«البطالة.. والفقر».. يحاصران الشباب المغربي وتأثيرات «كورونا» تدفعهم نحو أوروبا
ضاعفت التأثيرات الاقتصادية لتفشي وباء كورونا في المغرب من حدة الأزمات التي يعاني منها الشباب المغربي وعلى رأسها ارتفاع نسب الفقر بشدة وزيادة معدلات البطالة بشكل أثار حالة من الغضب في أوساط الشباب المغربي، حيث جاءت تداعيات تفشي فيروس كورونا لتضيف صعوبات إلى الوضع المتأزم بالفعل؛ ما قلل نسب العثور على فرصة عمل في المغرب إلى حد غير مسبوق.
الإحصاءات الرسمية مخيفة.. وتداعيات تفشي "كورونا" تثير خوف الشباب
يشعر الشباب المغربي بحالة من الخوف الشديد مع ملاحظتهم للتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، وزاد الأمر صدور أحدث الإحصاءات الرسمية التي أكدت أن نسبة الفقر في المغرب سترتفع هذا العام لتتجاوز الـ50% مع تسبب جائحة كورونا في تفاقم الأزمات الاقتصادية التي يواجهها البلد مع استمرار الحكومة في الاعتماد على الاقتراض لتمويل العجز الضخم في الإنفاق العام.
من جانبها، قالت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، إنه من المتوقع انكماش الاقتصاد بنسبة 13.8% خلال الربع الثاني من العام الحالي نتيجة إجراءات العزل العام التي فُرضت لاحتواء انتشار فيروس كورونا. وأوضحت أنه من المتوقع أيضاً انكماش الاقتصاد بنسبة 4.6% على أساس سنوي خلال الربع الثالث من 2020 نتيجة لتخفيف إجراءات العزل، مشيرة إلى تسجيل نمو بنسبة 0.1% خلال الربع الأول.
رغم التحذيرات المستمرة من استمرار الحكومة في الاعتماد على الاقتراض لتمويل العجز الكبير، لكن حتى الآن تواصل الاستدانة من الخارج في الوقت الذي تنذر فيه جملة الديون المسجلة بأزمات كبيرة على احتياطي النقد والموازنات المقبلة التي تلتهم فوائد الديون الحصة الأكبر منها.
وطالب إدريس جطو الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات بضرورة أن تحاول الحكومة تجنب توريث الأجيال المقبلة مديونية لا تحتمل وتتوقف عن الإفراط في الاستدانة، خاصة مع تجاوز سقف 82% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
حيث تشير البيانات والأرقام المتاحة إلى أن المغرب مطالب بأداء الدين، وخدمة الدين لمدة 30 عاماً؛ ما يعني رهن مستقبل الأجيال المقبلة بإلغاء برامج تنموية تلبي حاجة الشباب في إيجاد فرص عمل.
جائحة كورونا تسببت في فقدان ما يقترب من مليون وظيفة
من جانبه، كشف بيان للمصرف المركزي في المغرب أن ركودًا اقتصاديًّا بمعدل 5.2% يتوقع أن يسجل في البلاد هذا العام، وهو الأشد منذ 24 سنة، وتعود أسباب هذا الركود أساسًا إلى "التأثير المزدوج للجفاف والقيود المفروضة للحد من انتشار وباء كوفيد-19".
بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا وتأثيرات الجفاف على القطاع الزراعي، يتوقع أن يعاني الاقتصاد المغربي هذا العام ركودًا بمعدل 5.2% وهو الأشد منذ 24 عامًا، وفق ما أفاد بيان للمصرف المركزي.
وتسببت القيود المفروضة على التنقل في إطار الحجر الصحي المفروض منذ شهر مارس الماضي بشلل العديد من القطاعات الاقتصادية بالمغرب وزيادة معاناتها، بينما تعاني الزراعة القطاع الأهم في إجمالي الناتج الداخلي للبلاد من تداعيات موسم جاف، ويرتقب أن تتراجع قيمتها المضافة بـ4.6%.
وأعلنت السلطات مطلع يونيو الماضي تخفيفًا تدريجيًّا لإجراءات الحجر الصحي، يرتقب أن يتسارع مع استمرار حالة الطوارئ الصحية حتى اليوم -10 يوليو- مؤكدة استئناف الأنشطة الصناعية والتجارية والمهن الحرة.
جائحة كورونا تسببت في زيادة نسب البطالة بشكل هائل، حيث أدت لفقدان ما يقارب مليون وظيفة، ما يعادل 20% من اليد العاملة في المقاولات المنظمة"، كما أشار مصرف المغرب استنادًا إلى إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط.
وتوقع من جانب آخر أن يعادل عجز الموازنة العامة هذا العام معدل 7.6% من الناتج الداخلي مقابل 4.1% العام الماضي.
بسبب إجراءات العزل التي أعلنتها الحكومة، ارتفعت نسب البطالة لتسجل مستويات قياسية، حيث تشير بيانات المندوبية السامية للتخطيط، إلى أن معدل البطالة على المستوى الوطني ارتفع بنسبة 10.5% خلال الربع الأول من العام الحالي، مقابل نحو 9.1% خلال نفس الفترة من العام الماضي.
