لاستعادة السيطرة على اليمن.. تنظيم القاعدة يستغل التصعيد بمأرب
يحاول تنظيم القاعدة الإرهابي السيطرة علي مأرب مستغلا الفوضي
خلال الأشهر الأخيرة، شهدت مدينة مأرب اليمنية معاناة بالغة فاقمت من الأوضاع المتدهورة بها، حيث تهدف ميليشيات الحوثي للسيطرة عليها بالتعاون مع جماعة الإخوان باليمن، لتتصدى لهم القوات الوطنية بالتعاون مع التحالف، لتزيد الميليشيات المدعومة من إيران الضغط بالتعاون مع تنظيم القاعدة الإرهابي.
تنظيم القاعدة
بالأعوام الماضية، تراجعت قوة تنظيم القاعدة باليمن بعد تعرضه لضربات متتالية، ليحاول عناصره الظهور عبر المعارك الدامية بين الحكومة والحوثي لإعادة تنظيم الصفوف، خاصة بمدينة مأرب.
وظهر القاعدة في اليمن، من أقوى أذرع التنظيم خارج أفغانستان، قبل ١٢ عاما، لتكون الجهة الأكثر شراسة في شبكة الجماعة المتطرفة على مستوى العالم، لكنه تعرض مؤخرا لخسائر عديدة في الأراضي والمقاتلين، في ظل غياب مصير قياداته.
استغلال معركة مأرب
وكشف مسؤولون في أجهزة الاستخبارات الحكومية أن المعركة الحالية بمدينة مأرب منذ الشهر الماضي، تسببت في فراغ أمني استغله أفراد تنظيم القاعدة بهدف استعادة نفوذ وتجنيد المزيد من المقاتلين.
وقال مسؤول استخباراتي: إن تنظيم القاعدة في اليمن اتخذ من محافظة مأرب بشمال البلاد، مركزا لأبرز معاقله خلال السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن القاعدة "يستفيد من الفوضى والحرب ليتمدد ويتحرك بحرية" في مناطق أخرى من المحافظة.
وأضاف: أن عناصر القاعدة عادوا إلى تدريب مقاتلين، فضلا عن تخطيطهم لإعادة بناء العلاقات مع القبائل، والحصول على "دعم مالي" محليا.
فيما يعتبر مسؤول استخباراتي يمني آخر أن "الحرب في مأرب يمكن أن تنهي حملة الضغط الضخمة التي أوشكت أن تقضي على القاعدة" في اليمن خلال الأعوام القليلة الماضية.
وتابع: إنه من المنطقي أن يكون استمرار المعركة في مأرب وعدم قدرة أي من الطرفين على الحسم، مكسبا كبيرا للتنظيم ليعيد ترتيب صفوفه.
فيما يرى مصدر قبلي أن القتال يساعد التنظيم على "إعادة تنظيم نفسه"، موضحا أن القاعدة دفعت "بعناصرها غير المعروفة والشباب للانخراط في الصفوف التي تقاتل للاستفادة من الدعم".
من السيطرة للانحدار
في بداية عام ٢٠٠٩، ظهر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية بعد لقاء لمقاتلين جهاديين بمنطقة جبلية وعرة في أبين جنوبا، بقيادة اليمني ناصر الوحيشي ونائبه السعودي سعيد الشهري، السجينين السابقين في صنعاء وغوانتانامو، ليتمكنوا من التوسع سريعا في اليمن الذي بدأ يواجه حركة انفصالية في الجنوب، وتمردا في الشمال، وأزمة اقتصادية خانقة.
وخلال عام واحد، تمكن التنظيم من تجنيد مئات المقاتلين بالمناطق الفقيرة بمساعدة القبائل، وانضم له الجهاديون من آسيا وإفريقيا، وتبنى هجمات مميتة ضد القوات المحلية في اليمن وكذلك في السعودية، وأصدرت واحدة من أولى المجلات الجهادية الناطقة بالإنجليزية على الإنترنت "انسباير".
كما نفذ العديد من الهجمات الإرهابية، من بينها الهجوم على المدمرة "يو إس إس كول" قبالة مدينة عدن الجنوبية الذي أسفر عن مقتل 17 عسكريا أميركيا في عام 2000.
وفي 2014، تمكن القاعدة من السيطرة على البلدات، ثم مدينة المكلا الجنوبية في 2015 لمدة عام كامل، ولكن مع تدشين السعودية للتحالف العسكري لدعم الشرعية في اليمن خلال ذلك العام، للتصدي الحوثيين، ودحض الإرهاب بالبلاد أيضا، لتنجح في تسديد خسائر بالغة للقاعدة.
وخلال ذلك الوقت، استهدفت الطائرات بدون طيار والقوات الخاصة الأميركية مكان القادة وقتلهم، بمن فيهم الوحيشي في عام 2015، بالتزامن مع تنامي تنظيم داعش الإرهابي بالمنطقة، لتظهر تحديات بالغة أمام القاعدة، بالإضافة للمشاكل المالية واتهام عدد من عناصرها بالخيانة، بينما انضم آخرون إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
ورغم ذلك، استمرت الجماعة في استغلال الفراغ الأمني بسبب الصراع المستمر في اليمن وشن هجمات في مناطق جنوب ووسط اليمن مع إفلات نسبي من العقاب، بحسب تقرير أميركي سنوي عن الجماعات الإرهابية في 2019، حيث وصل عدد مقاتلي القاعدة للآلاف في 2019.