حزب الدعوة العراقي.. من المعارضة للحكم الشيعي وحتى الفشل
رغم المساعي الجاهدة للقضاء على الإرهاب في العراق، المتمثل في حركة "داعش" والتنظيمات المسلحة، لكنه لم يتمكن من التخلص من الإخوان به الذين يرتدون زي الدين للمتاجرة به والتأثير إلى المواطنين، والمتمثل في حزب الدعوة العراقي.
بداية الدعوة بالعراق
بعد عدة أعوام من تدشين حسن البنا لتنظيم الإخوان في مصر، انتقل مجموعة من رجال الدين والمتأثرين بالحركة إلى العراق لتأسيس تنظيم مماثل لأفكار وتنظيم البنا ولكن بوجه شيعي، ليولد حزب الدعوة، حيث كانت الانطلاقة الأولى في مدينة النجف الأشرف، التي تعتبر المركز والثقل الديني للشيعة عبر تأسيس جماعة العلماء، التي يشرف عليها السيد الحكيم في نهاية الخمسينيات، وعقب ذلك انطلقت حركة أخرى بكربلاء هي حركة المبلغين.
انتقلت تلك الحركات إلى أحزاب بعد ثورة 14 يوليو 1958، حيث صعد حزب البعث اليميني إلى سدة الحكم في 17 يوليو 1968.
في عام 1957، بدأت النواة الأولى لحزب الدعوة على يد 8 أعضاء، ولعب محمد باقر الصدر دورا رئيسيا في لجنة قيادة الحزب، لخلق حالة توازن فكري مع التيارات الجديدة وقتها، وبحث سبل قيام الحكومة الإسلامية، متأثرا بصورة إيران وأفكارها.
وقبل إعلانه رسميا، مع ظهور جماعة الإخوان المسلمين، تقدم الثمانية بطلب رسمي للحكومة العراقية وقتها، لتأسيس حزب باسم الحزب الإسلامي، وتمت الموافقة عليه، ولكن الصدر غيره إلى حزب الدعوة الإسلامية.
عمليات مسلحة
بعد فترة وأزمات عاصفة شهدها الحزب، انتقل إلى تنفيذ عمليات عسكرية، خاصة خلال أيام حرب الخليج الأولى، وأيضا عقب الإطاحة بحكومة صدام حسين، برز الحزب في جميع العمليات السياسية في العراق، بداية من مجلس الحكم في العراق والحكومة العراقية المؤقتة والحكومة العراقية الانتقالية والانتخابات العراقية ومجلس النواب العراقي.
كما تم فتح مكتب لحزب الدعوة الإسلامية بالعراق في مدينة الكوفة يوم 13 أبريل 2003.
الصراع السياسي
اشتعل الصراع بين حزب الدعوة والنظام الحاكم في العراق، خلال حكومة البعث الثانية 1968 ـ 2003، حيث تعرض أفراد الحزب لأزمات وتضييق خناق شديد وخاصة في 1980 عندما نفذ نظام صدام حسين حكم الإعدام بالأب الروحي للحزب وواضع منهجه الفكري آية الله محمد باقر الصدر وشقيقته الكاتبة والناشطة الإسلامية بنت الهدى.
وعقب ذلك، لاحقت السلطات أعضاء الحزب، ليفر كثير منهم إلى الخارج وخاصة لسوريا وإيران ليستمر الحزب بالعمل حتى إطاحة نظام صدام عام 2003، ليعود أعضاؤه مجددا إلى بغداد ويستغلوا بشدة الأوضاع في البلاد وقتها؛ ما جعلهم يتحولون من حزب معارض إلى حاكم ومسيطر، حيث شغل قياديو الحزب رئاسة الحكومات المنتخبة المتعاقبة منذ 2006 حتى 2018 وحكموا ضمن ائتلافات حكومية كان للإسلام السياسي الشيعي فيها حصة كبيرة، منهم الدكتور إبراهيم الأشيقر المعروف بالجعفري الذي شغل منصب أول رئيس حكومة منتخبة عام 2006، ثم نوري المالكي الذي شغل منصب رئاسة الحكومة، يليهم الدكتور حيدر العبادي.
وظهر خلال ذلك وجه الحزب الحقيقي، بأن تورط قيادات وكوادر الحزب في عمليات فساد كبيرة؛ ما شوه تاريخ الحزب في الشارع العراقي، كما شهد "الدعوة" انشقاقات عديدة بسبب صراعات تنظيمية وعقائدية وسياسية، ليفرز حركة "جند الإمام"، وتيار "الإصلاح الوطني"، ليشهد فشلا مشروعا خلال الأعوام الأخيرة.