اليوم العالمي للعمل الإنساني.. في زمن الحروب والأزمات المتفاقمة

اليوم العالمي للعمل الإنساني.. في زمن الحروب والأزمات المتفاقمة

اليوم العالمي للعمل الإنساني.. في زمن الحروب والأزمات المتفاقمة
الحروب

تحتفي الأمم المتحدة، غدًا الثلاثاء، باليوم العالمي للعمل الإنساني، الموافق التاسع عشر من أغسطس من كل عامٍ، في مناسبة تهدف إلى تكريم العاملين في الخطوط الأمامية للأزمات الإنسانية، وإحياء ذكرى من ضحّوا بحياتهم في سبيل إنقاذ الآخرين، فضلًا عن تسليط الضوء على معاناة الملايين من المدنيين حول العالم. 

هذا اليوم لم يعد مجرد احتفاء رمزي، بل تحوّل إلى جرس إنذار عالمي في ظل مشاهد الدم والدمار الممتدة من غزة التي تشهد واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية فداحة في القرن الحديث، إلى السودان الغارق في نزاعات داخلية وحرب أهلية أفضت إلى نزوح الملايين، وصولًا إلى لبنان الذي يواجه تداعيات صراع مفتوح مع إسرائيل وغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي. 

المنظومة الإنسانية تحت الحصار 


وفقًا لمركز إعلام الأمم المتحدة، تحمل رسالة هذا العام أبعادًا صريحة: المنظومة الإنسانية العالمية باتت مرهقة، مثقلة بالأعباء، محدودة الموارد، ومهددة على نحو متزايد بالاستهداف المباشر.

فالعاملون في المجال الإنساني أصبحوا، كما تصفهم الأمم المتحدة، "خط الدفاع الأخير"، يغامرون بأرواحهم لحماية المدنيين وإيصال شريان الحياة، في وقت أصبحوا فيه أنفسهم أهدافًا للقتل أو الخطف أو الاحتجاز. 

الإحصاءات صادمة 


في عام 2024 فقط، قُتل أكثر من 380 عاملًا إنسانيًا، بعضهم أثناء أداء واجبهم، وآخرون في منازلهم، فيما أصيب المئات أو اختُطفوا. 

الأمم المتحدة وحدها فقدت 168 موظفًا خلال العام، بينهم 126 في غزة كانوا يعملون في وكالة الأونروا، ما يجعلها الخسارة الأكبر في تاريخ المنظمة. 

رفح… جريمة شاهدة 


ولعل أبرز ما يطبع ذكرى هذا العام هو مجزرة قافلة المساعدات الإنسانية في رفح (23 مارس 2025)، حين استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي خمس سيارات إسعاف وشاحنة إطفاء ومركبة تابعة للأمم المتحدة في منطقة الحشاشين جنوبي رفح، ما أسفر عن مقتل 15 من العاملين في الإغاثة، بينهم ثمانية من الصليب الأحمر الفلسطيني وخمسة من الدفاع المدني.


 لم تُنتشل جثامين معظم الضحايا إلا بعد أسبوع، من مقبرة جماعية جنوب القطاع، في مشهد يلخص حجم الانتهاكات وغياب المساءلة. 

صمت دولي وخسارة إنسانية 


الأمم المتحدة شددت على أن قواعد القانون الدولي الإنساني، التي أُنشئت لصون حياة العاملين في الإغاثة والمدنيين، يتم تجاهلها على نحو مقلق، فيما يفلت الجناة من العقاب.

 الصمت الدولي إزاء هذه الانتهاكات، على حد وصف المنظمة، لم يعد مقبولًا، بل يهدد جوهر المنظومة الإنسانية برمّتها. 

ولعل العبارة التي ترددت على لسان أحد كبار المسؤولين الأمميين تختصر المعادلة: "إن عجزنا عن صون من ينقذون الأنفس، فماذا يبقى من إنسانيتنا؟".

تذكرة ببطولات عمل الإغاثة 


اليوم العالمي للعمل الإنساني لم يعد مجرد تذكرة ببطولات عمال الإغاثة، بل أصبح مرآة لأزمة أخلاقية عالمية، حيث يتعرض "حماة الحياة" للقتل والتنكيل في غزة، ويُدفع المدنيون في السودان إلى الهلاك جوعًا ونزوحًا، ويُترك لبنان في مواجهة مصيره وسط صراع لا يرحم. 

إن لم يتحول السخط الدولي إلى ضغط فاعل يفرض احترام القانون الدولي ويدعم العاملين في الإغاثة، فإن العالم يخاطر بخسارة جوهره الإنساني ذاته. 

تأسيس اليوم العالمي للعمل الإنساني

يرتبط اليوم العالمي للعمل الإنساني بذكرى الهجوم الذي استهدف مقر الأمم المتحدة في بغداد عام 2003، وأودى بحياة 22 موظفًا أمميًا، بينهم الدبلوماسي البرازيلي سيرجيو فييرا دي ميللو، الممثل الخاص للأمين العام في العراق آنذاك.

ومنذ عام 2008، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 19 أغسطس ليكون مناسبة سنوية لإحياء ذكرى الضحايا وتكريم العاملين في المجال الإنساني حول العالم.