من النفط للإرهاب وأطماع أردوغان.. أزمات ليبيا تتفاقم
يعاني الشعب الليبي من أزمات عديدة منذ سقوط نظام معمر القذافي، بين التمزق وانتشار الإرهاب وتدخل الحكومات الأجنبية، وهو ما يسعى الجيش الوطني الليبي، إلى التصدي له ووقف تلك الميليشيات المنتشرة به، بينما تحاول الدول العربية والعالمية التوفيق بين الفصائل الليبية وترسيخ السلام والأمان بالبلاد.
أطماع أردوغان
خلال الأشهر الأخيرة، تفاقمت الأزمات في ليبيا، حيث إنه في نوفمبر الماضي، أثار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلافاً ضخماً في ليبيا، حيث وقع على اتفاقية مع رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، للسيادة البحرية وآخر أمني، لذلك طالب مجلس النواب الليبي مجلس الأمن والجامعة العربية، باتخاذ موقف حاسم من التهديدات التي تمثلها تركيا لليبيا، مؤكداً أن سيادة وحرمة الأراضي الليبية "خط أحمر لن يسمح بالمساس به"، واعتبرت أن الهدف من توقيع مذكرة التفاهم البحرية بين حكومة الوفاق وأنقرة، هي مقدمة لغزو الأراضي الليبية، والاستحواذ على الثروات الليبية والحصول على موطئ قدم في جنوب المتوسط لتنفيذ الأجندات التركية.
واستغل الرئيس التركي كافة السبل للوصول إلى عمق ليبيا من خلال بعض رجاله والمرتزقة، وعلى رأسهم الليبيين من ذوي الأصول التركية وهم "الكراغلة"، من أجل التدخل في شؤون البلاد خفية، ولدعم الإرهاب فيها، فضلاً عن تأييد حكومة السراج، وتنفيذ أهدافه الاستغلالية بها أيضا.
التسلل لغرب ليبيا
وقبل أيام، كشف موقع "إيطاليا رادار" العسكري المختص بالرصد الجوي، فضيحة ضخمة، وهي وجود حركة لمرتزقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بغرب ليبيا؛ إذ رصد وصول الطيران التركي محملاً بشحنات أسلحة ومقاتلين أتراك إليها.
وأوضح الموقع الإيطالي أن طائرة عسكرية تركية ضخمة هبطت، الجمعة، في مدينة مصراتة بغرب ليبيا، بصحبة سرب جوي عسكري تركي حلق بكثافة قبالة السواحل الليبية الغربية، وهو ما يأتي ضمن تحركات تركية مشبوهة جديدة في البلاد، تستغل الانشغال بفيروس كورونا.
لم يقتصر الأمر على تلك الطائرة العملاقة فقط، حيث رصد الموقع الإيطالي المقرب من الاستخبارات الأوروبية أيضا وجود 3 طائرات شحن عسكرية تركية من نوعي بوينج ولوكهيد العملاقة حاولت التخفي عن الرادار.
وأكد أن تلك الطائرات التركية تنقل كمية كبيرة من الأسلحة والمقاتلين الأتراك وعدداً كبيراً من المرتزقة من أنقرة لليبيا، كونهم يصطحبون معهم طائرة من نوع "أواكس" المختصة بالتشويش الجوي والمراقبة.
انتهاكات سابقة
وتأتي تلك المحاولات التركية المخالفة للقوانين الدولية، في ظل استمرار دعمها لميليشيات تركية بالمال والأسلحة والمرتزقة السوريين، رغم الهدنة المعلنة لتوحيد الجهود لمواجهة كورونا وسابقتها المعلنة بجهود دولية منذ ١٢ يناير الماضي، حيث نفذت تلك الميليشيات خروقا بالطيران التركي المسير وفرقاطة عسكرية تركية في مدينتي صرمان وصبراتة الليبية الاثنين الماضي.
