"أموال الهبات المنهوبة".. اللبنانيون يواجهون المسؤولين بفسادهم
يعاني الشعب اللبناني ويلات إنهيار الإقتصاد
بالرغم من أن وزارة الخزانة الأميركية قدرت الأموال المنهوبة في لبنان بـ 800 مليار دولار حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في أحد تقاريرها، حيث نفذها 90 بالمئة من الذين حكموا البلاد بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أيضا، فلا تتضاءل آمال الشعب اللبناني باستعادة أموالهم المنهوبة على رغم الصورة السوداوية في البلد الذي أضحى مهددا بانعدام الأمن الغذائي لجزء كبير من سكانه كما حذرت "الفاو" منظمة الأغذية العالمية في أحدث تقرير لها.
ومع فقدان الثقة ببعض القضاء اللبناني لإجراء تحقيقات في ملفات فساد واختلاس أموال عامة، لتأثير السياسيين عليه، اتّجه عدد من المحامين والناشطين في الحراك الشعبي الذي انطلق في 17 أكتوبر 2019 إلى القضاء الخارجي لفتح تحقيقات حول أموال اللبنانيين المنهوبة واختلاس مساعدات قدّمتها دول خارجية لتمويل مشاريع إنمائية.
محاربة الفساد لا يتعدى شعارا للحكومة
ويقول أحمد ناصر، إنه على الرغم من أن الحكومات المتعاقبة في لبنان رفعت شعار "محاربة الفساد" ووقف هدر المال في القطاع العام، من دون أن تُقدم على إجراء عملي واحد لتنفيذ ذلك عمليا، كون غالبية الموظفين يتمتعون بحماية القوى السياسية التي عيّنتهم، وفي محاولة لاحتواء غضب الشارع مؤخراً، باشر القضاء خلال الأسابيع الماضية تحقيقات في قضايا عدة بينها جرائم اختلاس وتبديد أموال وإهدار المال العام لمنافع شخصية وتهريب أموال خارج البلاد.
وأضاف: "الطبقة السياسية هي أول المستفيدين من منظومة الفساد منذ عقود، وفي أغسطس من العام 2017، أقرّ لبنان قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي منح موظفي القطاع العام علاوات، ونص أحد بنوده على تعليق التوظيف، و رغم ذلك، تم لاحقا توظيف خمسة آلاف شخص في ظروف غامضة".
الاستماع لوزير الخارجية الفرنسي
ومن بين المبادرات التي قام بها ناشطون في لبنان بعد انطلاق الحراك الشعبي للتحقيق في الأموال المنهوبة، توجه محامون إلى القضاء الفرنسي، وكان من بين مطالباتهم للسلطات الفرنسية الاستماع إلى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان كشاهد حول هدر أموال عامة في لبنان مقدمة من الدولة الفرنسية على شكل هبات، كان سبق وتحدّث عنها في إحدى تصريحاته قبل انطلاق الحراك الشعبي في لبنان.
وهناك شبه إجماع داخل البرلمان الأوروبي حول محاسبة المسؤولين عن الفساد في لبنان وضرورة استعادة الأموال المنهوبة، ووزير الخارجية الفرنسي سبق وكانت له تصريحات حول الطبقة السياسية الفاسدة في لبنان وتورّط مسؤولين في نهب المال العام، لذلك سيتم الاستماع إليه كشاهد في هذه القضية.
ومنذ مدة يتم التداول بمعلومات حول بدء الاتحاد الأوروبي بإجراء تحقيقات حول ملايين الدولارات التي خسرتها المفوضية الأوروبية في لبنان بسبب خطط وهمية لإدارة مشاريع إنمائية، إضافة الى اختلاس مساعدات الاتحاد الأوروبي للاجئين السوريين في لبنان.
ويقول فادي مراد، إن عددا كبيرا من السياسيين في لبنان يعدون مساهمين رئيسيين في المصارف، وبعض المصارف مملوكة من سياسيين، ويعد لبنان بين الدول الأكثر مديونية في العالم، وقد استدانت الدولة الجزء الأكبر من المصارف مقابل فوائد مرتفعة.
وأضاف: "يوجد استغلال نفوذ يُمارس من وزراء بارزين أو أصحاب نفوذ في صياغة دفاتر الشروط المتعلقة بمناقصات العقود العامة، الأمر الذي يخالف قانون المحاسبة العمومية ويحدّ من المنافسة".
وتابع: "المواطن اللبناني يعرف من هو الفاسد، وهو من يعيد انتخابه ربما لمصالح معينة، من هنا المواطن يشجع على الفساد، وثانيا الحكومة التي تعين أشخاصا في المراكز الأساسية في البلد، لا يملكون الكفاءة أو النزاهة أو المعايير الأساسية، كذلك مجلس النواب هو المسؤول، وطالما اللبنانيون ينتخبون نوابا بالمعايير المعروفة حاليا، هؤلاء يعطون الثقة لحكومة غير مؤهلة من هنا الفساد من القاعدة أي المواطن إلى المسؤولين".
وبحسب منظمة الشفافية الدولية، يشغل لبنان حاليا المرتبة 137 من أصل 180 بلدا في قائمة الدول الأكثر فسادا على مستوى العالم، وبحسب استبيان آراء نشرته في ديسمبر الماضي، فإن لبنانيًا من أصل اثنين تقريبا يتلقى عرضا ماليا مقابل صوته الانتخابي.