الكونجرس يلاحق أموال قطر الفاسدة في المؤسسات الفكرية الأميركية
يلاحق الكونجرس أموال قطر الفاسدة في المؤسسات الفكرية الأميركية
أعلن الكونجرس الأميركي بدأ اتخاذ خطوات لتطهير المؤسسات الفكرية والمالية مما أسماه بالأموال الفاسدة من خلال تشريع جديد للتخلص من استغلال النفوذ الأجنبي، وتزامن هذا الإجراء مع التحقيق مع جنرال أميركي سابق ترأس أحد هذه المؤسسات الفكرية وتلقى تمويلا ضخما من قطر للضغط على الإدارة الأميركية من أجل الدفاع عن قطر خلال أزمتها مع الرباعي العربي.
مشروع القانون
صحيفة "نيو ريببلك" الأميركية، أكدت أنه بعد سنوات من حملة دونالد ترامب لعام 2016 التي دفعت تهديد الضغط الأجنبي غير المسجل إلى دائرة الضوء الوطنية، يدفع الكونجرس أخيرًا لإنهاء بعض الثغرات التي حولت واشنطن إلى بؤرة للنفوذ الأجنبي، وفي رأس الحربة يوجد "قانون مكافحة النفوذ الأجنبي"، وهو إجراء من الحزبين يهدف إلى تنظيف قطاع عريض من الصناعات الأميركية التي تمولها حاليًا الحكومات الأجنبية جزئيًا.
ووفقا للصحيفة فإن مشروع القانون، الذي ابتكره النائب جاريد جولدن، سينفذ مجموعة من متطلبات الإفصاح، بالإضافة إلى سلسلة جديدة من الحظر على الكيانات التي أمضت سنوات في التهام الثروة غير المشروعة، وتعد المتطلبات المقترحة هي بعض من أكثر المتطلبات جرأة التي تم اقتراحها على الإطلاق، لكن ما هو غير مسبوق حقًا بشأن مشروع القانون هذا هو مجموعة المنظمات التي يأمل أنصارها في تطهيرها من النفوذ الأجنبي الغادر.
وأفادت الصحيفة بأن مشروع قانون جولدن - الذي يضم رعاة مشاركين يتراوحون من نصير ديمقراطي مثل كاتي بورتر إلى مساعدين جمهوريين مثل بول جوسار - له ثلاثة محاور أساسية، أي واحد منها يستحق تمريره بمفرده.
وينص مشروع القانون على منع جميع الوكلاء الأجانب المسجلين من جمع الأموال للحملات السياسية، في ظل عدم وجود أي حظر حاليًا على أي جماعة ضغط أجنبية من تلقي التبرعات ذات المبالغ الكبيرة للحملات السياسية، بما في ذلك تلك التي تستهدفها نيابة عن الحكومات الأجنبية، كما سيحظر مشروع القانون الجديد جميع أعضاء الكونغرس السابقين -وكذلك الرؤساء ونواب الرئيس والضباط العسكريون وكبار مسؤولي السلطة التنفيذية- من أن يتحولوا لجماعات ضغط أجنبية بعد تركهم مناصبهم.
حاليًا، يُسمح لهؤلاء المسؤولين بالعمل نيابة عن أي مدير أجنبي يرغبون فيه، طالما أنهم يلتزمون بفترات "تهدئة" معينة. كان هذا من السماح من المشرعين إلى جماعات الضغط مربحًا في السنوات الأخيرة؛ ما أدى إلى إغراق جهاز الضغط الأجنبي بالمسؤولين السابقين المتحمسين للاستفادة من اتصالاتهم. حتى الوطنيين المفترضين مثل الراحل بوب دول شاركوا في دائرة جماعات الضغط الأجنبية؛ ما فتح الباب أمام المسؤولين الأميركيين الآخرين ليتبعوه.
