بعد قرار ترامب بوقف المساعدات العسكرية.. هل تستسلم أوكرانيا للضغوط الأمريكية؟
بعد قرار ترامب بوقف المساعدات العسكرية.. هل تستسلم أوكرانيا للضغوط الأمريكية؟

وجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - في وقت متأخر أمس الإثنين- بإيقاف جميع أشكال المساعدات الأمريكية لأوكرانيا بشكل مؤقت، وذلك في خطوة تهدف إلى ممارسة ضغوط مباشرة على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدفعه للانخراط في مفاوضات جدية لإنهاء الحرب المستمرة مع روسيا، حسبما نقلت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية.
جاء هذا القرار بعد أيام فقط من اجتماع كارثي داخل المكتب البيضاوي، حيث وجه ترامب ونائبه جي دي فانس انتقادات حادة لزيلينسكي، بسبب ما اعتبروه افتقارًا للاحترام والامتنان من الجانب الأوكراني تجاه الولايات المتحدة، التي قدمت أكثر من 180 مليار دولار من المساعدات العسكرية لكييف منذ بدء الغزو الروسي قبل ثلاث سنوات.
موقف الإدارة الأمريكية
ووفقًا لمسؤول في البيت الأبيض، فإن ترامب يضع مسألة التوصل لاتفاق سلام على رأس أولوياته، ويريد من زيلينسكي إظهار التزام واضح بهذا المسار.
وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن المساعدات ستظل مجمدة حتى يثبت الجانب الأوكراني استعداده الفعلي للتفاوض مع موسكو.
وتأتي هذه الخطوة بعد نحو 5 سنوات من قيام ترامب بوقف مساعدات عسكرية لأوكرانيا للضغط على زيلينسكي لفتح تحقيق حول المرشح الديمقراطي آنذاك جو بايدن، وهو الأمر الذي أدى إلى مساءلته الأولى في الكونغرس الأمريكي.
وخلال حملته الانتخابية لعام 2024، وعد ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة، بل وادّعى في إحدى المناسبات أنه قادر على إنهاء القتال في غضون 24 ساعة فقط، ومع ذلك، أبدى ترامب في الآونة الأخيرة إحباطًا متزايدًا من زيلينسكي بسبب استمرار الحرب، بينما عبّر عن ثقته في قدرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي طالما أبدى إعجابه به، على الحفاظ على السلام في حال التوصل إلى هدنة.
توتر متزايد بين واشنطن وكييف
وتابعت الوكالة الأمريكية، أنه في وقت سابق من أمس الإثنين، انتقد ترامب زيلينسكي بسبب تصريحاته التي أشار فيها أن إنهاء الحرب ما زال بعيد المنال.
واعتبر ترامب هذه التصريحات غير مقبولة، مؤكداً أن الولايات المتحدة لن تتسامح مع مثل هذا الموقف لفترة أطول.
وفي فعالية لاحقة في البيت الأبيض، أشار ترامب مجددًا إلى تصريحات زيلينسكي، مؤكدًا أن الرئيس الأوكراني "من الأفضل له أن يكون مخطئًا" بشأن تقييمه للوضع.
ومن جانبه، حاول زيلينسكي في وقت لاحق تهدئة الأجواء عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، شدد فيه على أهمية الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن.
وأكد أن الشعب الأوكراني هو الأكثر رغبة في تحقيق السلام، لأن الحرب دمرت مدنهم وأودت بحياة آلاف الأبرياء.
صفقة المعادن المؤجلة
وكانت التوقعات تشير أن الولايات المتحدة وأوكرانيا ستوقعان اتفاقًا اقتصاديًا خلال زيارة زيلينسكي الأخيرة لواشنطن، يمنح الشركات الأمريكية حق الوصول إلى المعادن الحيوية في أوكرانيا كجزء من جهود سداد المساعدات العسكرية.
واعتبرت الإدارة الأمريكية هذا الاتفاق وسيلة لتعزيز العلاقات الثنائية على المدى الطويل، إلا أن تعليق المساعدات ألقى بظلاله على مصير هذه الصفقة.
وأثار قرار ترامب وقف المساعدات موجة انتقادات من الديمقراطيين في الكونغرس، حيث وصف النائب الديمقراطي بريندان بويل القرار بأنه تصرف طائش وغير مبرر ويهدد الأمن القومي الأمريكي.
وأشار بويل، أن المساعدات سبق وأن أُقرت بتوافق الحزبين الجمهوري والديمقراطي؛ مما يعكس أهمية دعم أوكرانيا كجزء من الدفاع عن الديمقراطية في مواجهة روسيا.
كما اعتبر النائب الديمقراطي دان غولدمان القرار بمثابة "ابتزاز جديد" لزيلينسكي، مشبهاً الخطوة بما حدث خلال التحقيق الأول لعزل ترامب.
وأكد أن تعليق المساعدات يهدف للضغط على أوكرانيا للموافقة على صفقة المعادن.
جدل داخل البيت الأبيض
من جانبه، أشار مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، أن موقف زيلينسكي خلال محادثاته مع ترامب في البيت الأبيض أثار تساؤلات حول مدى استعداده شخصيًا وسياسيًا للتوجه نحو إنهاء القتال.
وأضاف: والتز أن التساؤلات حول قدرة زيلينسكي على تقديم التنازلات الضرورية لتحقيق السلام أصبحت مطروحة بقوة داخل الإدارة الأمريكية.
وداخل الحزب الجمهوري، أبدى بعض المشرعين قلقهم من تداعيات قرار تعليق المساعدات، حيث دعا السيناتور الجمهوري توم تيليس إلى خفض التوتر والعمل على التوصل إلى اتفاق اقتصادي يخدم مصالح الطرفين ويضمن استمرار دعم أوكرانيا.
ويرى مراقبون، أن القرار يزيد من تعقيد العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، الذين يعتبرون الموقف الأمريكي عاملًا رئيسيًا في الحفاظ على وحدة الصف الغربي في مواجهة روسيا.
وأشارت أنجيلا ستينت، المسؤولة السابقة في جهاز الاستخبارات الوطني الأمريكي، أن بوتين يراقب هذه الانقسامات عن كثب، ويراهن على أن استمرار الخلافات داخل المعسكر الغربي سيعزز من موقف روسيا على المدى الطويل.
صفقة المعادن كلمة السر
وتابعت الوكالة الأمريكية، أنه رغم الأزمة المتصاعدة، أكد ترامب أمس الإثنين، أنه لم يتخلَ عن الصفقة الاقتصادية مع أوكرانيا، واصفًا إياها بأنها "صفقة رائعة"، متوقعًا أن يتحدث عنها خلال خطابه أمام جلسة مشتركة للكونغرس يوم الثلاثاء.
في محاولة لإعادة الأمور إلى نصابها، أجرى النائب الجمهوري براين فيتزباتريك، الرئيس المشارك لتكتل دعم أوكرانيا في الكونغرس، اتصالًا مع رئيس مكتب زيلينسكي، أندري يرماك، لبحث سبل إعادة صفقة المعادن إلى مسارها الطبيعي.
كما أشار السيناتور الجمهوري مارك وين مولين، وهو من المقربين لترامب، أن الطرفين قادران على تجاوز الخلافات، معتبرًا أن إتمام صفقة المعادن سيكون خطوة أولى لاستعادة الثقة المتبادلة.