كلمات أخيرة تكشف الغموض.. من هو السفير الجنوب أفريقي الذي رحل فجأة في باريس؟

كلمات أخيرة تكشف الغموض.. من هو السفير الجنوب أفريقي الذي رحل فجأة في باريس؟

كلمات أخيرة تكشف الغموض.. من هو السفير الجنوب أفريقي الذي رحل فجأة في باريس؟
سفير جنوب أفريقيا

عاشت الأوساط الدبلوماسية الدولية صدمة كبيرة بعد الإعلان عن وفاة سفير جنوب أفريقيا لدى فرنسا، نكوسيناثي إيمانويل "ناثي" مثيثوا، إثر سقوطه من الطابق 22 بأحد فنادق العاصمة باريس، صباح الثلاثاء، وبحسب ما نقلته وسائل إعلام فرنسية، فإن الحادث وقع في ظروف ما تزال غامضة، بينما باشرت السلطات المحلية تحقيقاتها لكشف ملابساته، اللافت أن الوفاة جاءت بعد يومٍ واحد من بلاغ رسمي تقدمت به زوجة السفير حول اختفائه، إذ ذكرت أنها تلقت رسالة نصية مقلقة منه في الليلة السابقة، ما دفعها إلى إبلاغ الشرطة. 

صحيفة *لو باريزيان* الفرنسية أوضحت، أن الرسالة كانت السبب المباشر في تحريك إجراءات البحث. من جهتها، أكدت وزارة الخارجية في جنوب أفريقيا علمها بالحادثة، مشيرة إلى أنها ستصدر بيانًا رسميًا بعد استكمال التحقيقات.

من هو ناثي مثيثوا؟


وُلد نكوسيناثي إيمانويل "ناثي" مثيثوا في 23 يناير 1967، ونشأ في بيئة مشحونة بالصراع ضد نظام الفصل العنصري، منذ سن الخامسة عشرة، انخرط في صفوف النقابات العمالية المناهضة للتمييز العنصري، حيث برز كصوت شبابي ملتزم بالدفاع عن حقوق العمال والطبقات المهمشة.

وفي عام 1990، انتُخب أول أمين فرع لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي في منطقة كلارووتر، ليخطو أولى خطواته نحو مسيرة سياسية طويلة ارتبطت بالنضال والتغيير الاجتماعي.

توالت أدوار مثيثوا داخل الحزب، فسرعان ما أصبح السكرتير المنظم لرابطة شباب المؤتمر الوطني الأفريقي بين عامي 1994 و2001، وهو المنصب الذي رسّخ حضوره كقيادي بارز بين الجيل الجديد.

وفي 2002، دخل البرلمان عضوًا في الجمعية الوطنية، ليشارك في صياغة التشريعات ورسم السياسات. بين عامي 2004 و2008، ترأس اللجنة البرلمانية للمناجم والطاقة، حيث عُرف بجرأته في مناقشة ملفات حساسة تمس الاقتصاد الوطني. 

ومع سبتمبر 2008، تولى حقيبة وزارة السلامة والأمن في حكومة الرئيس كغاليما موتلانتي، ما منحه خبرة واسعة في القضايا الأمنية والاستراتيجية.

حضور دبلوماسي


لم يقتصر تأثير مثيثوا على السياسة الداخلية، بل امتد إلى الساحة الدولية، فقد مثّل بلاده مندوبًا دائمًا لدى اليونسكو، قبل أن يُعين وزيرًا للفنون والثقافة بين 2014 و2019، ثم وزيرًا للرياضة والفنون والثقافة بين 2019 و2023. 


خلال هذه الفترة، عمل على ربط الثقافة بالرياضة كقوتين ناعمتين تعززان صورة جنوب أفريقيا عالميًا.

وفي فبراير 2024، تولى منصب سفير بلاده في فرنسا، حيث ركّز على دفع الشراكات الاقتصادية والتعليمية والثقافية مع باريس، ليُثبت نفسه كواحد من أبرز وجوه الدبلوماسية الجنوب أفريقية.

على الصعيد الحزبي، ظل مثيثوا شخصية نافذة داخل المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC). فقد انتُخب عضوًا في اللجنة التنفيذية الوطنية – وهي أعلى سلطة لصنع القرار في الحزب – منذ 2007 وحتى 2022، كما شارك في لجنة العمل الوطنية التي تشرف على الإدارة اليومية. إضافة إلى ذلك، كان ناشطًا مؤثرًا في فرع كينج دينجيسوايو بإقليم كوازولو ناتال، حيث لعب دورًا محوريًا في دعم برامج الحزب وتثبيت حضوره المحلي.

إرث وخسارة


برحيله المفاجئ، فقدت جنوب أفريقيا سياسيًا مخضرمًا جمع بين النضال النقابي، والعمل البرلماني، والخبرة الوزارية، والدبلوماسية الدولية، كان يُنظر إلى مثيثوا باعتباره نموذجًا لقيادي يجمع بين الفكر العملي والالتزام الوطني، وقد ترك بصمة واضحة في كل موقع شغله، موته المأساوي في باريس يمثل خسارة ليس لعائلته ووطنه فحسب، بل للمشهد الدبلوماسي الأفريقي بأسره.