عراقيون: القرارات الحكومية شديدة القسوة ولا أحد يخبرنا كيف سنعيش
أزمة تلو الأخرى يعيشها العراقيون خلال الفترة الحالية فجائحة كورونا تحاصرهم من جهة وتداعياتها الاقتصادية من جهة أخرى، وتلقى العراقيون صدمة مالية جديدة بعد قرار البنك المركزي خفض قيمة الدينار العراقي 22% على أن يباع الدولار للجمهور بـ1470 دينارًا عراقيًا مقابل الدولار الأميركي الواحد، أكثر المتأثرين من التداعيات والقرارات الأخيرة هما الطبقتان المتوسطة والفقيرة والذي أعلنوا عن غضبهم بسبب القرارات التي لا تراعي الظروف الصعبة التي يمر بها العراق.
السبب الرئيسي لتخفيض قيمة الدينار سد فجوة التضخم
ويرى مراقبون أن قرار خفض سعر صرف العملة الوطنية الأكبر على الإطلاق هو جزء من الخطة الاقتصادية للنهوض باقتصاد العراق، وتتمثل في خفض قيمة العملة، وقابلية قطاعات مثل الصناعة والزراعة مع الدول المجاورة مثل إيران وتركيا، واللتين انخفضت عملتاهما بنسب 80% و60% على التوالي.
وأضافوا: البنك المركزي العراقي قرر رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة إلى 1460 دينارا، من 1182 دينارا للدولار الواحد، بهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجم عن تدهور أسعار النفط، مؤكدين أن السبب الرئيسي وراء تخفيض قيمة الدينار هو سد فجوة التضخم في ميزانية 2021 بعد انهيار أسعار النفط العالمية، وهو مصدر رئيسي للموارد المالية العراقية.
وتابعوا: البنك قرر خفض قيمة العملة جاء كخطوة استباقية حرصا من البنك على تفادي استنزاف احتياطياته الأجنبية ولمساعدة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين العموميين.
يُذكر أن العراق يعتمد في 95% من دخله على عائدات النفط، وكانت آخر مرة خفض فيها قيمة الدينار في ديسمبر 2015 عندما رفع سعر بيع الدولار إلى 1182 دينارا من 1166 دينارا في السابق، لكن خفض قيمة الدينار بمعدل كبير، وهو الأعلى منذ عام 2003، سيؤدي على الفور إلى رفع أسعار السلع؛ ما يضر بمستويات المعيشة.
الكاظمي: القرارات الصعبة لا بديل لها.. والذي يخاف مكانه ليس في مجلس الوزراء
وأكد رئيس مجلس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، خلال جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية لمناقشة الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2021، السبت، أن العراق يواجه انهيار النظام والدخول في فوضى عارمة، ما لم يدخل في عملية قيصرية للإصلاح.
يقول الكاظمي: منذ عام 2003، نعاني من التأسيس الخطأ الذي يهدد النظام السياسي والاجتماعي بالانهيار الكامل، مضيفًا، غير المعقول أن نخضع لمعادلة الفساد السابقة، إما أن نصحح الأوضاع أو نضحك على الناس.
وتابع الكاظمي: تبنينا ورقة إصلاح بيضاء، فكل دول العالم المتطورة مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة اتخذت قرارات صعبة، وبدأت بخطوات جريئة وبروح التضحية، مضيفًا، الأزمة السياسية في العراق مرتبطة بثلاث قضايا، هي: السلطة والمال والفساد، ونعمل على معالجة الأزمة من منطلق اقتصادي، وبقرار جريء لتذليل عقبتي الفساد والمال.
وأوضح الكاظمي، أنا أول المتضررين من الموازنة المقبلة، حيث سأتعرض إلى انتقادات عديدة، كان من الممكن أن أدخل للانتخابات وأخدع الناس، لكن ضميري لا يسمح لي فعل ذلك، قائلًا: "ليس مسموحاً أن يتردد أحد، والذي يخاف مكانه ليس في مجلس الوزراء، وعلينا أن نكون على قدر المسؤولية، كونها قضية تاريخية ومفصلية".
وأعرب الوزير عن عزمه دعم المؤسسات المالية الكبرى بسعر الصرف الجديد وتوقع استقراره بدون تأثير على الأرجح على المسافرين، وذكر أن البنك المركزي سيواصل ضمان توفير جميع العملات الأجنبية اللازمة، وأن الحكومة ستتخذ تدابير لتعويض العواقب السلبية لتعديل سعر الصرف على الفقراء، مبرزا أن الاحتياطيات الأجنبية قوية وقادرة على استيعاب أي طلبات إضافية للنقد الأجنبي.
القرار صائب اقتصاديًّا.. وشديد القسوة "إنسانيًّا"
يقول كريم حسن، 33 عاما، عراقي، نشعر بالصدمة من القرار الأخير، الأسعار سترتفع بشدة ولا ندري من أين سننفق على طعامنا وشرابنا ودوائنا، مضيفًا أن الحكومة تؤكد أن القرار ضمن خطة إصلاح الاقتصاد، ونحن ندرك أنه قرار صائب "اقتصاديًا" ولكن إنسانيًا كيف سنعيش فلا أحد يفكر كيف سنوفر القوت لأبنائنا.
وأضاف: الحياة أصبحت مستحيلة فلا نخرج من أزمة حتى ندخل في أزمة جديدة تزيد معدلات فقرنا وصعوبة الحياة والحصول على الاحتياجات الأساسية، نحن لا نريد رفاهية فقط نريد أن نعيش نحن وأبناؤنا.
وتابع: بلادنا تتجه للأسوأ والظروف الحالية والتداعيات الاقتصادية الخاصة بانتشار فيروس كورونا زادت الصعوبات بشكل غير مسبوق، وقرار الحكومة سيصعب الأمر بشدة.
الحكومة تحاول توفير رواتب الموظفين وتتناسى أن قرارها سيخفض قيمة الراتب للنصف
في السياق ذاته، يقول إبراهيم حسين، 44 عامًا، عراقي، نحن نشقى ليلاً ونهارًا لنوفر ما يكفي لنعيش فقط، بلا رفاهية ولا حتى نحلم بالرفاهية كل ما نريده أن نطعم أطفالنا فقط، وحتى الآن تخرج علينا الحكومة لتخبرنا أن قرارها صائب من الناحية الاقتصادية وضروري، إذًا من في الحكومة سيخبرنا كيف سنعيش مع ارتفاع الأسعار الذي سيأتي بعد القرار.
وأضاف حسين: أسعار السلع زادت على الفور، ورغم ذلك الرواتب لم تتغير ولم تتحسن، والإيجارات وأسعار الخدمات زادت ليواكب أصحابها ارتفاع الأسعار، ووزارة المالية تؤكد أن القرار ضروري لتأمين مرتبات الموظفين للأشهر المقبلة، ولكن لم يضعوا في حسبانهم أن رواتب تلك الموظفين انخفضت كثيرًا بسبب القرار، ومن كان يكفيه راتبه ليأكل ويشرب شهرًا كاملًا لن يكفيه بعد هذا القرار نصف الشهر.
وتابع: عدة أعضاء في البرلمان أكدوا أنهم لن يمرروا مشروع الموازنة بشكله الحالي، ونحن الآن ننتظر على أعصابنا لنرى كيف سيحدد هؤلاء مصيرنا ومصير أبنائنا، أتمنى أن تضعنا الحكومة في حساباتها وترفق بنا في ظل محاربتنا ضد فيروس كورونا وتداعياته حتى نستطيع الحياة.