تعذيب وقتل بالسجون.. الأكراد يروون معاناتهم في تركيا
تتصاعد أعمال الاضطهاد ضد الأكراد في تركيا، حتى باتت تسير على قدم وساق وبوتيرة سريعة تحت قيادة حزب العدالة والتنمية وزعيمه رجب طيب أردوغان.
ويعيش أكثر من نصف الأكراد الذي يبلغ عددهم 35-40 مليونًا في تركيا ويحملون الجنسية التركية، وقد أدى نهج الحرق والهدم والصعوبات الاقتصادية في التسعينيات من القرن الماضي إلى تحركات السكان؛ ما حَوَّل إسطنبول إلى أكبر مدينة كردية مأهولة بالسكان، قبل نظيراتها مثل ديار بكر أو أربيل.
إقالات من مناصب منتخبة
ويواجه الأكراد في تركيا حركة قمع كبيرة دون احترام للقوانين أو الدساتير، فبالرغم من حصولهم على كثير من المناصب المنتخبة سواء في البرلمان أو رئاسة البلديات غير أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يبالي بالأمر، ويترك حملة شرسة سواء لاعتقالهم أو عزلهم من مناصبهم.
وفي بداية الشهر الجاري تم تجريد ثلاثة نواب من مناصبهم واعتقالهم تابعين لحزب الشعب الديمقراطي على الرغم أن القانون لا يسمح بهذا الأمر.
وفي أكتوبر الماضي أقالت السلطات التركية، رئيس بلدية جزرة بمدينة شرناق والتابع لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، محمد زيريغ، وعينت بدلًا منه داود سنجان أوغلو وصيًا على البلدية خلفًا لزيريغ الذي توجه له السلطات اتهامات تزعم دعمه للإرهاب.
وارتفع عدد البلديات الكردية في جنوب وشرق تركيا، التي أقالت السلطات رؤساءها المنتخبين وعينت وصاة عليها، إلى 13 بلدية تابعة لحزب الشعوب الديمقراطي، من بينها 3 بلديات كبرى.
وفي 18 أكتوبر جرى تعيين وصاة على بلديات هكاري ويوكسوفا ونصيبين، في حين شهد يوم 22 من الشهر نفسه تعيين وصاة على بلديات كايابينار وبسميل وكوجاكوي في ديار بكر وبلدة أرجيش في مدينة فان.
وكان زيريغ قد انتخب رئيسًا لبلدية جزرة خلال الانتخابات المحلية، التي شهدتها تركيا في الحادي والثلاثين من مارس الماضي، بعد حصوله على 76.99% من أصوات الناخبين.
وأقدمت السلطات التركية في أغسطس الماضي في بداية حملتها ضد رؤساء البلديات الأكراد المنتخبين على تعيين وصاة على بلديات ديار بكر وماردين وفان الكبرى وبلدة كاريازي بمدينة أرضروم وبلدة كولب بمدينة ديار بكر عقب الانتخابات المحلية الأخيرة.
أكراد "ديار بكر" يدفعون فواتير فشل أردوغان
تعد ديار بكر واحدة من أكثر البلديات التركية الآهلة بالسكان الأكراد، لذا يتم فرض رسوم للكهرباء عليها وارتفاع أسعار السلع دون غيرها، في محاولة لانتقام أردوغان من "الأكراد" الذين يعتبرهم خصومه.
يقول "آرن إيام" كردي يعيش في ديار بكر، السلطة التركية تريد تجويعنا تحاول فرض الأتاوى علينا لكي تأخذ الأموال وتشتري سلاحًا لقتل أكراد سوريا، لافتاً أن أهالي ديار بكر يرفضون دفع ثمن الأزمة الاقتصادية وحدهم.
وأضاف إيام لـ"العرب مباشر": "كثيرًا ما نلاحظ ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء عن نظيرتها في الأناضول وإسطنبول وهو ما يجعلنا نتأكد أن ديار بكر تدفع فاتورة سكن الأكراد بها.
طرد 140 ألف كردي من وظائفهم منذ انقلاب 2016
من جانبه قال محمد سيرين، وهو أحد سكان ديار بكر، إن الأكراد تعرضوا إلى حملة تسريح من الوظائف الكبيرة وصلت إلى فصل 140 ألف موظف من أعمالهم؛ ما يجعلهم جميعًا لا يجدون دخلًا شهريًّا للقدرة على الإنفاق.
أضاف لـ"العرب مباشر": "قمنا بعمل وقفات واحتجاجات عديدة للعودة إلى أعمالنا ولكن دون جدوى ولم نعد إلى عملنا"، مردفاً: "نحن ببساطة نطلب ظروف عيش إنسانية".
أزمة اللغة وإظهار الهوية
ويواجه الأكراد أزمة كبيرة في إظهار هويتهم أو الكشف عن لغتهم، حتى أنه يتم اعتقال فوري لما يخرج لفظ كردي، وهو ما أكده إمام جريجوري، قائلاً: "نجبر على عدم الكشف عن هويتنا وأحيانًا تخشي من ترديد بعض الكلمات التي تكشف تلك الهوية خوف التربص بنا؛ ما يسلبنا حقوقنا كفئة تعيش بالمجتمع من المفترض أن يكون لها لغة خاصة بهم، حتى إن بعض النواب أرادوا التحايل على هذا القسم بترديد كلمات كردية قبل نطق نص القسم، فكتبت هذه الكلمات في المضبطة بعلامة "إكس" أو خاطئ.
تابع في تصريحات لـ"العرب مباشر": "أي أن لغة الملايين من البشر في هذا البلد بات يرمز لها بالرمز "إكس" بات يحظر على الناس التخاطب بها وأهلها لهم جغرافية واسعة ممتدة منذ آلاف السنين".
هجمات ضد الأكراد
ومنذ مارس 2016 تشن القوات التركية أعنف الهجمات على مناطق تقطنها الغالبية الكردية في جنوب شرقي البلاد، وفي مرات عديدة استخدمت فيها المدفعية الثقيلة وفرضت حصارًا خانقًا على منطقتي جيزره وسيلوبي بذريعة القضاء على متمردي حزب العمال الكردستاني.
وقتل في تلك العملية عشرات المدنيين وشرّد عشرات الآلاف من مناطقهم، فيما اعتمدت السلطات التركية سياسة الحصار وحظر التجول ومشاركة كافة أنواع الأسلحة والقوات البرية والجوية.
وتسبب ذلك بدمار كبير، خاصة في قضاء جيزره واتهم حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، قوات الأمن بارتكاب مجزرة في المدينة.
آلاف الأكراد في السجون التركية
فيما يقبع الآلاف من الأكراد في السجون دون جرم أو محاكمة، فضلًا عن مئات آلاف طردوا في لمح البصر من أعمالهم ووظائفهم، فليس لأي شخص من هؤلاء الحق في البقاء والعيش في تركيا، فعلى سبيل المثال نجد أن الكردي أولاش يورداكول، تعرض للضرب والقتل بسبب الهوية الكردية في السجن الذي دخل فيه بسبب جريمة جنائية؛ إذ نتج عن ضربه تمزق أعضائه الداخلية، وكسر قفصه الصدري.
وبريهان آقين، سيدة كردية معدمة فقيرة، ذهبت من شانلي أورفه إلى ولاية سامسون من أجل العمل، لأنها عاملة موسمية، لكنها لاقت حتفها في سامسون نتيجة هجوم نفذته جماعة عنصرية، وذلك أثناء مكثها داخل خيمة ممزقة بالية.