تقارير الأمم المتحدة تكشف جرائم تركيا في سوريا.. وتهدد أنقرة بمحاكمة جرائم حرب
كشفت تقارير الأمم المتحدة جرائم تركيا في سوريا
لم تعد جرائم الاحتلال التركي في سوريا تقبل الصمت أو غض الطرف، وهو ما أصبح يقينا لدى الأمم المتحدة، فقد وثق المحققون الأمميون مؤخرا، لجرائم أنقرة في سوريا.
ويكشف تقرير محققي الأمم المتحدة عن جرائم التعذيب وسوء المعاملة والاختطاف ونهب الموارد الاقتصادية ومصادرة المباني والأراضي وفرض الضرائب في الأراضي الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال التركي والجماعات المسلحة التابعة له، محذرين من أن هذه الجرائم يمكن أن تكون سببا مباشرا لاتهام تركيا بارتكاب جرائم حرب.
وفقًا لسلسلة من التقارير الصادرة عن خبراء الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة، فإن تركيا مسؤولة عن سلامة وأمن الأشخاص في مناطق الاحتلال التي يحتلها في شمال سوريا من قِبل الجيش التركي والشرطة ومجموعة من الجماعات المسلحة التابعة له، بما في ذلك المتمردون وفصائل ما يسمى بـ"الجيش السوري الحر".
قال خبراء من لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية في تقريرهم الأخير الصادر في 8 فبراير/ شباط 2022، إنه "في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية الفعالة، تتحمل تركيا، قدر الإمكان، مسؤولية ضمان النظام العام والسلامة العامة، وتوفير حماية خاصة للنساء والأطفال، مشددين على أن تركيا تظل ملزمة بالتزامات حقوق الإنسان السارية تجاه جميع الأفراد الموجودين في هذه الأراضي.
وأوضح التقرير أن تركيا قد تواجه مثل هذه الجرائم عندما لا تتدخل القوات التركية لوقف الانتهاكات، قائلا: "قد ترقى مصادرة الممتلكات الخاصة من قِبل أطراف النزاع، ولاسيما عند تحقيق مكاسب شخصية، مثل بيع المحاصيل أو الحق في جني المحاصيل أو فرض "الضرائب"، إلى حد النهب، وهو جريمة حرب".
ووثقت تقارير الأمم المتحدة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في سوريا من قِبل جميع الأطراف المتورطة في النزاع. وتشير أجزاء من التقارير التي تركز على المناطق التي تسيطر عليها تركيا، إلى مسؤولية حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، التي أمرت بعمليات عسكرية في الأراضي السورية.
وحسبما تؤكد صحيفة نورديك مونيتور الاستقصائية، فإنه يبدو أن مثل هذه التحذيرات لم تلق حتى الآن آذانًا صاغية في أنقرة، حيث من الواضح أن حكومة أردوغان أعطت شرعية مفتوحة لسلوك وانتهاكات القوات التركية والشرطة وضباط المخابرات والجماعات الجهادية المتحالفة، وهو ما يرقى إلى الإفلات التام من العقاب. وقد استفاد أردوغان وشركاؤه السياسيون والتجاريون من الصراع، وحققوا أرباحًا طائلة من التجارة عبر الحدود وأخذوا اقتطاعات ضخمة من البضائع المهربة من النفط إلى القطع الأثرية التاريخية، من الخردة المعدنية إلى المحاصيل المصادرة القسرية.
كما لاحظت الأمم المتحدة أن "أنماط النهب والسلب والاحتلال ومصادرة الممتلكات، بما في ذلك من خلال "الضرائب"، استمرت ولاسيما خلال موسم قطف الزيتون.
ووفقًا للنتائج، تم الاستيلاء على حصاد الآلاف من أشجار الزيتون -أحيانًا تحت ستار "الضرائب"- من قِبل الجماعات المسلحة. وبين شهري يوليو ونوفمبر 2021، في المعبطلي وبلبل، الواقعة في محافظة حلب، باعت الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد حقوق جني محاصيل الزيتون لأطراف ثالثة. وعملت هذه المجموعات بالتنسيق مع الجيش التركي في التدخلات العسكرية السابقة، وتواصل تنسيق أعمالها مع السلطات التركية.
