الحزن والرعب يحيطان بأهالي معتقلِي الرأي في قطر
استقبل أهالي المعتقلين في قطر شهر رمضان المبارك وهم يترقبون أن تفرج النظام القطري عن المعتقلين بسبب تفشي وباء كورونا في معظم السجون، ومر الأسبوع الأول من رمضان وفقد أهالي المعتقلين الأمل في خروج أبنائهم وأن يمر عليهم الشهر الكريم وقد رفع الظلم عنهم، معاناة أسر المعتقلين تضاعفت منذ تفشي وباء كورونا في السجون واعتراف النظام القطري بوفاة أكثر من سجين، وسط حالة من الإهمال الطبي وسوء المعاملة بلا أي اعتبارات إنسانية، ثم مجيء شهر رمضان بما يحمله من ذكريات مع ذويهم في المعتقلات ليزيد أحزانهم.
السجون القطرية الأسوأ في انتهاك حقوق الإنسان
منظمات حقوقية انتقدت التعنت القطري ضد المعتقلين، وحرمان ذويهم من زياراتهم طوال مدة عقوبتهم التي تمتد لسنوات دون محاكمة عادلة، مؤكدين أن انتهاك حقوق الإنسان في السجون القطرية يزداد كل عام عن السابق، خاصة أن معظم المعتقلين في قضايا سياسية لم تتجاوز تهمهم (انتقاد الأسرة الحاكمة) دون تجاوز أو سب أو انتقاد أوضاع وتصرفات خاطئة للحكومة فدفعوا من أعمارهم ثمن الاعتراض.
مراقبون أكدوا أن تسخير النظام القطري لوسائل الإعلام وعلى رأسها قناة الجزيرة والصحف المدعومة من الحكومة للحديث عن السجون الراقية أمر لا يمكنه خداع أحد، فالنظام القطري لو أنفق جزءا من الأموال التي يتم إنفاقها على أذرعه الإعلامية لتطوير السجون لتحسن سمعته دوليًا بالفعل بدلاً من تزايد الانتقادات من المنظمات الحقوقية والإنسانية حول العالم للتعسف القطري ضد المعتقلين.
ورصدت المنظمات الحقوقية شتى أنواع التعذيب على يد السلطات القطرية للمعتقلين، أبرزها حرمانهم من حقهم في رؤية أهلهم، وكذلك مصادرة أي متعلقات يرسلها الأهل وحبسهم بشكل انفرادي بالإضافة إلى معاناة معظم المعتقلين من أمراض سوء التغذية ومنعهم من الشكوى.
"سجون تميم" السرية تشهد حالات تعذيب تصل إلى الوفاة
يقول ناشط حقوقي قطري، شدد على عدم ذكر اسمه، المواطنون يدفعون أعمارهم مقابل كلمة انتقاد واحدة قالوها، موضحًا أن 90% من المعتقلين تم إلقاؤهم في السجون دون محاكمات، أما الباقون فتم محاكماتهم بشكل هزلي لا يمت للواقع بصله وحرمانهم من توكيل من يدافع عنهم وتعيين محامٍ من قبل الدولة لا يتحدث، وفي داخل المعتقل يلقى معظمهم في غرف انفرادية لأشهر طويلة دون أن يعرف أهلهم مكان اعتقالهم وبعضهم يموت ولا يتم إخبار أهله إلا بعد سنوات من موته.
وأضاف، هذا التعسف والقمع الذي يتم بأوامر عليا صادرة من الشيخ تميم بن حمد شخصيًا هدمت كل الثوابت والقوانين التي بنيت عليها قطر، فلا احترام لحقوق الإنسان ولا رحمة، مؤكدًا أن السجون التي تخضع للتفتيش الأممي لا تزال تحتفظ ببعض القوانين الإنسانية إلا أن تميم بن حمد نجح في إنشاء شبكة من السجون السرية التي يقبع فيها المعتقل لأشهر ويتعرض فيها لأقصى درجات الإهانات والتعذيب وانتهاك الكرامة، ولا يمر عليها شهر دون تسجيل حالة وفاة على الأقل داخل جدرانها نتيجة التعذيب المتواصل.
