وفاة جديدة.. تقارير دولية وحقوقية تكشف واقع التعذيب في السجون العراقية

كشفت تقارير دولية واقع التعذيب في السجون العراقية

وفاة جديدة.. تقارير دولية وحقوقية تكشف واقع التعذيب في السجون العراقية
صورة أرشيفية

جاء إعلان أسرة المواطن العراقي المعتقل محمد الدبي عن مقتله جراء التعذيب وسوء المعاملة في سجون مديرية مكافحة جرائم البصرة، دافعا لتسليط الضوء على تكرار حوادث الوفاة لنزلاء السجون العراقية التي تقع عادة بسبب التعذيب أو في ظروف غامضة، وهو ما أكدته تقارير حقوقية.

وعلى خلفية وقائع عديدة من التعذيب الذي أفضى إلى القتل، تتجه انتقادات واسعة أمميا وعراقيا صوب ملف السجون العراقية.

ومن بين آخر الحالات الموثقة، سجلت سجون محافظة البصرة أقصى جنوبي البلاد، حالتي وفاة أخريين ألقتا بظلالهما على النظرة الدولية والحقوقية لسجون العراق.

ظروف تهيئ التعذيب

ويسلط تقرير بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، الضوء على ظاهرة التعذيب وسوء أوضاع السجناء في العراق في تقرير مفصل.

ويحث التقرير على منع التعذيب في أماكن الاحتجاز في العراق، بما في ذلك إقليم كردستان، حيث يكشف في محتواه عن عوامل الخطر، مطالبا بالحد منها والقضاء على الأسباب المحتملة.

وفي هذا السياق تشير ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس- بلاسخارت، إلى أنه: "لا توجد ظروف، مهما كانت استثنائية، تبرر التعذيب أو أي شكل من أشكال الإفلات من العقاب".

أرقام من سجون العراق

ويغطي التقرير الفترة الواقعة بين 1 يوليو 2019 حتى 30 أبريل 2021، ويستند التقرير إلى مقابلات تم إجراؤها مع 235 شخصا من نزلاء السجون، حيث كشف أكثر من نصف المحتجزين الذين قابلتهم بعثة الأمم المتحدة روايات موثوقة وذات مصداقية عن التعذيب، بما يتفق مع الأنماط والاتجاهات التي وثقتها في الماضي منظمات حقوقية.

١٩ ألف نزيل في سجون العراق

ووفقا لتقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس"، فإن ما لا يقل عن 19 ألف شخص يقبعون في السجون العراقية بتهم الانتماء لمنظمات إرهابية، مشيرة إلى أن أكثر من ثلاثة آلاف منهم حكم عليهم بالإعدام.

وبحسب الوكالة، قال مسؤول عراقي، رفض الكشف عن اسمه، إنه وفقا لمعطيات في نهاية يناير الماضي، فإن عدد السجناء الإجمالي في العراق يبلغ 27849 شخصا، بمن فيهم المتهمون بقضايا الإرهاب.

وأوضحت الوكالة أن آلافا آخرين محتجزون في سجون تابعة للشرطة الاتحادية والاستخبارات العسكرية العراقية والقوات الكردية (البيشمركة).

وأشارت الوكالة إلى أن 8861 من السجناء أدينوا بتهم متعلقة بالإرهاب منذ بداية عام 2013، كما يحتجز 11 ألفا آخرون في سجون تابعة لاستخبارات وزارة الداخلية، ويخضعون للاستجواب أو ينتظرون المحاكمة.

وأضافت الوكالة: أن عددا كبيرا من العراقيين احتجزوا في الأعوام الأولى من الألفية الثالثة، أثناء محاربة القوات العراقية والجيش الأميركي الجماعات المسلحة بانتماءاتها المختلفة.

