منصور يافاش.. الرجل المزعج لأردوغان ومهدد لحكمه
بعد أن فقد لأول مرة منذ ما يقرب من ربع قرن، المدن الأكبر بالبلاد في انتخابات البلدية، بات رؤساؤها الجدد يشكلون تهديدًا كبيرًا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم العدالة والتنمية، لاسيَّما بعد أن امتلكوا قاعدة شعبية واسعة من خلال مساعيهم لحقوق أبناء المدن وكشف فساد النظام التركي.
منصور يافاش.. يعتبر واحدًا من المعارضين البارزين حاليًا بتركيا، وهو عمدة مدينة أنقرة الحالي، وينتمي إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، لكنه بات محل إزعاج للرئيس التركي بسبب مبادراته الاجتماعية التي أطلقها خلال جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، التي ساعدت في توسيع شعبيته بشدة في المدينة.
من هو يافاش؟
وُلد في 23 مايو 1955، في بلدة بيبازاري، حيث كان والده نجارًا وبائع صحف، بينما درس منصور في كلية الحقوق بجامعة إسطنبول في عام 1979، حيث بات محاميًا وسياسيًّا تركيًّا وعمدة سابق لبلدية بيبازاري في أنقرة، عام 1991، قبل أن يصبح عمدة العاصمة التركية أنقرة في انتخابات البلدية العام الماضي 2019، أمام منافسه من حزب العدالة والتنمية.
ذاع صيته بشدة بعد رئاسته لأنقرة، حيث بدأها بتجميد توظيف موظفي البلدية التابعين للحزب الحاكم، بينما تستمر التحقيقات في الفساد في ظل حزب العدالة والتنمية السابق، كما أمر بتنظيف تمثال مصطفى كمال أتاتورك في منطقة أولوس في أنقرة جيدًا، بعد أن تعرض لسنوات من الإهمال تحت حكم رؤساء البلديات السابقين.
في 13 أبريل 2019، حاول المجلس البلدي لأنقرة الذي يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية سحب بعض السلطات من العمدة وتفويضها إلى المجلس، بينما أكد يافاش أن محاولة الاستيلاء على السلطة كانت غير قانونية ومخالفة للوائح المجلس باستخدام سلطته التنفيذية لرفض التغييرات المقترحة.
كما انتقد يافاش أيضًا تفضيل مجلس حزب العدالة والتنمية السابق الاستعانة بمصادر خارجية لعقود بلدية لشركات خاسرة بسبب التفضيلات السياسية.
جهود أثارت غيرة أردوغان
كما سعى عمدة أنقرة للحصول على تبرعات من القادرين عبر الإنترنت، داعيًا الذين يحتاجون إلى مساعدة مالية، لتقديم طلب دعم إلى البلدية، بينما سارع أردوغان إلى الإعلان بأن هذه الحملة والمبادرات المماثلة في المدن للمعارضة، غير قانونية وصدرت بالفعل قرارات بتجميد حصيلة التبرعات.
فيما لم يستسلم يافاش، واستمر في حملته التي ساعدت الكثيرين، وتجاوز القيود والحظر الذي فرضه أردوغان، حيث دعا سكان أنقرة إلى زيارة المحلات التجارية في جميع أنحاء المدينة والتطوع بدفع المبالغ المتأخرة على الأسر المتعثرة والمتضررة من حالة الإغلاق بسبب الجائحة، كما أنشأ يافاش نظامًا عبر الإنترنت يمكن المانحين من دفع فواتير الخدمات العامة، وشراء تذاكر الحافلات وحتى تحويل الأموال إلى أولئك الذين يعانون من عثرات مالية بسبب الجائحة.
الأنجح بين رؤساء البلديات
وخلال تفشي فيروس كورونا المستجد بتركيا، سارع رئيس بلدية أنقرة الكبرى بمساعدة الأسر المتضررة من الوباء، ليخطف الأضواء من أردوغان وحزبه؛ ما سبب إزعاجًا كبيرًا للرئيس التركي، ويشكل له تهديدًا كبيرًا، وفقًا للصحف العالمية التي لفتت أيضًا إلى أن شعبية يافاش وكذلك رئيس بلدية إسطنبول التابعين لحزب الشعب الجمهوري ارتفعت بصورة كبيرة خلال أزمة كورونا.
لم يكن ذلك فقط هو ما أزعج أردوغان من يافاش، ولكن أيضا بسبب قيام عمدة أنقرة بتسديد بعض الديون في محلات البقالة عن مواطنين يعانون فقر الحال، في حملة خيرية، أطلقها قبل شهرين باسم "اللطف معد"، من أجل تخفيف الأعباء الإضافية التي تعرضت لها الأسر الفقيرة بسبب جائحة كورونا، بعد أن صدت الحكومة محاولات المعارضة جمع تبرعات للأسر الفقيرة خلال أزمة كورونا.
استطلاع رأي
وهو ما رسخه أيضًا، استطلاع رأي تركي مؤخرًا، برز فيه يافاش كقيادي معارض جديد، حيث أجرته مؤسسة PİAR للدراسات واستطلاعات الرأي في تركيا حول أداء رؤساء البلديات الكبرى، أن رئيس بلدية أنقرة الكبرى المنتمي لحزب الشعب الجمهوري منصور يافاش جاء في مقدمة أنجح رؤساء البلديات.
وبحسب الاستطلاع، فإن منصور يافاش جاء على رأس قائمة أنجح رؤساء البلديات الكبرى بعد أن حصل على 73.2% من أصوات المشاركين في استطلاع الرأي، وجاء 7 رؤساء بلديات معارضين من حزب الشعب الجمهوري ضمن أنجح 10 رؤساء بلديات.
بسبب تلك النجاحات، زادت التشجيعات داخل حزب الشعب الجمهوري بأن ينافس يافاش الرئيس التركي في انتخابات الرئاسة المقبلة.