"كورونا" لبنان.. كَيْفَ تعاملت حكومة "دياب" مع ملف عودة المغتربين إلى ديارهم؟
يتسارع انتشار فيروس «كورونا» عالمياً، ومعه يتعاظم الخوف والقلق على كامل الكرة الأرضية، خصوصا مع تجاوز عدد الإصابات حول العالم المليون، ووفاة عشرات الآلاف بهذا الوباء القاتل الذي لم تجد له كبرى المختبرات العالمية الدواء الفاعل والناجع حتى اليوم.
وتعد الجمهورية اللبنانية من أكثر المناطق التي تنتشر تخوفات لديها من اجتياح وباء كورونا (كوفيد-19)، نظرا للأزمة الاقتصادية التي تمر بها من ناحية، والخلافات السياسية التي تجتاح البلاد من ناحية أخرى.
ويأتي ملف إعادة المغتربين اللبنانيين من الخارج على قوائم تحديات حكومة الدكتور حسان دياب، حيث أعلن وزير الصحة اللبناني "حمد حسن"، البدء اعتبارا من الغد، في تسيير رحلات طيران لإعادة اللبنانيين المغتربين في دول الخليج وإفريقيا التي تشهد انتشارا ضئيلا لفيروس كورونا.
شروط العودة
وقال الوزير "حمد حسن": إن شرط العودة، بإجراء اللبناني المغترب الفحوصات المخبرية الخاصة باكتشاف فيروس كورونا وفي مقدمها فحص الـ (بي سي آر) قبل 72 ساعة من الصعود إلى الطائرة، وإذا تعذر ذلك ينبغي على الراغبين في العودة الإقامة في أحد الفنادق المخصصة وانتظار فترة 24 ساعة لحين إجراء فحص الـ (بي سي آر) في بيروت.
وأشار إلى أنه عقب 24 ساعة من انطلاق رحلات العودة إلى لبنان، سيبدأ التقييم الوبائي للمرحلة الأولى، لتنطلق خطة العودة المعدلة ابتداء من الثلاثاء المقبل من كافة الدول، ومن ضمنها الأوروبية وغيرها، مشددا على أن هذه الإجراءات تستهدف حماية اللبنانيين الوافدين على متن الطائرات وأهلهم ومجتمعهم في لبنان.
العودة
وأبدى لبنانيون عالقون ومغتربون في عدد من الدول رغبتهم في العودة بصورة استثنائية إلى لبنان، حيث أشار بعضهم إلى أنهم من الطلاب وأن إيقاف التحويلات المالية من جانب البنوك اللبنانية أدى إلى نفاد أموالهم في الخارج، كما قال البعض الآخر إنهم يتواجدون في دول القطاع الصحي بها غير مجهز لتقديم الرعاية الطبية حال تفشي وباء كورونا.
في هذا السياق يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اللبناني فادي عاكوم، إن ملف إعادة اللبنانيين المغتربين، فجرت أزمة كبيرة في لبنان، لافتا أن الحكومة كانت تتجه إلى محاولة تجاهل هذا الأمر، لولا قيام بعض السياسيين منهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بالتهديد بسحب وزرائه من الحكومة.
وأوضح عاكوم خلال تصريحات لـ"العرب مباشر" أن الأمر يكشف وبشكل أو آخر أن الحكومة ليست حكومة تكنوقراط كما كان يدعي حسان دياب، مردفاً: "وبالتالي المسألة دقيقة ، خاصة أن الحكومة أعلنت أنها ستعيد العالقين ابتداء من يوم الأحد على متن طيران الشرق الأوسط، ولكن على حساب ونفقة اللبنانيين العائدين".
أشار المحلل والكاتب اللبناني، أن هناك بعض اللبنانيين قادرين على دفع نفقات السفر، ولكن الغالبية العظمى غير قادرة، ولاسيما أن منهم ناساً فقدوا رواتبهم وأعمالهم، وبعض الطلاب الموجودين بالخارج الذين لا يملكون الأموال، ومُنع ذووهم أن يحولوا لهم الأموال، موضحاً: "كما يعلم الجميع ممنوع تحويل العملة الأجنبية بالخارج، وبالتالي مسألة دقيقة جدا ولا تتلاءم مع الأوضاع السيئة".
