من أميركا.. أحفاد الأرمن يتحدثون عن إعلان الإبادة الجماعية لأجدادهم
أعترف الرئيس الأميركي بإبادة الأرمن في تركيا وأحفادهم يتحدثون عنها
تصنف عمليات التهجير القسري التي قامت بها الدولة العثمانية ضد الأرمن في عام 1915، هي واحدة من الفظائع التي ارتكبها الاحتلال العثماني، حيث أودت إلى عمليات القتل الجماعي بحياة أكثر من مليون شخص، كما تقدرها الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية.
وجاء اعتراف الإدارة الأميركية الحالية، رسميا بأن عملية التهجير القسري التي أودت بحياة الأرمن العرقيين "إبادة جماعية"، تضع حدا للجدل الذي حاولت تركيا الحديثة، ولاسيما في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التنصل منه، بل وسعت في المحاولات المستمرة لإثارة عداوة الأرمن، والأقليات بشكل عام.
لماذا تأخر الاعتراف الأميركي؟
كانت واشنطن حذرة من الاعتراف بالإبادة الجماعية بحق الأرمن، خوفًا من الإضرار بالعلاقات مع تركيا، حسب ما وصفت الأمر صحيفة وول ستريت جورنال" الأميركية.
أشارت الصحيفة إلى أن تخوف واشنطن انعكس على قرار الكونغرس الأميركي في عام 2019، والذي صوت قرار غير ملزم بالاعتراف بعمليات القتل على أنها إبادة جماعية في عام 2019.
وخلال فترة الثمانينيات كان الرئيس الأميركي رونالد ريجان، أحد الذين أشاروا إلى مذابح العثمانيين بحق الأرمن، ولاسيما أن ريجان بدأ حياته السياسية بين عدد كبير من السكان الأرمن الأميركيين في كاليفورنيا؛ ومع ذلك فقد توقف الرؤساء الآخرون عن استخدام هذا المصطلح خلال فترة وجودهم في مناصبهم.
الشتات الأرمني والضغط على واشنطن
يعرف الشتات الأرمني بأنهم الأرمن الذي يعيشون خارج أرمينيا، بالإضافة إلى سلالات الناجين من مذابح العثمانية، والذين لجأوا للعيش في دول حول العالم.
وتؤكد صحيفة وول ستريت جورنال، أن العديد من الأرمن، وخاصة أولئك الذين عاشوا في القسطنطينية (إسطنبول) أو على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، غادروا للاستقرار في أوروبا أو الولايات المتحدة.
وتعد الجالية الأرمينية في الولايات المتحدة ثاني أكبر جالية في العالم بعد الروسية، حيث تقدر بـ1.5 مليون أميركي من أصول أرمينية، شكلوا ضغطا على واشنطن للاعتراف بالمذبحة والإبادة التي تعرض لها أجدادهم.
أرمن أميركا: التأخير في الاعتراف أفضل من عدمه
ويرى بعض الأرمن أن التأخير في الاعتراف الأميركي بالإبادة أفضل من عدم الاعتراف.
وقال المواطن الأميركي جورج ماد 46 عاما، وهو من أصول أرمينية، إن تصنيف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لحملة تركيا العثمانية ضد الشعب الأرمني على أنها إبادة جماعية سيكون خطوة أولى في تحقيق العدالة التي طال انتظارها.
وأضاف خلال اتصال هاتفي مع "العرب مباشر": "فنحن نشعر بالعار لأننا لم نستطع الحصول على العدالة والقصاص لأجدادنا حتى الوقت الحالي، بينما ترفض تركيا الحديثة الاعتراف بالجرائم التي ارتكبت خلال فجر النظام القديم".
فيما يقول جون سيرفارت أميركي آخر من أصول أرمينية- 40 عاما، إن الإعلان الأميركي يمثل لدينا نحن الأرمن قدرا هائلا من الإنجاز، حيث إننا نحزن على أسلافنا، مشيرا إلى أنهم حتى الوقت الحالي محرومون من العودة لأوطانهم، ويفتقدون ثقافتهم التي تم تدميرها في شرق تركيا.
تابع في اتصال مع "العرب مباشر": "رغم أننا لسنا إلا أحفاد ولم نشهد الإبادة التي تمت بحق أجدادنا، ولكن هذا الجرح لا يضمد، ولاسيما في ظل عدم اعتراف تركيا أبدًا بالجريمة التي اقترفها أجدادهم العثمانيون".
سلالات الناجين
من ناحية أخرى يقول الكاتب الأميركي كريس بوهجاليان، مؤلف كتاب "فتيات ساند كاسل": "عمليا كل أرميني على قيد الحياة اليوم هو سليل أحد الناجين من الإبادة الجماعية للأرمن"، لافتا أنهم يستحقون أن يشهدوا العدالة تتحقق وترد لهم حقوق أجدادهم.
الإنكار التركي
أما جوزيف كيشيشيا، الزميل الأول في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية يقول: "يفترض المرء أن النتيجة المهمة الأخرى للإبادة الجماعية للأرمن هي الإنكار الذي مارسته الحكومات التركية المتعاقبة، حتى لو اعترف بها آخر الحكام العثمانيين وحاكموا بالفعل عددًا من المسؤولين الذين ثبتت إدانتهم".
وتابع "الخلاف لا يبدأ حتى في شرح الأذى الذي يشعر به الأرمن، لأن الإنكار يترجم إلى إبادة جماعية ثانية - وإن كانت نفسية، في نهاية المطاف، الأتراك الصالحون -وهناك الكثير منهم- سوف يعترفون بالفصول المظلمة من تاريخهم ويتصالحون معها، ولكن يبدو أننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد".
وبالنسبة لأرمن ساهاكيان، المدير التنفيذي للجنة القومية الأرمنية الأميركية - المنطقة الغربية ، فإن الإبادة الجماعية لم تنته حقًا.
وقال في إشارة إلى حرب ناغورني كاراباخ العام الماضي: "إنها مستمرة حتى يومنا هذا في تركيا ومحاولات أذربيجان المستمرة للهجوم على وجود الأرمن في وطنهم القديم وإفراغه وفي النهاية محوه".