اللاجئون في اليونان.. هربوا من «جحيم سوريا» إلى نيران المخيمات

اللاجئون في اليونان.. هربوا من «جحيم سوريا» إلى نيران المخيمات
صورة أرشيفية

آلاف اللاجئين السوريين في اليونان هربًا من الجحيم في بلادهم ومن الاستغلال أو العمل كمرتزقة في تركيا حيث يعيشون في عدة مخيمات أُقيمت على بعض الجزر اليونانية مثل ساموس وتشيوس وكوس وليريسوس بموجب اتفاق الاتحاد الأوروبي مع تركيا في مارس 2016 والذي أقر استضافة اللاجئين في تلك الجزر اليونانية لحين دراسة أوضاع اللاجئين.

مخيم "موريا".. حياة غير آدمية والإهمال حوّل حياة اللاجئين لـ"جحيم" 


ضعف إجراءات السلامة والتكدس يهدد حياتهم ليلاً ونهارًا آخِر الحوادث المؤسفة كان حريقًا في مخيم "موريا" للاجئين في سبتمبر الماضي دفع الناس لترك المخيم والهروب إلى الشوارع والنوم على الأرصفة المئات فقدوا أوراقهم الرسمية وممتلكاتهم البسيطة، وهي المرة الثانية التي يشهد فيها المخيم نفسه حريقًا ضخمًا، بعد حريق 2016 الذي وقع نتيجة انفجار أسطوانة غاز وتسبب في مقتل وإصابة عدة لاجئين.


كما شهد المخيم، أواخر سبتمبر 2019، حريقًا لم تُذكر أسبابه الواضحة، تبعته احتجاجات لاجئين بسبب تأخُّر عملية الإطفاء 20 دقيقة، وواجهت الشرطة اليونانية الاحتجاجات وقتها بقنابل الغاز المسيلة للدموع.


وأكد مراقبون أن الإهمال الشديد في المخيمات يرجع لحالة التكدس الهائلة، حيث تم إعداد المخيم لاستيعاب 3 آلاف شخص فقط، إلا أن عدد اللاجئين فيه تجاوز الـ 22 ألف لاجئ، ويعيش داخل كل خيمة عائلتان دون غذاء أو دواء أو خدمات، بل حتى الحصول على ماء نظيف للشرب أمر غاية في الصعوبة، والمرضى يتلقون العلاج –إذا وُجد– في خيامهم فلا تستقبلهم مستشفيات.


وأضافوا، المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني غادروا المخيم بعد الهجوم الأخير على اللاجئين من قِبل بعض المواطنين اليونانيين، ذلك الهجوم الذي تسبب في فرار أغلب المتطوعين فلم يبقَ إلا منظمتان صغيرتان إحداهما تحاول بأقل الإمكانيات توصيل الكهرباء للمخيمات وأخرى تتولى مسؤولية رش الحصى الصغير على الأرض.

عنف المتطرفين في اليونان لا يختلف عن الإرهابيين في سوريا


يعيش اللاجئون السوريون في سجن كبير، بعضهم لا يتجرأ على النزول إلى المدينة للتسوق بسبب تكرار حوادث العنف ضدهم من المتطرفين في اليونان، وحتى الحياة داخل المخيم أصبحت لا تُحتمل بسبب الخلافات وحالات العنف التي ولدها شعورهم بالكبت والسجن والضغوط الحياتية غير المحتملة.


تكرار الحرائق –معظمها مجهول المصدر-  أصاب اللاجئين بحالة من الرعب فمعظمهم مستيقظ والنوم بالتبادل خوفًا من اندلاع حريق يقضي عليهم وهم نائمون،  الحريق الأخير في مخيم ليسبوس دمر 95% من محتويات المخيم وطال الدمار المكتب الذي كان يُجري مقابلات مع اللاجئين لحصولهم على حق اللجوء، لذلك يقف معظم سكان المخيم حائرين فملفاتهم داخل هذا المكتب قد احترقت بعد أن حصلوا على حق اللجوء أما الآن فهم يُعتبرون هاربين.


اللاجئون لم يجدوا أماكن سوى الأرصفة ليناموا هم وأسرهم وكانوا يعتمدون اعتمادًا كليًا على المساعدات التي تأتيهم من المتطوعين والمواطنين أو بعض الوجبات التي تقدمها المطاعم في نهاية اليوم رحمة بالأطفال الذين ينامون بالعراء منذ أيام طويلة رغم الرياح والطقس شديد الحرارة.

حياة بلا خدمات أو طعام.. مخيمات قابلة للانفجار


يقول "سهيل محمد"، 33 عامًا، شقيقي يعيش في مخيم نُقل إليه اللاجئون بدلًا من آخر تم حرقه، المخيم الجديد تم بناؤه في منطقة عسكرية ويطل على البحر مباشرة ولا يوجد به أي خدمات من أي نوع فلا حمامات باستثناء تلك التي تم إنشاؤها على عجل لقضاء الحاجة فقط بلا اغتسال أو استحمام ولا منشآت صحية أو أماكن توفر الطعام ويتم صرف 3 أرغفة فقط يوميًا للشخص ومعها بعض "الحمص" المسلوق، الجميع هناك يحلمون بوجبة طعام آدمية أو الاستحمام أو العثور على الدواء عند حاجتهم إليه.


وتابع، الجنود في مكان المخيم الجديد أخبروا أخي وأسرته أن المخيم قابل للانفجار في أي لحظة، حيث تم بناؤه على حقل للألغام وحذروه وأسرته من ضرورة تقليل التحركات والحذر وهو ما تسبب في حالة من الرعب، وعندما سأل الجندي عن الطريقة المناسبة للحذر من الألغام لم يستطع تقديم نصيحة له وأخبره أن هناك فِرَقًا من الجيش تُجري تمشيطًا للتأكد من نزع جميع الألغام التي قد تكون بجوار المخيم.


وأضاف، الأمر الأكثر صعوبة هو أن عدد الخيام قليل مقارنة بعدد اللاجئين الذي تجاوز الـ 10 آلاف شخص فينام مئات اللاجئين في العراء بين الخيام ولا يعرفون مصيرهم هل سيبقون في العراء أم ستتحسن أحوالهم.
النوم في الشارع أصبح رفاهية.. وأعداد اللاجئين تفوق قدرة المخيمات.


في السياق ذاته، يقول "سامر المازن"، 39 عامًا، حقوقي: يعيش اللاجئون السوريون في فوضى عارمة، الشرطة لم تعد تسمح لهم بالدخول للمخيم بسبب امتلائه بأضعاف قدرته على الاستيعاب، فقرر معظمهم النوم على الأرصفة بجوار المخيمات دون طعام أو شراب أو دواء أو حتى أغطية.


وأضاف، أزمتهم الحقيقية أنهم لا يعرفون إلى أين يذهبون إذا ما منعهم الأمن من النوم على الأرصفة، فحتى النوم في الشارع أصبح رفاهية غير مضمونة فالصعوبات تتكالب عليهم خاصة أن عددًا كبيرًا منهم يعاني من أمراض مزمنة وفقدوا أدويتهم بعد احتراق مخيماتهم ولم يتم توفيرها مجددًا.