القاهرة تحتضن قمة مصيرية.. العرب يحبطون مخططات ترامب ويبحثون مستقبل غزة
القاهرة تحتضن قمة مصيرية.. العرب يحبطون مخططات ترامب ويبحثون مستقبل غزة

من المقرر أن يجتمع قادة الدول العربية في العاصمة المصرية القاهرة من أجل إقرار خطة لإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك في إطار مواجهة الأفكار المثيرة للجدل التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغم أن هناك العديد من التفاصيل الجوهرية التي ما تزال بحاجة إلى التوافق عليها قبل اعتماد الخطة بشكل نهائي، حسبما نقلت وكالة "بلومبرج" الأمريكية.
قمة استثنائية
وبحسب الوكالة الأمريكية، من المتوقع أن يتم الكشف عن هذه الخطة خلال قمة استثنائية للجامعة العربية ستعقد في القاهرة في وقت لاحق اليوم الثلاثاء، حيث يسعى القادة، وعلى رأسهم قادة المملكة العربية السعودية، إلى إظهار موقف عربي موحد في مواجهة اقتراح ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين، غير أن الخطة العربية تواجه عددًا من العقبات الرئيسية، وفقًا لما أفاد به عدد من المطلعين على تفاصيل الوثيقة التي تمتد لنحو 150 صفحة.
وتبرز خلافات حادة حول مسألة من سيتولى إدارة شؤون قطاع غزة في المرحلة المقبلة، بحسب مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها بسبب حساسية المعلومات، كما أن الملف الأمني للقطاع ما يزال نقطة خلافية، إلى جانب مستقبل حركة حماس في أي ترتيبات قادمة.
وتخيم على أجواء القمة مخاوف جدية من احتمال تجدد القتال بين إسرائيل وحماس بعد انتهاء وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع يوم الأحد الماضي، الأمر الذي قد يجعل أي خطط للإعمار غير ذات جدوى في الوقت الراهن.
وترغب إسرائيل، وبدعم أمريكي واضح، في تمديد المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة الذي تم التوصل إليه في يناير بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية.
وفي المقابل، تصر حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والعديد من الدول كمنظمة إرهابية، على ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من المفاوضات، وهي المرحلة التي تتضمن وضع خارطة طريق لإنهاء الحرب بشكل كامل.
استياء عربي
وفي خطوة أثارت استياء الوسطاء العرب، وفي مقدمتهم السعودية، قررت إسرائيل تعليق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بسبب تعثر المفاوضات، ما دفع الرياض إلى تكثيف جهودها لحشد التأييد الإقليمي للخطة العربية البديلة عن مقترحات ترامب لإعادة إعمار غزة.
وخلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن الشهر الماضي، طرح ترامب فكرة أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة، مع تهجير سكانه الفلسطينيين وتحويله إلى وجهة سياحية، وهو ما قوبل بإدانة واسعة في مختلف أنحاء العالم العربي وخارجه.
وشدد وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي - في تصريحات له، يوم الأحد - على أنه لا يوجد بديل عن التنفيذ الأمين والكامل من جانب كافة الأطراف لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في يناير، محذرًا من أن العودة إلى الحرب ستقضي على كافة الجهود المبذولة للتخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في غزة.
وأكد عبدالعاطي -خلال مؤتمر صحفي عقده في القاهرة مع مفوضة الاتحاد الأوروبي لمنطقة المتوسط دوبرافكا سويكا-، أن الحفاظ على وقف إطلاق النار هو العامل الحاسم والأهم في هذه المرحلة.
وبحسب وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة، فقد أسفرت الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ اندلاعها في أكتوبر 2023 عن مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني، بينما دُمرت أجزاء واسعة من القطاع بالكامل، وقدرت تكلفة إعادة الإعمار بنحو 50 مليار دولار.
خطة مصرية
الخطة المصرية العربية الإسلامية لإعادة إعمار غزة، وفق ما أعلنه عبدالعاطي، سيتم عرضها على القادة العرب في قمة القاهرة للحصول على موافقتهم المبدئية، قبل أن يتم الانتقال إلى اجتماع على المستوى الوزاري في السعودية لمناقشة التفاصيل الدقيقة للخطة، بمشاركة ممثلين عن الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل إندونيسيا وإيران وماليزيا وتركيا وغيرها.
وأوضح عبدالعاطي، أن المرحلة التالية ستشهد تنظيم جولات دبلوماسية في العواصم العالمية لشرح الخطة وحشد الدعم السياسي والمالي لها، إلى جانب مشاورات مكثفة مع الدول المانحة الرئيسية لضمان تأمين الموارد اللازمة لتنفيذها.
ورغم أن عبدالعاطي لم يكشف عن تفاصيل الخطة قبل قمة القاهرة، إلا أن مصادر مطلعة على مضمونها أفادت بأنها تتضمن إنشاء مساكن مؤقتة للفلسطينيين بالتزامن مع بدء عمليات إزالة الأنقاض على نطاق واسع.
كما أكدت المصادر، أن الخطة تقترح إبعاد حركة حماس عن إدارة شؤون غزة اليومية، على أن تتولى لجنة من الكفاءات والشخصيات المرموقة إدارة القطاع تحت إشراف ممثلين عن الدول العربية.
غير أن الخطة لا تتضمن حتى الآن آلية واضحة للتعامل مع ملف نزع سلاح حماس أو كيفية إخراجها من المشهد تمامًا، وهو ما قد يجعلها غير مقبولة بالنسبة لإسرائيل وأغلب الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، أكدت المفوضة الأوروبية دوبرافكا سويكا، أن الاتحاد الأوروبي لن يعتبر حماس شريكًا أو طرفًا يمكن التعامل معه في أي ترتيبات مستقبلية.