السلطات القطرية لا تهتم بالمواطن العادي فكيف تنتظر أن ترحم المعتقل
يقول م.ا، محامٍ قطري، لا أعرف كيف أصارح أهالي المعتقلين بحقيقة الأوضاع داخل السجون، ففيروس "كورونا" تفشى بشكل كامل وسط إهمال جسيم من السلطات التي لا تهتم من الأساس بالقطريين خارج السجون حتى تهتم بمعارضيها المعتقلين.
وأضاف، أحد المعتقلين أخبرني أن عدد الإصابات داخل السجون تجاوز الـ 2300 حالة، تم التأكد بشكل كامل من إصابتهم بعد أخذ مسحة منهم وظهور نتيجتها الإيجابية، موضحًا أن المعتقلين طالبوا السلطات بحصر المخالطين ونقلهم إلى المستشفيات وهما بالآلاف، إلا أن إدارة السجن رفضت الأمر رفضًا قاطعًا وأخبروهم أن المستشفيات تمتلئ عن آخرها.
وتابع، هذا ما يحدث مؤخرًا بسبب تفشي فيروس كورونا، ولكن المعتقلين يعيشون سلسلة من المعاناة لا تنتهي، فمنذ اليوم الأول لهم في المعتقل وهم يواجهون الانتهاكات الممنهجة على يد السلطات القطرية، فلا رعاية صحية من أي نوع، وعزل انفرادي بدون أسباب واضحة وطعام سيئ وحرمان من رؤية الشمس معظم أيام السنة.
واختتم حديثه، لا أستطيع أن اصف لكم حجم القهر والمعاناة لأهالي المعتقلين الذين يحاولون الاطمئنان من خلالي على أبنائهم، ولا أستطيع طمأنتهم، فهم يعيشون في رعب من أجل ذويهم فالحزن على غيابهم ضاعفه الرعب على مصيرهم بسبب تفشي وباء كورونا في السجون.
السلطات القطرية لن تخرج معتقلي الرأي حتى لو أصيب الشعب بالكامل
في السياق نفسه، يقول م.ت، والد أحد المعتقلين، منذ بداية رمضان ونعيش جميعًا في حالة من الحزن الشديد التي أصبحت تمتزج بالخوف والرعب من فقدان ولدي، الذي تم اعتقاله بعد انتقاده للأمير تميم بن حمد على حسابه الشخصي على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ومضيفًا حاولت زيارة ابني للاطمئنان عليه ورفضت إدارة السجن، أخبرتهم أن هناك تقارير تؤكد تفشي وباء كورونا في السجون فلم يجب أحدهم على أسئلتي.
وأضاف، حاولت تحذيرهم وإخبارهم أن الضباط والمسؤولين في السجن يعتبرون من المخالطين للحالات المصابة، ورغم الخوف الواضح في أعينهم إلا أنهم رفضوا التعليق تمامًا، ونصحني أحدهم قائلًا: "إذا أردت مساعدة ابنك، من الضروري أن تشتري أدوات تعقيم وتنظيف شخصية وتتركها هنا لنوصلها له ولزملائه".
وتابع، أحد الضباط أخبرني أن الدولة اتخذت قرارًا بعزل المنشأة العقابية بشكل كامل، ونقلت المساجين إلى أحد المباني وطهرت المبنى بالكامل فور ظهور الحالة الأولى، مضيفًا، فسألته هل يمكن أن يخرج ابني في رمضان، فأكد أن السلطات القطرية لم تلمح حتى إلى إجراء مماثل، فكل ما قالوه أن من المحتمل أن يتم الإفراج عن السجناء في القضايا المالية فقط أما معتقلو الرأي والمعارضون فلن يروا الشمس مطلقًا، وقال لا تعتمدوا على تفشي وباء "كورونا" فالسلطات لن تخرجهم حتى إذا أصيب الشعب القطري بأكمله.