قطر تُحاصِر "العُمّال الأجانب" بين الإهمال والعبودية
ذعر وقلق وخوف من المستقبل الغامض.. كلمات تصف شعور العمال الأجانب في قطر منذ تفشي فيروس كورونا في العالم ودخوله إلى قطر بنسب إصابات عالية للغاية كشفت عن ضعف النظام الصحي وعجز الحكومة عن إدارة الأزمات التي تعصف بالإمارة الغنية، إغلاقات شاملة وفصل تعسفي من العمل وعدم دفع رواتب، أضف إلى ذلك خوفهم من الإصابة بالوباء، حيث حذرت منظمة العفو الدولية من خطورة معيشة العمال المحتجزين في مخيمات في ظروف تجعل من التباعد الاجتماعي أمرا صعبا التحقيق بالإضافة إلى نقص في المياه وأدوات التطهير والتعقيم، مضيفة أن الكارثة لن تصيبهم وحدهم خاصة أنهم مسؤولون عن أسرهم التي تعتمد اعتمادًا كليًا على دخلهم من العمل في قطر ومع عدم صرف رواتبهم يتعرض 5 أشخاص آخرين لمخاطر هائلة.
العمالة الوافدة تعيش في حالة من الذعر وقطر تتحدى العالم
"هيومن رايتس ووتش"، كشفت في تقرير لها أن العمال الأجانب في قطر يعيشون أسوأ لحظات حياتهم، بموجب نظام إدارة العمل الذي يمنح أصحاب العمل سلطات واسعة على العمالة الوافدة ويؤدي إلى إساءة معاملتهم واستغلالهم دون خوف من حساب أو قانون، خاصة مع تكرار شكاوى العمال وتنبيهات مؤسسات دولية دون تحرك أو حل من حكومة تميم وكأن الأمر لا يعنيهم فيشعر العمال بأن العالم عاجز عن مساعدتهم.
ويتحدر غالبية هؤلاء العمال الأجانب من بنغلاديش والهند والنيبال وباكستان. وقال العديد ممن تحدثت معهم إنهم يشعرون بالخوف على صحتهم وأيضا على الأمان الوظيفي، خاصة بعد أن كشفت منظمة العفو الدولية عن إصابة العديد من العمال في قطر بفيروس كورونا، وقالت المنظمة إن السلطات القطرية رفضت علاج العمال، ووضعت أعدادا كبيرة منهم في مستشفيات غير مؤهلة.
يأتي هذا على الرغم من مطالبة منظمة الصحة العالمية السلطات القطرية بإجراء كشف دوري على العمالة المشاركة في بناء مشروعات كأس العالم للتحقق من إصابتهم بالفيروس الخطير، وإصرار النظام القطري على تجاهل تلك المطالبات مما ينذر بكارثة محققة.
كما رفضت الدوحة تعليمات منظمات عالمية لعلاج العمالة بتجهيز مستشفى طبي كامل، إضافة إلى رفضها عودتهم للعلاج في بلادهم، وهددت من يحاول السفر، الأمر الذي دفع العمال للتظاهر في شوارع الدوحة.
العالم يكافح كورونا.. وقطر تحاصر العمال بلا رحمة
تقارير دولية أكدت إصابة المئات من العمال في قطر بسبب الظروف السيئة التي يعيشون فيها داخل المنطقة الصناعية بالدوحة، مما دفع حكومة الحمدين لإغلاق أجزاء كبيرة من المنطقة الصناعية، دون تقديم أي دعم طبي للمصابين.
من جانبه أكد ستيف كوكبيرن، نائب مدير منظمة العفو الدولية للقضايا العالمية،"بينما يكافح العالم لاحتواء انتشار فيروس كورونا، فإن العمال المهاجرين المحاصرين في مخيمات مثل تلك الموجودة في قطر معرضون بشكل أكبر لتفشي الوباء بينهم".
وأضاف "معسكرات العمل في قطر مزدحمة للغاية وتفتقر إلى المياه الكافية والصرف الصحي يعني أن العمال سيكونون حتما أقل قدرة على حماية أنفسهم من الفيروس، كما أن قرب العمال من بعضهم البعض في المخيمات الضيقة لا يسمح بأي نوع من الابتعاد الاجتماعي.
