية في تركيا عندما كان "أردوغان" يرأس أمانة حزب "الرفاه" في دائرة "باى أوغلو" في إسطنبول.
رغم ادعاء أردوغان أنه زعيم المقاومة الإسلامية، والمُدافِع عن حق الشعب الفلسطينى في التحرر من الاحتلال الإسرائيلى إلا أنه لم يتردد لحظة في الاستعانة بصديق يهودي "إسحق لاتون" الذى يعرف كواليس اللوبى الصهيوني في واشنطن، ويملك مفاتيح الأبواب الخلفية التى يمكن أن يدخل منها رئيس حزب "العدالة والتنمية" الإسلامى إلى صناع القرار في تل أبيب، ليعلن لهم قبل وأثناء توليه الحكم في تركيا أنه: "لا خطر منا كحزب إسلامي، نحن خير ضمان للعلاقات التركية الإسرائيلية أكثر ممن سبقونا في الحكم".


وتولى "لاتون" مهمة تقديم "أردوغان" للمجتمع اليهودى الأميركي، وساعده في تمرير الرسائل التي أراد تمريرها لقيادات هذا المجتمع المؤثرة في عملية صنع القرار الأميركي، كانت رسائل أردوغان لقيادات اللوبى اليهودى الأميركى في واشنطن تؤكد أنه سيحافظ على علاقات تركيا مع إسرائيل.

تصريحات كاشفة


لا أحد ينسى تصريح أردوغان "الاعتداء على الطائفة اليهودية هو اعتداء على تركيا"، الذى أدلى به غداة الهجوم بشاحنتين مفخختين على معبدين يهوديين في إسطنبول، وهما "نيف شالوم" و"بيت إسرائيل" في ١٥ نوفمبر ٢٠٠٣، والذى أسفر عن سقوط ٢٣ قتيلاً وإصابة أكثر من ٣٠٠ آخرين.


الأمر الذى استحق عليه المكافأة، إذ منحته منظمة "المجلس اليهودى الأميركي" في نيويورك "درع الشجاعة" في يناير ٢٠٠٤، لمواقفه من محاربة الإرهاب، والعمل على التوصل لحل سلمى بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ورفض الأصولية، وثباته على الالتزام بحماية المواطنين اليهود في تركيا.


وبالتزامن مع حصوله على درع "الشجاعة" حصل على جائزة يهودية أخرى، وهى وسام "الشجاعة" من "اللجنة اليهودية الأميركية" في حفل أقيم بمدينة نيويورك الأميركية في الزيارة نفسها في يناير ٢٠٠٤.


أردوغان، قال في حفل حصوله على هذا الوسام: "إننى أتقدم بجزيل الشكر لكل مَن منحونى هذه الجائزة كوسام للتعاون بين الحكومة التركية والمؤسسات اليهودية".

 


وأضاف أن تركيا، التى تحظى بعضوية حلف شمال الأطلسي، ستظل خلال حكومته، واحدة من أوثق حلفاء إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، وأن واشنطن يمكنها أن تعول على أنقرة بوصفها وسيطا ذا مصداقية في عملية السلام بالشرق الأوسط.

جوائز يهودية


كما حصل أردوغان على جائزة يهودية ثالثة في العام التالي، فقد منحته "رابطة مكافحة التشهير" اليهودية جائزة "الشجاعة اليهودية" أو جائزة "شجاعة مَن يبالي" عام ٢٠٠٥م، وهى الجائزة التى أثارت بعض الجدل في الأوساط اليهودية، لأنها لا تمنح إلا للذين ساهموا في إنقاذ اليهود من يد النظام النازى في ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية، وقالت المنظمة مانحة الجائزة: "إن تركيا لعبت دورًا في إنقاذ العديد من هؤلاء اليهود في تلك الفترة".


الحفاوة اليهودية والإسرائيلية التى حازها أردوغان، كانت أحد مصادر النقمة عليه، وكانت أحد أكبر العوامل التى هددت شعبيته في أوساط أنصاره ومريديه، وهو ما شكل خطورة كبيرة قبيل دخوله ماراثون الانتخابات الرئاسية في ٢٠١٤، خاصة أن منافسه في الانتخابات الرئاسية "أكمل الدين إحسان أوغلو"، الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي، الحاصل على وسام الدولة الفلسطينية، الذى يعرف باسم «نجمة القدس» عام ٢٠١٥ من الرئيس الفلسطينى محمود عباس، نظرًا لجهوده من أجل استقلال فلسطين، فكان لا بد لهذا الانتهازى أن يمارس ألاعيبه، ويستخدم خطابًا معاديًا لإسرائيل كالعادة، كمناورة دعائية سياسية.