وواجه أصحاب الأراضي والممتلكات الذين اعترضوا على اغتصاب حقوقهم تهديدات وتعرضوا للضرب والخطف وحتى القتل في بعض الحالات. ووثق تقرير الأمم المتحدة أن "امرأة اتصلت بالمسؤولين الأتراك في منطقة الشيخ حديد للشكوى من الاستيلاء على منزلها فطُلب منها التحدث إلى لواء سليمان شاه، الذي من الواضح أن تركيا فوضته السلطة للتعامل مع مثل هذه الحالات".
وفي جميع أنحاء منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة الجيش التركي، تعرضت الممتلكات المملوكة للأكراد للنهب والاستيلاء عليها بجهود منسقة من قِبل عناصر الجيش الوطني السوري. و"على سبيل المثال، في أيلول/ سبتمبر 2019، وصف مدنيون في ناحية شيخ الحديد (منطقة عفرين) كيف سار عناصر الفرقة 14، اللواء 142 (لواء سليمان شاه) من الجيش الوطني السوري من باب إلى باب لإرشاد الأكراد على العائلات التي يقل عدد أفرادها عن ثلاثة أفراد لإخلاء منازلهم لإيواء الأفراد القادمين من خارج عفرين".
وبالمثل في عفرين، استولت قوات الجيش الوطني السوري على ممتلكات الأكراد في منطقة رأس العين الذين فروا من المعارك خلال عملية نبع السلام العسكرية التركية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019. وشارك أعضاء الفرقة 22 (لواء الحمزة) فيما يسمى بالجيش السوري الحر، في عمليات نهب واسعة النطاق ومنظمة ومصادرة الممتلكات في رأس العين، بما في ذلك عن طريق تعليم جدران المنازل بأسماء الألوية الفردية.
وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فقد تم تنسيق نهب الممتلكات والبضائع وبيع البضائع المصادرة والنقل؛ ما يشير إلى سياسة مع سبق الإصرار تنفذها الفصائل المسلحة والعديد من الألوية.
في إحدى الحالات، تم الاستيلاء على منزل عائلة كردية من قِبل أفراد الفرقة 22 (لواء حمزة) وسلموا مؤسسة حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية، وهي مؤسسة خيرية تركية مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، وحولت الهيئة هذا العقار إلى مدرسة دينية تم افتتاحها رسميًا في 22 يونيو 2019 من قِبل حاكم مقاطعة شانلي أورفا الحدودية التركية. كما استولى الجيش التركي على عدد من المنازل في منطقة الداودية السورية.
وتساعد مثل هذه الممارسات الرئيس التركي أردوغان في الحفاظ على مخططاته للتربح من الحرب على خلفية محنة السوريين. ووفقًا لما كشف عنه الهارب سادات بيكر، وهو حليف سابق لأردوغان ورجل عصابة مُدان، فإن الرجل الذي يتعامل مع التجارة غير المشروعة في سوريا نيابة عن أردوغان هو رمضان أوزتورك، نجل طالب أوزتورك، مساعد أردوغان منذ فترة طويلة.
وتورطت عائلة أوزتورك في تجارة غير مشروعة بين تركيا وسوريا تضمنت تهريب النفط الذي تم شراؤه من تنظيم داعش في العراق وسوريا (داعش) في الماضي، ونقل القطع الأثرية التاريخية المسروقة وإعادة بيع زيت الزيتون والقمح الذي تم شراؤه بثمن بخس. المزارعون السوريون تحت التهديد. وجمعت الأسرة ثروة من تجارة الخردة المعدنية التي تضمنت صهر النحاس والألمنيوم ومواد أخرى مسروقة من المصانع والبنية التحتية السورية.
وفي رسالة إلى مجلس الأمن الدولي في 24 تشرين الثاني 2021، اشتكى سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بسام صباغ من قيام الجيش التركي بإحضار عدد كبير من الأتراك لحصاد القمح في الأراضي التي تم الاستيلاء عليها في عفرين، وبعد ذلك تم نقل المحصول إليه، ومُنع السكان من الذهاب إلى حقولهم.
وبحسب التقرير، فإن محمد الجاسم، المعروف باسمه الحركي أبو عمشة، قائد لواء سليمان شاه، يعمل بشكل وثيق مع عائلة أوزتورك ويساعد في إدارة هذه التجارة غير المشروعة مع مقاتليه المدعومين من الجيش التركي. يُعرف أبو عمشة بتكتيكاته الوحشية بما في ذلك التعذيب وسوء المعاملة لإجبار السكان على دفع ضرائب غير قانونية وإجبار المزارعين على بيع محصولهم بأسعار رخيصة. اتُّهم هو ورجاله باغتصاب النساء في المناطق التي يسيطرون عليها.