بعد دعوة الشيخ محمد بن زايد إلى تركيا.. ما أسباب تنازلات أردوغان؟
دعا أردوغان ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لزيارة تركيا
في إطار الدعوة التي قدمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، والنائب الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، تظهر مدى الرغبة التركية في الانتهاء من أزمة "الكل مشاكل" التي انتقلت إليها أنقرة بفضل سياسات أردوغان، بعدما كانت تسير وفق سياسة "صفر مشاكل".
واصل أردوغان سياساته العدائية عبر تدخلات غاشمة في عدد من الدول العربية، من بينهم سوريا وليبيا، فضلا عن احتضان عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي، مبديًا نوعا من العناد والتكبر، لتظهر فيما بعد عدم قدرته عن التمادي في العدائية مع القوى الوازنة بالمنطقة.
التراجع بعد الفشل
وبعدما أدت سياسات إلى تدهور اقتصادي وغضب شعبي في الداخل، وتصاعدت حدة الدول الغربية وأميركا ضده، بدأت الرئيس التركي في التراجع عن مواقفه تجاه المنطقة.
وفي عام 2020،قال أردوغان "ليست لدينا تحيزات خفية أو معلنة، أو عداوات وحسابات غامضة ضد أي أحد. وبكل صدق ومودّة، ندعو الجميع للعمل معاً من أجل بناء مرحلة جديدة في إطار الاستقرار والأمان والعدل والاحترام"، مؤكدا على انفتاحه على عودة العلاقات مع مصر والإمارات والسعودية، دون أي شروط.
فيما حددت الدول الثلاث لأردوغان خطة أو أجندة معينة لتنطلق المفاوضات من خلالها، على رأسها وقف التدخلات العدائية، والتنازل عن دعم واحتضان تنظيم الإخوان الإرهابي.
ولعبت دولة الإمارات دورا كبيرا في وقف عدائية أردوغان بالمنطقة، سواء عبر دعم حقوق الشعب الليبي ورفض دخول القوات التركية إلى هناك، أو عبر شراكة إستراتيجية مع مصر لصد عدائية الإخوان وفوضاهم، وأخيرا عبر ما تقوم به الإمارات من دور كبير لحل الأزمة السورية، وإعادة ترتيب البيت العربي.
أسباب تنازل أردوغان
في هذا السياق قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن دعوة تركيا للشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي تأتي في سياق غاية في الأهمية، ولها دلالات معينة تنطلق من التوقيت الزمني، حيث إن تركيا تسعى إلى الجلوس على طاولة المفاوضات مع مصر والسعودية في الوقت ذاته.
وأضاف فهمي لـ"العرب مباشر: "أن الهدف الأول من الزيارة التأكيد على أن تركيا منفتحة للحوار مع الدول العربية، أما الهدف الثاني الذي يسعى إليه أردوغان فهو تخفيف الضغوطات الداخلية عليه، ولاسيما في ظل تعرضه إلى استهدافات من قبل المعارضة التركية، نتيجة عدم تحقيقه أي إنجاز على الأرض، بل بالعكس تسبب في انهيار كبير في الوضع الاقتصادي التركي".
أستاذ العلوم السياسية والدولية، أشار إلى أن النقطة الثالثة تتمحور حول كونها محاولة النفاذ لأردوغان إلى العلاقات السياسية الدولية والخارجية بعدما عانى من العزلة لسنوات".
أردف: "أن النقطة الرابعة التي يهدف إليها أردوغان هي تصفية المشاكل مع الدول الخارجية، حتى يقول إن تركيا أصبحت صفر مشاكل، تنفيذا للإستراتيجية التي كان طرحها أحمد داود أوغلو سابقاً".
أكد فهمي، أن زيارة الشيخ محمد بن زايد، إلى تركيا سوف تغير كثيرا في الأوضاع والخريطة السياسية الدولية، إذ إنها ستؤكد ما تقوم به الإمارات دائما لريادة عمليات السلام والتصالح بين الدول.
تفعيل توجه جديد في سياسة تركيا
من ناحية أخرى قال بشير عبد الفتاح، الباحث في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، إن دعوة الشيخ محمد بن زايد لزيارة تركيا، تعكس رغبة أردوغان في تفعيل توجه جديد في السياسة الخارجية التركية، تقوم على إنهاء الأزمات والخصومات مع دول الجوار.
وأضاف عبدالفتاح: "إن الرغبة التركية في التودد إلى الدول العربية والخليجية، جاءت بعدما أصبحت سياساته من صفر مشاكل إلى الكل مشاكل، فضلا عن تعرضه إلى أزمات وغضب متصاعد في الداخل التركي"، لافتا أنه لذلك يتطلع أردوغان إلى إعادة ترميم علاقاته مع دول الجوار العربي كالإمارات والسعودية ومصر وغيرها.
تابع: "كما جاءت دعوة أردوغان بالتزامن مع مفاوضات حالية تجريها الإمارات مع اليونان وقبرص لتعزيز العلاقات والتعاون، ومن المعروف أن قبرص في حالة عداء مع تركيا، لذلك أدرك أردوغان أنه دون الإمارات أو مصر أو السعودية فإنه يخسر حلفاء لهم ثقل دولي، ويقربهم أكثر من خصومه وأعدائه".
إثارة تركيا للفوضى
قال المحلل والكاتب السياسي السعودي سامي بشير المرشد، إن تركيا تحت حكم أردوغان نشرت الفوضى بالمنطقة العربية، وعملت علي تشجيع الإرهاب عبر التدخل في سوريا وليبيا واحتضان عناصر الإخوان الإرهابية، جعل مسألة تدهور العلاقات مع تركيا أمرا حتميا".
أضاف المرشد: "وبالنظر إلى سياسة الحسم التي اتخذتها مصر ضد أجندة الإخوان بدعم من السعودية والإمارات، والعمل على إستراتيجية لحماية المنطقة من فوضى التنظيم الإرهابي، أدت إلى إحباط مخطط أردوغان وإدراكه أهمية التقارب مع الدول الوازنة إقليميا، واستيعابه أن تنظيم الإخوان لم يقدم له سوى المزيد من المتاعب الداخلية والخارجية".
تابع: "لذا اتجه أردوغان إلى إعادة ترميم تلك العلاقات عبر دعوة الإمارات، ومفاوضات تجرى مع مصر والسعودية، ولم تحظَ تلك الخطوات الجادة بقبول من الدول العربية والخليجية، إلا بعد خطوات جادة اتخذها أردوغان تجاه ملف الإخوان، سواء بقرار إغلاق قنواتهم، أو تجميد كافة أنشطتهم السياسية في تركيا".