العلاقات العسكرية التركية الإسرائيلية


ففى عام ٢٠٠٢، بمجرد تولى حزب العدالة والتنمية الحكم، وقعت تركيا مع إسرائيل عقدًا عسكريًا بقيمة ٩٩٩ مليون دولار، بهدف تطوير دبابات تركية ليصل عددها إلى ٢٧٠ دبابة من طراز إم ٩٠. وفى عام ٢٠٠٥، اشترت تركيا نظم محطات أرضية من شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية بتكلفة ٢٩٤ مليون دولار، وبموجب هذا الاتفاق، حصلت تركيا على ٢٠ محطة أرضية تضم كل واحدة منها ٤ أو ٣ طائرات بدون طيار.


وفى نفس العام، زار رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إسرائيل وبحث مع المسؤولين الإسرائيليين توقيع صفقة عسكرية تصل قيمتها إلى نصف مليار دولار، تنص على تحديث ٤ طائرات حربية من طراز إف ٤ فانتوم وفى مارس ٢٠٠٩ أبرمت السلطات العسكرية التركية صفقتين دفاعيتين مع إسرائيل، الصفقة الأولى لبرامج استطلاعية عالية التقنية، والثانية لأغراض التشويش على الرادارات، وفى عام ٢٠٠٨، تواصل التعاون العسكرى بين البلدين، فقد تعددت زيارات المسؤولين العسكريين المتبادلة سواء على مستوى وزير الدفاع، أم على مستوى القوات الجوية والبحرية.


بالتوازى مع هذا في نفس العام، جرت مناورات عسكرية جوية وبحرية مشتركة مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، واستمر التعاون الاستخباراتى بين تركيا وإسرائيل بشأن الأكراد، حيث تُعتبر الحرب القائمة بين تركيا والأكراد، هى دافع من الدوافع التى دفعت تركيا إلى التوجه نحو إسرائيل عسكريًا لطلب المعدات المتطورة العسكرية، التى ترصد الأكراد في شمال العراق وسوريا.


كما تحتضن تركيا أكبر مصانع أسلحة للجيش الإسرائيلي، ووصل إلى التعاون العسكرى والسماح للطيران العسكرى الإسرائيلى بالتحليق في الأجواء التركية، حيث ينص الاتفاق على تبادُل الطيارين ٨ مرات في السنة؛ ويسمح للطيارين الإسرائيليين بالتحليق فوق الأراضى التركية لتدريب وصقل قدرات الطيارين الإسرائيليين، ليصوبوا على رؤوس الفلسطينيين بدقة، في تناقض مربك لموقف الرئيس التركى وحزبه تجاه القضية الفلسطينية.


في يوليو ٢٠١٤ أطلقت إسرائيل عملية "الجرف الصامد" ضد حركة حماس، وهو ما اضطر أردوغان للخروج بتصريحات عنترية كعادته، دعمًا وتأييدًا لعملائه في غزة، وقال: إن "الهجوم الإسرائيلي على غزة تجاوز وحشية هتلر".


لكن المفاجأة، أن حكومة أردوغان في هذا الوقت بالتحديد كانت تؤمِّن للجيش الإسرائيلى حصصه الغذائية من مختلف المؤن والأطعمة المعلبة التى يتزود بها الجنود والضباط الإسرائيليون، خلال عمليات القتال في غزة.


وهذا ما فضحته وزارة الدفاع الإسرائيلية، بعد أن أزعجتها تصريحات أردوغان، إذ أكدت في بيان أن المنتجات الغذائية التى يستخدمها الجيش الإسرائيلي مستوردة من تركيا، وأشارت إلى وجود صفقات مماثلة عقدها أردوغان مع حكومة آرييل شارون الإسرائيلية عام ٢٠٠٢ وتستمر حتى عام ٢٠٢٢.


لم يقتصر الأمر على هذا فقط، إذ تَبيَّن أن نفط شمال العراق، أو النفط الكردي، يُباع إلى إسرائيل عَبْر تركيا، ويستخدم كوقود للطائرات الإسرائيلية التى قصفت قطاع غزة، عام ٢٠١٤ حيث أشار تقرير هيئة رقابة وتنسيق سوق الطاقة الصادر في أغسطس عام ٢٠١٥، إلى زيادة مستمرة في صادرات النفط الإسرائيلي إلى تركيا.