الانهيار المتدرج .. كيف تآكل الاقتصاد اللبناني؟
تستمر أصداء سداد لبنان لسندات الـ"يوروبوندز" المستحقة في التاسع من مارس المقبل، تدوي بالأرجاء المحلية والدولية، والمقدر قيمتها بـ1.2 مليار دولار، وحالة الترقب التي تسود "بيروت" استعداداً لوصول وفد تقني من صندوق النقد الدولي.
نشرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية مقابلة مع كبير مسؤولي البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فريد بلحاج، حذّر فيها من أن لبنان يواجه خطر "الانهيار"، ما لم يطور نموذج حوكمة جديداً "أقل فساداً" و"أكثر شفافية" بالمقارنة مع النظام القائم.
الإنصات إلى الشعب
شدد بلحاج، على ضرورة توقف السياسيين عن ممارستهم والإنصات للبنانيين، متوجهاً إلى المسؤولين بالقول: "لا يمكنكم مواصلة ما كنتم تقومون به لأعوام خلت عندما ترون رد فعل الشارع وعندما ترون حالة الاقتصاد الراهنة".
ونقلت "بلومبيرغ" عن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، قولها إن الصندوق سينظر في تقديم دعم مالي "إذا ما اقتنعنا بأن ثمة جدية في مقاربة الحكومة".
وفيما لفتت الوكالة إلى أنّ بعض المسؤولين اللبنانيين قالوا إن لبنان لا يرغب في الحصول على حزمة إنقاذ شبيهة بالتي حصلت عليها الأرجنتين من الصندوق في العام 2018، نظراً إلى أنّها ستكون مشروطة، موضحة أن جورجيفا لم تحدد الشروط المحتمل فرضها على لبنان.
وتابعت "بلومبيرغ" بالقول إنّ السياسيين اللبنانيين يخشون من أن يطلب صندوق النقد زيادة الضرائب وتحرير سعر صرف الليرة الثابت منذ التسعينيات. وفي هذا السياق، قالت الوكالة إنّ حجم الدين السيادي يزيد عن 150% من الناتج المحلي الإجمالي، إذ يحتل لبنان المركز السادس عالمياً لجهة أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي، مضيفةً بأن المستثمرين الأجانب يدرسون احتمال تخلّف الدولة اللبنانية عن سداد ديونها.
هبوط السندات
وقالت الوكالة إن أغلبية سندات الـ"يوروبوندز" اللبنانية هبطت إلى ما أقل من 35 سنتاً للدولار، مبينةً أن سعر السندات سجل انخفاضاً قياسياً الأسبوع الفائت قدر بـ74 سنتاً للدولار.
بالعودة إلى بلحاج، فإنّه أمِل بأن تنجح الحكومة الجديدة في حل المسائل العالقة منذ فترة طويلة، متحدثاً عن تحسين إمدادات الكهرباء وتحرير قطاع الاتصالات وإصلاح التعليم.
في هذا السياق قال الكاتب الصحفي اللبناني والمحلل السياسي البارز فادي عاكوم، إن مديونية لبنان صارت 100 مليار دولار، لافتاً أن المشكلة الأكبر إلى جانب ارتفاع المديونية، تأتي في ظل توقف كل القطاعات الإنتاجية وتوقف سعر الدولار، مقابل الليرة.
أضاف عاكوم لـ"العرب مباشر": بالإضافة إلى توقف حلقة الاستيراد والتصدير وارتفاع نسبة البطالة، بالتالي بدأت بالفعل الدولة اللبنانية بالانهيار المؤسسي، فإذا قررت اللجوء إلى صندوق النقد الدولي ليس بهذه السهولة الكبيرة".
حيث أشار إلى أن صندوق النقد الدولي لديه قائمة شروط لتقديم مساعدة لأي دولة، قائلاً: "من الشروط الأساسية التي طرحها البنك الدولي والمجموعة الدولية والأوروبية والخليجية، لمساعدة لبنان، وقف الفساد ووقف الهدر المالي، وترشيد الإنفاق، وضبط الأسواق، ورفع الدعم عن بعض السلع"، مؤكداً أن تلك الخطوات تحتاج إلى فترة زمنية طويلة، خصوصا أنه لا ثقة في الدولة اللبنانية كحكومة ومؤسسات.
تابع: "كون هذه الوعود سبق وارتبطت بالحكومة أكثر من مرة وقدمت وعودا أكثر من مرة ولم تفِ بوعودها والبنك الدولي بانتظار خطوات فعلية حتى تتم المساعدة".
أكد أنه حتى إذا احتاجت هذه الإجراءات فترة بين الستة شهور والسنة على أقل تقدير لتبدأ تظهر بالدولة اللبنانية، بالتالي هذه الفترة غير متاحة للبنان كونه لا يملك حاليا رفاهية الوقت على الإطلاق.
أشار أن لبنان وصل إلى مرحلة أنه غير قادر على دفع ديونه الخارجية، وفوائد الديون بالإضافة إلى عدم القدرة على استيراد مواد أساسية كالطحين والمحروقات بمعنى أن الأمور وصلت عند الخط الأحمر، مشيرا أنه حتى إذا قدر لبنان فإن الدول الأوروبية والخليجية متخذة قراراً بعدم دفع الوعود المالية للبنان إلا بعد الإصلاحات.