كما ساعدت تركيا الميليشيات في إطلاق سراح عدد من الإرهابيين من عناصر وقيادات تنظيم داعش و"مجلس شورى بنغازي" من سجون صبراتة.
بينما تقصف طائرات تركية مسيرة مواقع للمدنيين من خلال القصف العشوائي للمنازل وغيرها، فضلا عن الدفع بالميليشيات المدعومة منها لتنفيذ الهجمات العدوانية منها إعدامات ميدانية ضد عناصر الجيش والأمن في مدينتي صبراتة وصرمان.
الميليشيات الإرهابية
بينما تنتشر في ليبيا حوالي 40 ميليشيا إرهابية، فيما أطلق المشير خليفة حفتر العديد من العمليات العسكرية لمواجهة الجماعات المنتشرة بها، آخرها المعركة الحاسمة لتحرير طرابلس، والتي تمكنت من دك العديد من مواقع الإرهاب واستعادة عدة مناطق منهم، وتلقين الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق خسائر فادحة مادية وبشرية.
وفي آخر تلك النجاحات، تمكن الجيش الليبي من طرد الميليشيات من الحدود الإدارية لمدينة ترهونة، حيث كانت عملية هروب جماعية، بينما ألقى القبض على أكثر من 15 من الميليشيات بينهم مرتزقة سوريون.
كما تمكنت من القبض على الإرهابي الخطير محمد السنبختي، ذراع هشام عشماوي، فضلاً عن قتل القيادي الإرهابي عبدالرؤوف الصاري، قائد إحدى الميليشيات في مدينة زليتين، في ضربة قوية للجماعات المسلحة المدعومة من الوفاق.
كورونا في ليبيا
بينما ينتشر فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" بالبلاد، جراء تواجد الأتراك المرتزقة المصابين، حيث أعلن المركز الوطني الليبي لمكافحة الأمراض أن عدد الإصابات في البلاد بلغ ٥٩ حالة، و١٨حالة تم شفاؤها، وحالة وفاة واحدة.
وطالب الناطق الرسمي باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا، طارق أرغاز، الأطراف في ليبيا بإنهاء القتال فوراً وذلك لمنح الفرصة للتصدي إلى جائحة كورونا، ومساعدة اللاجئين والنازحين والفئات المستضعفة، مشدداً على أن وقف القتال في ليبيا مهم جداً في هذه الظروف بالتحديد، لإتاحة الفرصة أمام استجابة المنظمات للاحتياجات الإنسانية للاجئين والنازحين.
تراجع النفط
وفي ظل تلك الأزمات المتعددة، تواجه ليبيا أزمة مالية وعجزا في ميزانية 2020 بسبب استمرار إغلاق المنشآت النفطية من قِبل الجماعات الإرهابية، حيث تراجع منذ 18 يناير عندما بدأت عمليات الإغلاق، وهبط إنتاج النفط الخام إلى 163684 برميلاً يومياً، وخسرت ليبيا أكثر من 1.4 مليار دولار منذ بَدْء الإغلاق.
الاتحاد الأوروبي
فيما أعلن الاتحاد الأوروبي مؤخراً تشكيل مهمة جديدة نطاق عملها البحر المتوسط لمراقبة الحظر الأممي لتوريد الأسلحة إلى ليبيا، لاسيَّما بعد خروق ميليشيات السراج للهدنة التي وافق عليها الجيش الليبي، جعلت الجيش يتمسك بحق الرد والدفاع عن النفس.
وتدعم الحكومة الألمانية تلك المهمة بجنود وطائرة استطلاع من طراز "بي-3 سي" أوريون بطاقمها، بالإضافة إلى أن برلين تتولى مهمة مراقبة صادرات النفط غير المشروعة من ليبيا، والمساعدة في تدريب وتطوير خفر السواحل لهذا البلد، والمساهمة في الجهود المبذولة لتعطيل شبكات تهريب البشر والاتجار بهم.