وتابع: "يجب على الحكومة القطرية ضمان بقاء حقوق الإنسان محورية في جميع محاولات الوقاية من فيروس كورونا واحتوائه، وكذلك حصول جميع الأشخاص على الرعاية الصحية، بما في ذلك الرعاية الوقائية والعلاج لجميع المتضررين دون تمييز".
وزارت منظمة العفو الدولية معسكرات العمل في المنطقة الصناعية بالدوحة، حيث تم إيواء مجموعات كبيرة من العمال المهاجرين في مساكن سيئة للغاية، حيث ينامون في أسرة بطابقين في غرف مزدحمة مع سوء الصرف الصحي وأحياناً بدون كهرباء أو تشغيل ماء.
ومنذ عام 2010، عندما مُنحت قطر الحق في استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، اتسع عدد العمال المهاجرين في قطر بسرعة كبيرة، حيث يعملون في قطاعات تشمل البناء والضيافة والخدمة المنزلية ويشكلون الآن 95 بالمئة من القوى العاملة في البلاد.
نعيش في مقابر.. ولا نعرف متى سينتهي هذا "الكابوس"
يقول "م.أ"، مهندس باكستاني، 40 عامًا، لا نعلم إلى متى سيستمر الوضع شديد الصعوبة في قطر، نحن عالقون هنا، وغير مسموح لنا بالعودة إلى بلادنا، ولا أحد يوفر لنا أساليب الوقاية من مطهرات، ولا يسمح لنا بالتباعد الاجتماعي في ظل تشديدات أمنية من السلطات القطرية.
العشرات من زملائي تم إعطاؤهم إجازات بدون راتب، وحبسهم في منازل أشبه بالمقابر، ويعيشون في حالة من الرعب على أنفسهم وعلى ذويهم، فالأزمة عالمية وهم يدركون جيدًا أن أسرهم تحتاج إلى الأموال لشراء المطهرات والإنفاق على الطعام والشراب في ظل تعطل الحياة في مختلف دول العالم، فهم لا يستطيعون مساعدة أنفسهم ولا مساعدة أسرهم، مضيفًا، كما أن مساكن العمال ظهر فيها عشرات الحالات المصابة بفيروس "كورونا" ، نحن نعيش في كابوس لا نعرف متى سنخرج منه، وأخذت قرارا نهائيا إذا كتب لي الحياة بعد مرور أزمة كورونا فسأعود إلى بلادي ولن أنظر خلفي، لا أعرف كيف ألقيت بنفسي في هذا الجحيم المسمى قطر.
الإجازات المدفوعة لـ"القطريين" فقط.. والاعتراض جزاؤه الحبس في المنزل
في السياق نفسه، يقول "ه،ع" 38 عاماً مصري يعمل في قطر، لم أرَ في حياتي مسؤولين بمثل هذه القسوة، أنا أعمل في إحدى المؤسسات القطرية التي أمرتنا بالحضور إلى العمل رغم القرارات الحكومية في جميع دول العالم، وهددتنا بأن من سيغيب عن عمله سيتم فصله نهائيًا وعدم حصوله على أي مستحقات، وإذا ما اعترض أحدنا فسيتم حبسه في منزله دون أموال، وغير مسموح حتى بإعادته لبلاده.
الأمر المثير للغضب، هو أن القيادات في المؤسسة التي أعمل بها أعطوا جميع القطريين إجازات مدفوعة، وكأن القطريين بشر ونحن أدنى مرتبة من الحيوانات، فلا تشكل حياتنا فارقا بالنسبة لهم المهم أن يعيشوا هم في أمان.
وتابع، حتى عندما سمعنا أن الحكومة ستعوض أصحاب الشركات الخاصة، قال لنا المسؤولون إن الأوامر جاءت لأصحاب الأعمال بضرورة تخصيص تعويضات الحكومة للعاملين الحاملين للجنسية القطرية، ثم لتعويض خسائر المؤسسات نفسها، وإذا تبقى أي مبالغ يمكن تقسيمها على بعض العمالة الوافدة حسب جنسية كل منهم.