عدم التعاطي مع الأزمة بجدية
وكشف عاكوم، أنه لم يتم تشغيل غير أسرة قليلة جدا للحجر ومناطق قليلة للحجر الصحي، قائلاً:" آلاف اللبنانيين سيعودون من الخارج وبالتالي إذا لم يتم الحجر لفترة الـ14 يوما المعتمدة، والتي تكشف حقيقة إصابة الشخص، سيقدم لبنان على كارثة كبيرة، خاصة وأنهم منتشرون في جميع المناطق، المعروف بأن نسبة الملتزمين بالحجر قليلة جدا".
تابع: "أعتقد أن الحكومة فشلت مسبقا في هذا الملف، أولا من خلال أنها كانت تريد التهرب من هذا الأمر لولا الضغوط السياسية التي مورست تجاهها، ثانيا الفشل في النقل على نفقة العائدين، وثالثا مسألة الحجر التي لم تتحرك الحكومة بخصوصها، متابعاً: "فالحجر لن يستوعب سوى 10% فقط من العائدين، في النهاية الحكومة لم تتعاطَ مع الملف بجدية وربما نشهد كوارث كبيرة بسبب الرعونة التي تصرفت بها الحكومة مع هذا الملف.
الصحة العالمية تشيد بإجراءات الحكومة اللبنانية
من ناحية أخرى اعتبر الكاتب والمحلل السياسي محمد الرز، أنه منذ بدء انتشار جائحة كورونا تصرفت الحكومة اللبنانية معها بقدر عال من الجدية والشفافية والأهلية، لافتاً أن ذلك بشهادة منظمة الصحة العالمية، فضلا عن اتخاذ سلسلة تدابير أدت إلى إبقاء لبنان ضمن المعدلات المعقولة عالميا.
أضاف الرز في تصريحات لـ"العرب مباشر": "ولغاية اليوم فإن النسب المحققة تعتبر متدنية مقارنة مع دول عالمية إذ لم يتجاوز المعدل الـ 520 إصابة 80% منها حالات شافية أو مستقرة مع 15 وفاة تقريبا، مشيرا أن الحكومة اهتمت بالمغتربين اللبنانيين في العالم الراغبين بالعودة إلى وطنهم ما بين طلاب ورجال أعمال وستبدأ هذه العودة يوم غد الأحد.
الغرب لم يحترم حقوق المغترب
وفند الكاتب والمحلل اللبناني عدة الملاحظات في هذه المسألة، قائلا: "إن العالم الغربي الذي طالما صدعنا بقضية احترام حقوق الإنسان لم نجده اليوم يحترم هذه الحقوق وأبسطها حق العلاج، ولو كان اللبنانيون والعرب المغتربون يجدون في دول الاغتراب اهتماما بحق الإنسان لفضلوا البقاء هناك فكم من ميسور لبناني وعربي كان سابقا يفضل الاستشفاء في الخارج، لكنه وجد اليوم تفرقة عنصرية حيث يقيم ما بين علاج المسن والشاب، والمواطن والمقيم، والسليم وحامل مرضاً مزمناً، ووجد أيضاً أن دولاً تستولي على شحنات طبية وتحرم شعوباً أخرى وحكومات تعتبر المصابين قطعانا أو وسائل تجارية".
واعتبر "الرز"، أن الفيروس أسقط يافطات الادعاء بحقوق الإنسان التي طالما استخدمت ضد مصر ودول عربية كثيرة، وتسببت بحصارها ومنع المساعدات عنها كما أسقط الفيروس وأساليب التعامل معه نظريات "آدم سميث" بأن الغاية تبرر الوسيلة، قائلاً: "وثبت عمليا أن الإنسانية لا تنجبها إلا المجتمعات الحضارية التي تعاملت مع مصابيها بأعلى قدر من الإنسانية دون تفريق بينهم، بل إنها تضامنت مع إخوانها ومع أصدقائها في العالم".
الوطن العربي أثبت إنسانية غير مسبوقة
ولفت على ما قامت به الدولة المصرية من إرسال طائرات الإغاثة إلى لبنان ودول عربية أخرى وإلى إيطاليا ، وإلى وقوف دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب سوريا، والكويت ساعدت العراق والسعودية تعاملت بمساواة وعدالة مع المصابين حتى مخالفي الإقامة لديها وكثيرة هي الشواهد في هذا المجال، مردفا: "وهو ما يفسر لجم الوباء في محيطنا العربي ومسارعة المغتربين بالعودة إلى بلدانهم الأصلية، كما يحصل في لبنان، وهذا يشير بقوة إلى أن العالم بعد كورونا سيكون فعلاً مختلفاً عما قبله".