معاناة أولياء الأمور القطريين مع "وزارة التعليم".. أزمات لا تنتهي

معاناة أولياء الأمور القطريين مع
صورة أرشيفية

شكاوى واستغاثات يطلقها الآباء والأمهات في قطر، خوفًا على أطفالهم من مستقبل غامض وتعليم يتداعى في ظل انشغال الحكومة بتنفيذ أجندات ومؤامرات خارجية ووضعهم للشعب القطري في آخِر قائمة اهتماماتهم، الأمر الذي تسبب في تداعي كافة القطاعات في قطر سواء أكانت اقتصادية أم صحية وخاصة التعليمية، فلا يمر أسبوع دون قيام الأهالي بانتقاد الحكومة القطرية على مواقع التواصل الاجتماعي لتجاهلها شكواهم وخوفهم على مستقبل أطفالهم في ظل تدهور الأوضاع في المدارس الحكومية القطرية وسوء المواد التعليمية التي يتلقاها التلاميذ منذ بداية حياتهم التعليمية وحتى نهايتها الأمر الذي ينعكس عليهم في سوق العمل ويتسبب في تفضيل العمالة الأجنبية على أبناء الوطن في شغل الوظائف الهامة، خاصة أنه ليس جميع القطريين قادرين على تعليم أبنائهم في جامعات أوروبية وأميركية، وكذلك الغالبية العظمى لا تستطيع إلحاق أطفالهم بالمدارس الخاصة مرتفعة التكلفة بشكل لا يحتمل خاصة مع خوفهم أيضًا من تدهور الجانب الأخلاقي في تلك المدارس.
 
قطريون ينتقدون أداء الحكومة وانشغالها بـ"الأجندات والمؤامرات"


لا يتوقف النظام القطري عن إنفاق ملايين الدولارات على المدارس والجامعات الأميركية، ساعيًا لتحسين صورته والاستحواذ على عقول الطلاب لتنشئة جيل يتبنى الأفكار والأجندات القطرية، أما على المستوى الحكومي فيعاني التعليم القطري من مشكلات عميقة تؤثر سلبًا على الغالبية العظمى من الشعب القطري.


مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي كشفت عن حالة من الغضب الشعبي القطري ضد حكومة تميم بن حمد تصاعدت خلال الفترة الماضية بسبب تدني مستوى التعليم الحكومي نتيجة انشغال الحكومة عن الأوضاع الداخلية المتدهورة على كافة المستويات والقطاعات، فلا يمر شهر دون حملة يقوم بها المتضررون من سوء وتدني المستوى التعليمي في قطر وانهياره يومًا بعد يوم.


خاصة مع صدور تقارير دولية تؤكد تورط مؤسسة قطر الخيرية في تمويل مبادرات تعليمية في 28 جامعة أميركية بإجمالي مبالغ تخطت المليار ونصف المليار دولار أميركي بهدف التغلغل داخل النظام التعليمي الأميركي الأمر الذي اعتبره قانونيون أميركيون انتهاكًا للقانون الفيدرالي الأميركي، متجاهلين تطوير التعليم والإنفاق على التعليم الداخلي في قطر وتحسين المنظومة التعليمية التي تخدم أبناء الوطن.
 
قضايا التعليم.. أزمة مستمرة منذ سنوات ووزارة التعليم "عاجزة"


قضايا التعليم كانت -ولا تزال- أزمة مزمنة تعاني منها الحكومة القطرية، وتتكاثر كلما تركتها الحكومة دون تدخُّل أو حلّ لتصبح قضايا تؤرق الشعب القطري بأكمله وتحرك الرأي العامّ بين الحين والآخر، وكانت أزمة ضعف المخرجات التعليمية والارتباك بين المدارس المستقلة أزمة تعود للظهور كل فترة، حيث يشكو أولياء الأمور من ضعف المناهج التي تمثل الركن الأساسي في العملية التعليمية وكذلك غياب نظام تعليمي قوي كما وعدت الوزارة في إعلانها لخطط تطويرية مستمرة لمجرد تهدئة الرأي العامّ، أما عن ضحية تلاعب حكومة تميم بن حمد فهو الطالب القطري فقط.


خبراء التعليم انتقدوا إجراءات وزارة التعليم في قطر في حلّ ومواجهة المشكلات التي تواجهها المنظومة التعليمية، مؤكدين فشل الحكومة والوزارة في حل أزمة التعليم بسبب انشغال الحكومة بأشياء أخرى تبدو لهم أكثر أهمية من ملف التعليم.


وأضاف الخبراء أن وزارة التعليم العالي حاولت تقديم حلّ للأزمة عبر تشجيع الشباب على الالتحاق بكلية التربية ومهنة التدريس إلا أن المشكلات التي يتعرض لها المعلمون في المدارس القطرية مازالت تقف حائط صدّ أمام الجميع وتنفر جميع الشباب القطري من فكرة العمل كمعلم في وطنه بسبب غياب حقوق المعلم وزيادة الأعباء الإدارية عليه وغيرها من الأسباب التي تدفع المعلمين والمعلمات للاستقالة والاحتجاج بين الحين والآخر.


