غوما تحترق.. شهادات دامية من قلب معارك الكونغو

غوما تحترق.. شهادات دامية من قلب معارك الكونغو

غوما تحترق.. شهادات دامية من قلب معارك الكونغو
اشتباكات غوما

بينما تتصاعد حدة المواجهات في شرق الكونغو الديمقراطية، تتحول مدينة غوما إلى ساحة معركة مفتوحة، حيث يواجه السكان ويلات القتال بين الجيش الكونغولي ومتمردي حركة "إم 23"، أصوات الرصاص والقذائف تصدح في الأرجاء، والموت يخيّم على الشوارع التي غدت مغطاة بجثث القتلى، بينما تعاني المستشفيات من اكتظاظ غير مسبوق بالجرحى، وسط هذا الجحيم، يتحدث شهود عيان عن فوضى النهب وغياب القانون، حيث يفرّ المرتزقة الحلفاء للجيش، تاركين ممتلكاتهم لقمة سائغة لمدنيين مسلحين بأسلحة مسروقة، في ظل هذه الفوضى، تبرز مخاوف السكان من أن تتحول غوما إلى نقطة اشتعال جديدة في نزاع طال أمده، وسط اتهامات متزايدة بتورط أطراف إقليمية، مثل رواندا، في دعم التمرد.

*غوما تحت وابل من الرصاص* 


في الأيام الأخيرة من شهر يناير، شهدت غوما، عاصمة شمال كيفو، تصعيدًا خطيرًا بعدما زحفت قوات "إم 23" نحو المدينة، مدعومة -بحسب تقارير- بعناصر رواندية.

لم يكن تقدم المتمردين مجرد تحرك عسكري بل كان إعادة ترسيم للخريطة الأمنية شرق الكونغو، حيث عجز الجيش الكونغولي عن وقف التقدم رغم المقاومة العنيفة. 

"كانت السماء تمطر رصاصًا"، هكذا وصف أحد سكان غوما الوضع، متحدثًا عن الأيام الأربعة الأولى من الهجوم، حيث لم تهدأ أصوات القصف، وتحولت الشوارع إلى ساحات إعدام مفتوحة، بينما باتت المستشفيات غير قادرة على استيعاب المزيد من الجرحى الذين تجاوز عددهم الألف، في ظل هذه الظروف، اضطر كثيرون إلى البقاء داخل منازلهم، يترقبون مصير مدينتهم. 

*المدينة في قبضة المتمردين*


في 28 يناير، حين بدأ دوي الرصاص يتراجع نسبيًا، خرج بعض السكان لاستكشاف الوضع، يروي أحد الشهود: "وسط المدينة أصبح بالكامل تحت سيطرة مسلحي إم 23، كانوا يتحركون في مجموعات صغيرة، يرتدون زيًّا عسكريًا نظيفًا، ويضعون سماعات اتصال متطورة في آذانهم؛ مما يظهر مستوى التنظيم العالي لديهم"، وفقًا لتقرير نشرته مجلة "جون أفريك".

لم تكن سيطرة المتمردين تعني توقف الفوضى، بل فتحت الباب أمام موجة من عمليات النهب، بحسب شاهد عيان، "رأيت شبابًا يقتحمون مبنىً كان يشغله مرتزقة موالون للجيش الكونغولي، الذين فروا من المدينة قبل يوم واحد، خرجوا بالثلاجات والأسرة، بل حتى بالأسلحة".

البعض استغل هذه الأسلحة وأطلق النار في الهواء، بينما حاول مقاتلو إم 23 التدخل، مطالبينهم بترك السلاح وأخذ بقية المسروقات فقط.

*أوضاع متدهورة.. قطع للكهرباء والمياه* 


إلى جانب العنف، تعاني غوما من أزمة إنسانية خانقة، حيث لا تزال الكهرباء والإنترنت مقطوعين منذ بدء الهجوم.

يقول أحد السكان: إنه تمكن من الوصول إلى بحيرة كيفو لجلب المياه، بينما لجأ آخرون إلى مقرات المهجّرين للاستفادة مما تبقى من الإمدادات.

في ظل هذه الظروف، تزداد المخاوف من تدهور الأوضاع الصحية، لا سيما مع ارتفاع أعداد النازحين وانعدام الخدمات الأساسية. 

رغم تفاقم الأزمة، لا تزال بعثة الأمم المتحدة في الكونغو (مونوسكو) تسيّر دوريات في غوما، لكنها لم تتدخل بشكل فعّال لمنع سقوط المدينة.

في المقابل، يزداد الضغط على المجتمع الدولي لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه التدخلات الإقليمية، وسط اتهامات لرواندا بدعم المتمردين بالسلاح والعتاد، وهو ما تنفيه كيغالي. 

ومع استمرار تراجع الجيش الكونغولي أمام هجمات "إم 23"، يبقى مصير غوما معلقًا بين احتمالية تدخل دولي والسيناريو الأكثر ترجيحًا: سقوط المدينة بالكامل بيد المتمردين وتحولها إلى نقطة صراع جديدة في الحرب المستمرة شرق الكونغو.

في هذه الأثناء، يعيش السكان بين رعب القصف والخوف من المستقبل، بينما تتجه الأنظار إلى رد الفعل الدولي ومدى قدرته على كبح جماح النزاع المتفاقم.