الإخوان وقطر يشعلون الخلافات الحزبية في تركيا.. لصالح مَن؟
منذ تدشينه في منتصف 2018، يمثل أرقًا بالغًا للحزب التركي الحاكم العدالة والتنمية، ورئيسه رجب طيب أردوغان، ليشهد لاحقا انشقاقات وأزمات عاصفة، زادت من الأزمة بين التحالف الشعبي والحزب الحاكم، والتي تفاقمت للغاية مؤخرًا.
في مايو 2018، اتفقت أحزاب "الشعب الجمهوري" و"السعادة والخير" و"الشعوب" الديمقراطي في تركيا على تشكيل تحالف انتخابي وأطلقوا عليه اسم "تحالف الأمة"، حيث كانوا يهدفون إلى الإطاحة بأردوغان في الانتخابات الرئاسية حينها، على أن يشارك كل حزب بقائمته، ما عدا حزب "الشعوب" الديمقراطي سيشارك بمرشحيه من خلال قائمة حزب الخير الذي تقوده "ميرال أكشنار" المنفصلة من حزب الحركة القومية والملقبة بالمرأة الحديدية.
ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف التحالف عن هز عرش أردوغان بتركيا، حيث سبب لها عدة أزمات وكشف حقائق كثيرة عن انتهاكاته، ما ولد أزمة ضخمة مؤخرًا، لاسيما في مدينة "قونيا".
سبب الخلافات
تم إغلاق مكاتب تحالف الأمة في الفترة سابقة نتيجة الخلافات الداخلية مع حزب العدالة والتنمية، والدفع بالتحالف للابتعاد في مدينة قونيا عن نشاطاته الأساسية ومحاولة استقطاب عدد من أبناء المدينة، وذلك بعد كشفه التدخل في كثير من الأمور التي تخص طابع المدينة الديني وسبق وتم توجيه العديد من الملاحظات من قبل الحكومة التركية ومسؤولي العدالة والتنمية في المدينة.
بينما يهدف حزب العدالة والتنمية أن يضغط على الأمة ويحصره في توجيهاته وتحت إدارته، بينما زاد التحالف من النشاط الدعوي ورفضه ممارس النشاط التجاري، ما جعله ينغمس في الشارع التركي بشكل كامل، ما أدى لإجبار حزب العدالة والتنمية التحالف على تقديم ملفات سيرة ذاتية تخص جميع أعضاء حزب الأمة الذين سوف يعملون في مكاتب قونيا لوضعهم تحت المراقبة.
التحالف مع الإخوان
وفي خضم ذلك، سارع "الإخوان المسلمين" القطري بتقديم الدعم لحزب الأمة من أجل دعم نشاطاته الدعوي والتدخل في الشارع التركي، ودعمه لمحاولة خلق حزب جديد للدخول في الانتخابات القادمة والتخلي عن حزب العدالة والتنمية.
كما طرح "الإخوان المسلمين" القطري مشروع إنشاء مكتب مشترك مع حزب الأمة في العاصمة القطرية الدوحة، وسرعان ما تجاوز حزب الأمة الصلاحيات الممنوحة له من قِبل حزب العدالة والتنمية وأرسل وفدًا من أعضائه للمشاركة بعدد من الندوات الفكرية المشتركة مع الإخوان المسلمين في الدوحة لبحث التعاون والذي يعارض مصالح حزب العدالة والتنمية.
ويتولى حزب الأمة حاليا القيام بالعديد من المشاورات للقيام بفتح مكتب له في مدينة أضنة التركية وهي الخطوة الأولى التي يعلن فيها الحزب نشاطه في هذه المدينة، والهدف العمل دون توجيهات جماعة الإخوان المسلمين وحزب العدالة والتنمية.
الخلافات السياسية
وشهدت تركيا حاليا الكثير من الأزمات الداخلية بين الأحزاب السياسية، لاسيما مع إعلان كل من أحمد داود أوغلو وعلي باباجان اعتزامهما تأسيس حزبين جديدين لمواجهة حزب العدالة والتنمية، وهو ما مثل أزمة بسبب التحركات المعلنة وغير المعلنة بين الأطراف الفاعلة بالتزامن مع مجموعة من الضغوط الإقليمية والدولية بالبلاد، للتحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
في مارس 2019، أظهرت نتائج الانتخابات البلدية المنعقدة تراجُعًا واضحًا لحزب العدالة والتنمية الحاكم، بينما تمكنت المعارضة التركية وتحالفها "الأمة"، من اقتناص عدة بلديات ومواجهة سياسات أردوغان ووقف سيطرته على الكثير من المدن الكبرى في إسطنبول وأنقرة وأزمير وغيرها من المدن.
تراجع العدالة والتنمية وأردوغان
وفي أحدث استطلاع للرأي بتركيا، كشف تصاعد الغضب الشعبي ضد حزب العدالة والتنمية وأردوغان، والذي وصل إلى أدنى مستوياته حاليا، بالإضافة إلى تراجع تأييد تحالف "الجمهور" المكون من حزبي العدالة والتنمية الحاكم، والحركة القومية المعارض، مقابل ارتفاع أسهم تحالف "الأمة" المكون من حزبي الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، وشريكه حزب "الخير".
ووفقا لصحيفة "جمهورييت"، أجرت الاستطلاع شركة "متربول" التركية للأبحاث، حيث أظهرت النتائج أن حزب العدالة والتنمية، شهد تراجعا منذ فبراير الذي حصل فيه على 33.9% من أصوات المشاركين بالاستطلاع، لينخفض ذلك إلى 33.7% في مارس، و32.8% في إبريل، وصولا إلى 30.7% في مايو.
وأرجعت ذلك التراجع إلى عدة أزمات في جميع المجالات، وخاصة المجال الاقتصادي الذي تسبب في رفع معدلات الفقر والتضخم والبطالة، وانعكس على تدني شعبية الحزب الحاكم بشكل غير مسبوق.
اعتراضات على الدوحة
وفي الوقت نفسه، أكد موقع "تركيا الآن"، أن أعضاء مجلس بلدية تابعة لحزب العدالة والتنمية، طلبوا أن تكون مدينتهم مدينة إسكُدار شقيقة مع الدوحة العاصمة القطرية، ما أثار غضب أعضاء تابعين لحزب الشعب الجمهوري، بمزاعم استمرار العلاقات الحالية والتعاون مع دولة قطر من خلال زيادة الإدارات المحلية وتطوير الأنشطة المشتركة ومشاريع الخدمات في مجالات مثل الثقافة والفن وخدمات البلدية.
وانتقد "دوغان تكيل"، عضو مجلس حزب الشعب الجمهوري ذلك، قائلاً: "ماذا يعنى أن تكون دولتنا شقيقة مع دولة قطر غير الديمقراطية، بينما تُراق دماء 34 شهيدًا على الأرض؟ ما هذا العار؟".