الأموال القطرية
الصحيفة أكدت أن الجزء الأكثر ابتكارًا في مشروع قانون جولدن سيجبر جميع مؤسسات الفكر والرأي الأميركية والمنظمات غير الربحية على الكشف عن أي تبرعات ملحوظة من حكومات أجنبية أو أحزاب سياسية أجنبية، حيث طال انتظار هذا الإجراء بعد أن أمضت مراكز الأبحاث الأميركية العقود القليلة الماضية في التحول بشكل فعال إلى جنود مشاة لمجموعة من الحكومات الأجنبية - وخاصة الديكتاتوريات التي تسعى للوصول إلى المشرعين المؤثرين من أجل قلب السياسة الأميركية، وأمضت مراكز الأبحاث المعروفة مثل معهد بروكينغز في أخذ الملايين من الحكومات الاستبدادية وعلى رأسها قطر، دون أي متطلبات إفصاح ضرورية، كما ينطبق الشيء نفسه على جميع المؤسسات الأميركية غير الربحية، من الجامعات إلى المراكز الثقافية.
ووفقاً للصحيفة، فقد كانت أكثر اتهامات جماعات الضغط الأجنبية إثارةً وفضيحةً في وقت سابق من هذا الشهر، عندما جاء في مذكرة تفتيش قدمها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بالتفصيل كيف أن جون ألين، الذي عمل لسنوات كرئيس لمؤسسة بروكينغز، كان بمثابة جماعة ضغط لصالح الحكومة في قطر، ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تصدرت فيها علاقة بروكينغز مع قطر عناوين الصحف، فمنذ ما يقرب من عقد من الزمان، كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن معهد بروكينغز -الذي يعتبر أول مؤسسة فكرية تم تشكيلها في الولايات المتحدة، منذ أكثر من قرن- قد حصل على ملايين الدولارات من الإمارة الخليجية الصغيرة الوحشية، والتي أصبحت أكبر مصدر فردي للتمويل في المنظمة، وفي الوقت الذي نفى المسؤولون التنفيذيون في معهد بروكينغز أن يكون أي من عمل المجموعة قد دفع بالسياسة المؤيدة لقطر، استشهد العديد من الشركات التابعة لـ"الرقابة الذاتية"، حيث وصف أحدهم الأمر بأنه أشبه بالمنطقة المحظورة عندما يتعلق الأمر بانتقاد الحكومة القطرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن ألين وهو جنرال متقاعد كان يشرف ذات مرة على جميع القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان، كان فعالًا في حقيبة النظام في قطر. في العديد من الاجتماعات مع المسؤولين القطريين وغيرهم من جماعات الضغط المؤيدة لقطر، حيث نصح ألين قطر مباشرة بكيفية صياغة رسالتها الخارجية، وشمل ذلك الضغط على استخدام عمليات المعلومات "السوداء"، والتي، كما أوضحت أسوشيتد برس، "عادة ما تكون سرية وفي بعض الأحيان غير قانونية".
وفي مقابل جهوده، طلب ألين عشرات الآلاف من الدولارات "كرسوم للمتحدث"، ووضع "ترتيبًا أكمل لعلاقة طويلة الأمد"، في هذه الأثناء، وبالعودة إلى واشنطن، شارك ألين في مجموعة من الاجتماعات رفيعة المستوى مع مسؤولي البيت الأبيض، دافعًا السياسة المؤيدة لقطر - دون أن يكلف نفسه عناء الكشف عن ترتيباته المالية، ولم تكن مجرد طلبات لأشياء مثل "أتعاب المتحدث"، فوفقًا لتفاصيل الإفادة الخطية، فإنه "في نفس الوقت الذي كان يضغط فيه على مسؤولي الحكومة الأميركية نيابة عن قطر، أجرى ألين صفقة تجارية واحدة على الأقل بملايين الدولارات مع الحكومة القطرية نيابة عن شركة عمل في مجلس إدارتها".
ووفقاً للصحيفة، فلم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فعندما بدأ المحققون الأميركيون في التمعن في عمل ألين نيابة عن قطر، واستدعاء وثائق من الجنرال السابق، فشل ألين في تسليم "الوثائق التي كشفت عن مصلحته المالية"، بما في ذلك "وثائق التجريم" التي تربطه مباشرة بجماعات الضغط الأخرى العاملة في قطر. أثناء الاستجواب، قدم ألين مزيدًا من "رواية خاطئة للأحداث" حول صلاته بقطر.