البيانات الرسمية.. الفقر يضرب نصف المغاربة والبطالة تسجل أرقامًا قياسية
وتشير البيانات إلى أن عدد العاطلين تزايد بنحو 208 آلاف شخص على المستوى الوطني؛ إذ ارتفع بنحو 165 ألف شخص في الوسط الحضري، و43 ألفًا في الوسط القروي، وانتقل عدد العاطلين، ما بين الفصل الأول من سنة 2019، ونفس الفصل من سنة 2020، من 1.084 مليون عاطل إلى نحو 1.292 مليون عاطل، مسجلاً بذلك ارتفاعاً في الحجم الإجمالي للعاطلين بنسبة 19.1% على المستوى الوطني.
ونتيجة لارتفاع نسب البطالة، فقد ارتفعت حدة الفقر، حيث تشير بيانات برنامج الأمم المتحدة في تقريره لسنة 2019، إلى أن نسبة الفقراء المغاربة الذين يعانون من الحرمان الشديد بلغت 45%.
حيث نبه التقرير ذاته، حول "مؤشر الفقر المتعدد الأبعاد لـ2019 إلى احتمالية ارتفاع نسبة الفقر، والحرمان في المغرب، معتبراً أن 13% من المواطنين معرضون للفقر المتعدد الأبعاد.
كما تشير البيانات إلى أن نحو 42% ممن يقعون في دائرة الفقر، يعانون من فقر التعليم، و32% يقاسون المعيشة الأساسية، فيما بلغت نسبة فقر الصحة نحو 13%.
نواجه تداعيات جائحة كورونا وحدنا والحكومة تحتاج لمن يساعدها
يقول أنس وليد، 43 عاماً، منذ إجراءات الحكومة ونحن نجلس في المنزل دون أمل في العثور على فرصة عمل، الأوضاع الاقتصادية في المغرب لا تحتمل تلك الإجراءات طويلًا فالأمور كانت متدهورة من قبل تفشي وباء كورونا وتبعاته.
وأضاف: الحكومة الحالية تستدين حتى تستطيع تسيير أمورها، ورغم ذلك تزداد الأمور صعوبة فلا نحن نستطيع الحياة بشكل إنساني وفي الوقت نفسه ندرك أن لحظاتنا الصعبة هي أيضًا ديون سيتحمل عبئها الأجيال القادمة، ما نعيشه الآن هو الفشل بعينه فلا حاضر مطمئن ولا مستقبل مستقر.
وتابع وليد: رأينا حكومات العالم حتى في الدول الفقيرة وشديدة الفقر دعمت شعوبها في مواجهة تداعيات تفشي فيروس كورونا، وكل من تلك الدول ضخت مبالغ هائلة لتعويض المواطنين عن خسائرهم، أما هنا فنحن مضطرون لمواجهة التداعيات بمفردنا دون دعم من أحد، فالحكومة المغربية تحتاج لمن يساعدها فلذلك لا ننتظر منها أن تمد لنا يد المساعدة.
وليد يقول: إن معظم الشباب المغربي ينتظر بفارغ الصبر تراجع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول الأوروبية لمحاصرة كورونا، ليستطيع الهرب إلى أوروبا بحثًا عن فرص عمل وفرصة أفضل لحياة كريمة يحلم بها، حيث أصاب اليأس معظم الشباب في تحسن الأحوال في المغرب.
البطالة مرض أصاب كل بيت في المغرب.. ورغم خطورة قوارب الموت فلا بديل لها
في السياق ذاته، يقول حليم مهدي، 32 عاماً، أجهز أنا وعشرات من معارفي وأصدقائي مبالغ مالية لنحاول استغلالها في استئجار قارب صغير نهرب به من المستقبل الغامض في المغرب إلى المستقبل غير المضمون في أوروبا.
وأضاف: الجميع حذرنا، ونحن نعرف جيدًا خطورة المغامرة بأرواحنا في قوارب متهالكة ولكن البديل أن نموت جوعًا في وطننا، فرص العمل أصبحت معدومة، والبطالة أصبحت مرضاً أصاب كل بيت في المغرب، فلا يوجد بيت مغربي إلا وتجد فيه شخصين أو أكثر يعانيان من البطالة ولا يجدون فرصة عمل مناسبة ورغم ذلك يزداد التضخم وتزداد ارتفاع الأسعار.
الإحصاءات الرسمية أكدت أن الهجرة السرية تفاقمت بشدة خلال الثلاثة أعوام الأخيرة، أي قبل جائحة كورونا وتداعياتها، ونتوقع هنا أن تتضاعف الهجرة بشكل هائل بعد رفع الحظر وعودة الحياة الطبيعية إلى العالم مرة أخرى، التكنولوجيا أسهمت في سهولة الهجرة وأصبحنا نستطيع السفر إلى الضفة الأخرى (أوروبا) مستخدمين زوارق بسيطة وسريعة ودراجات نارية بحرية بأقل مبالغ مالية ممكنة، نتمنى ألا نهرب من بلادنا ولكن نريد من الحكومة أن تعطينا سبباً واحداً لبقائنا في بلد لا يدعمنا بأي شكل من الأشكال.