كما أشار التقرير الى أنه تم اعتقال العسكريين الأميركيين في 2007 أثناء الغزو الأميركي للعراق 25000 شخص. ولا يزال نحو 6000 شخص، اعتقلوا بتهمة الإرهاب بحلول عام 2013، يقضون فترات عقوباتهم.

وبحسب التقارير الحقوقية، أظهرت النتائج أن معظم الشروط القانونية والضمانات الإجرائية، التي يمكن أن تمنع التعذيب لم يتم احترامها بشكل روتيني، ما يثير المخاوف بشأن عدم وجود رقابة قانونية فعالة لمعالجة حالة غرف الاستجواب وأماكن الاحتجاز.

آليات رقابية ضعيفة

كما يحذر التقرير من ضعف إمكانية الحصول على الدفاع، والفحص الطبي غير الكافي، وغياب الشفافية فيما يخص الأجهزة الأمنية التي تتمتع بصلاحيات رسمية للاحتجاز، والاستجوابات، والتي تهدف بدورها إلى انتزاع الاعترافات، إلى جانب القلق من أن الآليات القائمة لمعالجة شكاوى التعذيب تبدو غير فعّالة.

ومن جانبها، أصدرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، قبل يومين، بيانا احتجاجيا، يرفض الواقع المزري للسجون العراقية.

ووصفت المفوضية بالممارسات اللا إنسانية والتعذيب بحق المعتقلين داخل السجون، داعية إلى وقف تلك الانتهاكات ومراعاة قواعد حقوق الإنسان في التعاطي مع المعتقلين.

وحسبما أوردت التقارير، قالت رئيسة مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، دانييل بيل: "سن إطار قانوني فعال يجرم التعذيب وإنفاذ آليات وطنية مستقلة للوقاية والتحقيق، على النحو المنصوص عليه في خطة العمل الوطنية لحقوق الإنسان للسنوات الخمس القادمة في العراق، من شأنه أن يساعد في معالجة النقص المستمر في محاسبة مرتكبي التعذيب".

وأضافت: "الامتثال للالتزامات القانونية والضمانات الإجرائية، وتوفير سبل إنصاف فعالة لضحايا التعذيب، سيعزز التغيير ويبني الثقة في النظام القانوني العراقي".

قانون للعفو بسبب داعش

وتشمل الانتهاكات في سجون العراق غياب مستلزمات مفهوم الإصلاح، كما أن ظروف الحرب على داعش فرضت أساليب غير موضوعية في التعامل مع المعتقلين والمحكومين على خلفية تلك المرحلة.

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن معظم المحتجزين بتهمة الانتماء لـ"داعش" قابعون في سجن الناصرية المركزي الذي يقع على مسافة 320 كم جنوب شرقي بغداد.

كما نوهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تقوم بزيارات تفقدية إلى السجون العراقية، إلى أن الاعتقالات الجماعية تثير مزيدا من أعمال العنف في المستقبل.

ومن جانبها، حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش في نوفمبر الماضي، من أن قوانين مكافحة الإرهاب في العراق تقضي بأن أولئك الذين تعاملوا بشكل غير مباشر مع تنظيم "داعش"، يتعرضون لنفس الملاحقة القضائية، التي يتعرض لها أولئك الذين ارتكبوا أسوأ جرائم الإرهاب.

وأوضح رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير، أن هناك حالات عنف وسوء المعاملة بحق معتقلين في السجون العراقية أدت إلى زيادة التطرف وتجنيد متشددين، كما يحمل ذلك بعضهم على العودة إلى ساحات للقتال بعد إطلاق سراحهم.

وحسبما نقلت "روسيا اليوم"، قالت بلقيس ويلي، الخبيرة بالشؤون العراقية في المنظمة الأممية، إنه استنادا إلى لقاءاتها مع كبار المسؤولين العراقيين، توصلت إلى استنتاج مفاده أن المسؤولين العراقيين بمن فيهم رئيس الوزراء، لا يعرفون العدد الدقيق للمعتقلين.