وتابع الخبراء، ليست تلك هي الأزمة الوحيدة في التعليم بل استمرار عيوب وضعف المناهج الدراسية أمر أصبح لا يُحتمل، فالتعديل والتنقيح في المناهج مستمر من سنوات طويلة دون فائدة الأمر الذي زاد من حالة من الارتباك بين المعلمين وأولياء الأمور
 
معظم القطريين يعيشون معضلة تحمل تعليم فاشل أو مصروفات لا طاقة لهم بها


يقول "سعد.م"، 42 عامًا: لا حياة لمن تنادي، حكومة تميم بن حمد لا تستمع لأحد وتوجِّه كافة اهتماماتها بمؤامراتها الخارجية وانشغالها بالأوضاع في تركيا وإيران وليبيا واليمن بدلًا من الاهتمام بالداخل القطري، مضيفًا أن التعليم الحكومي تغير كثيرًا عن الماضي، ويزداد ضعفًا يومًا بعد يوم ولا يوجد من يستمع لشكوانا أو يسعى لحلها.


وأضاف سعد، المدارس الحكومة أصبحت تُخرِّج أجيالاً لا يعلمون شيئًا وحصيلتهم العلمية بعد تخرُّجهم لا تختلف كثيرًا عن لحظة دخولهم إلى المدرسة وخاصة في دراسة اللغات والعلوم بسبب ضعف المناهج والاستعانة بمعلمين ضِعاف الخبرات بسبب استقطاب كافة الكفاءات من المعلمين للمدارس الخاصة والأجنبية في قطر.


وتابع سعد، نحن نعاني من ارتفاع كبير في تكاليف المصاريف الدراسية بالنسبة للمدارس الخاصة في قطر، فالمواطن أصبح مجبرًا على الدفع بأبنائه إلى تلك المدارس حتى إذا لم يكن في مقدرته تحمل تكاليفها، أما البديل فهو إلقاء أبنائه في مدارس حكومية لا تسمن ولا تغني من جوع، موضحًا أن إنشاء المدارس الخاصة في بداية الأمر والتوسع في ذلك كان بهدف تقديم تعليم متميز لأبنائنا لكن الوضع تحول تدريجيًا ليصبح كابوسًا لأولياء الأمور وأصبح الأمر مجرد تجارة ومكاسب ووضع الأهالي بين خيارين كِلاهما شديد الصعوبة فأولهما هو تحمُّل تكاليف غير محتملة ولا طاقة لنا بها، والثاني أن ألقي بأبنائي في مدرسة سيدخلها كما سيخرج منها ولن يستفيد شيئًا إلا ضياع عدة سنوات من حياته.
 
المعلمون: نتحمَّل فشل الحكومة.. وأولياء الأمور محقون في غضبتهم


في السياق ذاته، يقول "إبراهيم،ن" 44 عامًا، معلم قطري: المنظومة التعليمية فاشلة، ودائمًا ما يتجاهل الإعلام الحديث عنها وكأن الأمر يسيء للحكومة بأن يلفت الإعلام انتباهها لأزمة تهدد مستقبل الوطن، أولياء الأمور محقون في غضبتهم فهم يدورون في حلقات مفرغة ولا يصلون لحلول أبدًا، والمعلمون عاجزون عن مد يد المساعدة للتلاميذ، لن نصمت وسنستمر في الشكوى حتى تحقيق رغباتنا، فلسنا مجبرين على تقبل العمل في قطاع متداعٍ لا يهتم به أحد في حين نرى أموال شعبنا تُوزَّع يمينًا ويسارًا على شعوب أخرى لا تعاني ما نعانيه في قطاع التعليم.


وأضاف إبراهيم: فكرت أكثر من مرة في الاستقالة من وزارة التعليم بسبب تعسف الإدارة والمعاملة السيئة التي نراها يوميًا، لا أعمل في مهنة التدريس إلا دقائق معدودة خلال اليوم، وباقي المجهود يذهب لأعباء ورقية ومهام غير أساسية تعرقل الهدف الأساسي من مهنة التدريس الأمر الذي يشعرني دائمًا بالإرهاق الذهني طوال اليوم ويؤثر بالطبع على الطلاب خاصة مع مناهج تحتاج لنسفها من الأساس وإعادة بنائها.


وتابع إبراهيم: الإجازات ممنوعة ودائمًا هناك أزمة في أعداد المعلمين، ممنوع أن أمرض ومهما أحضرت من أوراق رسمية من مستشفيات حكومية تؤكد احتياج حالتي الصحية إلى الراحة أتفاجأ بقرار خصم الراحة من راتبي وتحويلي للتحقيق بسبب تغيبي عن العمل دون عذر، موضحًا، هل من المنطقي أن يتحمل المعلم فشل الوزارة في توفير عدد كافٍ من المعلمين، نحن بشر وطبيعي أن نمرض ونحتاج لإجازات طارئة.


إبراهيم أكد أن أحوال المدارس الحكومية في قطر تزداد تدهورًا يومًا بعد يوم بشكل لافت للنظر، ووصل الأمر إلى أننا ننفق على المدرسة من رواتبنا بشراء أدوات ولوحات لتنفيذ نشاطات للتلاميذ والإدارة تخبرنا أننا نأخذ رواتب أفضل من غيرنا ويجب أن نساهم لأن ميزانية المدرسة لا تكفي.