انفجار يزلزل ريف إدلب.. خمس أرواح دفعت ثمن تراخي الرقابة على الذخائر
انفجار يزلزل ريف إدلب.. خمس أرواح دفعت ثمن تراخي الرقابة على الذخائر
على وقع انفجار هائل اخترق سكون ظهر الأربعاء، وجدت بلدة كفرتخاريم في ريف إدلب الغربي نفسها أمام واحد من أعنف الحوادث التي شهدتها المنطقة خلال الأشهر الأخيرة، لم يقتصر دوي الانفجار على حدود المكان، بل امتد صداه ليصل إلى بلدات مجاورة، مثيرًا حالة من الذعر بين السكان، وخاصة الأطفال الذين كانوا في طريق عودتهم من المدرسة أو داخل صفوفهم لحظة الانفجار، وبينما كانت سحب الدخان الكثيفة تتصاعد من الشمال الشرقي للبلدة، بدأت فرق الدفاع المدني عمليات بحث محمومة بين الأنقاض، وسط توقعات بوجود ضحايا جدد تحت الركام، التحقيقات الأولية أفادت بأن الحادث وقع داخل مستودع يضم ذخيرة وصواريخ، ما زاد من حجم الدمار الذي طال الموقع والمناطق المحيطة به، وأدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة آخرين، وبين تضارب الروايات حول أسباب الانفجار، تبرز أسئلة ملحّة حول أمن المستودعات وإدارة مخلفات الحرب، التي ما تزال تحصد أرواح المدنيين حتى بعد سنوات على اندلاع النزاع.
مستودع صواريخ
شهدت بلدة كفرتخاريم في ريف إدلب الغربي، ظهر الأربعاء، انفجارًا هائلًا اعتُبر من بين أقوى الانفجارات المسجلة في المنطقة منذ بداية العام، عند الساعة 12:20 ظهرًا، دوّى صوت الانفجار بشكل مفاجئ، محدثًا موجة ارتدادية شعر بها سكان أحياء بعيدة عن الموقع، بينما بدا المشهد الأولي أقرب إلى منطقة تعرضت لضربة جوية، بحسب شهادات شهود عيان.
وأكدت قيادة الأمن الداخلي في إدلب، أن مصدر الانفجار مستودع يضم كميات كبيرة من الصواريخ والذخائر، موضحة أن المعلومات الأولية تشير إلى أن الحادث وقع بسبب “عمل إحدى الورش قرب المستودع”، دون الكشف عن طبيعة ذلك العمل أو الجهة المسؤولة عنه.
وأسفر الانفجار عن مقتل خمسة عاملين كانوا داخل حرم المستودع، في حين أصيب تسعة آخرون، نُقلوا إلى المشافي القريبة لتلقي العلاج.
وعلى الفور، هرعت فرق الدفاع المدني إلى الموقع، حيث واجهت صعوبات كبيرة في الوصول إلى المصابين بسبب استمرار احتراق بعض الذخائر غير المنفجرة، وتمكنت الفرق من إخراج عدد من الجرحى، بينما واصلت عمليات البحث عن جثامين ما زالت عالقة تحت الأنقاض وسط مخاوف من وقوع انفجارات ثانوية.
خطأ بشري
وأظهرت اللقطات الأولى المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد صادمة لدمار واسع، شملت انهيار أجزاء من مبنى قريب وتحوّل مركبة إلى قطع معدنية متناثرة، بالإضافة إلى احتراق مساحات من بساتين الزيتون المجاورة، وقال سكان محليون: إن أعمدة الدخان التي ارتفعت من الموقع بقيت لساعات، وإن بعض الشظايا وصلت إلى منازل تبعد مئات الأمتار عن مكان الانفجار.
ورغم إعلان الأجهزة الأمنية أن الحادث ناجم عن خطأ تقني أو بشري أثناء العمل قرب المستودع، إلا أن الجدل لم يهدأ حول احتمال تعرض المنطقة لضربة جوية، خاصة بعدما سُمع دوي الانفجار على نطاق واسع وبقوة غير مألوفة، بعض السكان رجّحوا أن يكون ناتجًا عن استهداف جوي دقيق، وهو ما نفته مصادر محلية لاحقًا، مؤكدة عدم رصد أي حركة لطيران التحالف الدولي في سماء المنطقة وقت الانفجار.
حلقة في سلسلة الانفجارات
وتزامن الحادث مع سلسلة وقائع مشابهة شهدتها إدلب خلال الأشهر الماضية، أبرزها انفجارات ناجمة عن مخلفات حرب أو سوء تخزين للذخائر، ما يعكس خطورة الوضع الأمني وتعقيداته في مناطق خارجة عن السيطرة الحكومية.
وفي حادثة منفصلة قبل يومين فقط، أصيبت امرأة وطفلتها في بلدة بداما إثر انفجار جسم متفجر كان مختبئًا داخل مواد التدفئة في منزلها.
وأوضح الدفاع المدني، أن الجسم المتفجر – وهو أحد مخلفات الحرب – انفجر بفعل الحرارة داخل المدفأة.
وحذر خبراء، من أن الذخائر غير المنفجرة في شمال سوريا أصبحت تشكل تهديدًا يوميًا للسكان، لا سيما في المناطق الزراعية التي يعتمد عليها الأهالي لكسب رزقهم.
وبينما تستمر منظمات محلية ودولية في تنفيذ حملات توعية وإزالة للألغام، تبقى المساحة الملوّثة كبيرة للغاية، وتحتاج إلى إمكانيات لا تتوفر حاليًا بسبب الوضع الأمني والاقتصادي.
ويطالب الأهالي بضرورة إخضاع مواقع تخزين الذخيرة لشروط أمنية أكثر صرامة، وفرض رقابة صارمة على الورش التي تعمل بالقرب منها، لما تسببه هذه المخالفات من كوارث تتجاوز حدود المكان وتستهدف الأبرياء.
كما دعا ناشطون إلى فتح تحقيق مستقل وشفاف لمعرفة حقيقة ما جرى، خاصة في ظل تضارب الروايات وتعدد الجهات الفاعلة في المنطقة.

العرب مباشر
الكلمات