العلاقات الإماراتية- التركية.. تعاون متصاعد وآفاق واعدة بين البلدين
تشهد العلاقات الإماراتية- التركية تعاون متصاعد وآفاق واعدة بين البلدين
تشهد العلاقات التركية الإماراتية تطوراً بوتيرة متسارعة بعد تسوية الخلافات بين البلدين، كما أنها مستمرة في التحسن، ويرى الخبراء أن هذه التطورات تشير إلى أن العلاقات التركية الإماراتية تسير في مسار إيجابي، فلدى البلدين الكثير ليقدمه كل منهما للآخر، اقتصاديا وإستراتيجيا، فتركيا هي سوق رئيسي لصادرات الإمارات العربية المتحدة، والإمارات العربية المتحدة هي مصدر رئيسي للاستثمار لتركيا، كما يتقاسم البلدان أيضا مصلحة مشتركة في الاستقرار الإقليمي.
كما يتعاون البلدان في عدد من القضايا الأخرى، مثل أمن الطاقة ومكافحة الإرهاب، ولدى البلدين تاريخ طويل من العلاقات التجارية والثقافية بين الحكومات والشعوب.
تسوية الخلافات
في عام 2021، بدأ البلدان في تسوية خلافاتهما، وكان الدافع وراء ذلك عدد من العوامل، بما في ذلك الرغبة في تحسين الاستقرار الإقليمي والحاجة إلى التعاون بشأن القضايا الاقتصادية، ومنذ ذلك الحين، استمرت العلاقات التركية الإماراتية في التحسن، ووقّع البلدان عددا من الاتفاقيات حول التجارة والاستثمار والتعاون في مجالات أخرى، وكان هناك أيضا عدد من الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين.
وطوى البلدان صفحة من الخلافات وذلك بعد زيارة أجراها رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا في ديسمبر 2021 في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول إماراتي رفيع منذ ما يزيد عن ثماني سنوات.
اتفاقيات اقتصادية
ووقّع البلدان خلال الزيارة اتفاقيات اقتصادية بقيمة 10 مليارات دولار، كما تم بعد ذلك توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تعاون أمنية واقتصادية وتكنولوجية شملت مجالات الاستثمار، والدفاع، والنقل، والصحة.
كما تعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين بتعاون عسكري حيث وقّعت تركيا والإمارات في مايو الماضي مذكرتي تفاهم لتطوير العلاقات في مجال الصناعات الدفاعية بين البلدين.
وتحدثت تقارير عن بيع تركيا طائرات مسيّرة إلى أبوظبي في إطار التقارب وذلك لاستخدام التكنولوجيا العسكرية التركية لمواجهة تهديدات إيران وحلفائها.
الاستقرار الإقليمي
ويرى مراقبون أن تعزيز التعاون بين تركيا والإمارات سيساهم في دعم الاستقرار في المنطقة في إطار توجهات أبوظبي لتخفيف التوتر في عدد من الملفات وتحسين العلاقات مع قوى إقليمية مثل إيران.
وتهتم كل من أبوظبي وأنقرة بمسألة الطاقة مع تصاعد الأزمة العالمية نتيجة انقطاع الإمدادات الروسية إلى أوروبا.
وتسعى تركيا لتعزيز التعاون الطاقي مع الإمارات التي باتت مستثمرا مهما في الطاقة خاصة الطاقة النظيفة.
وقد وقّعت دولة الإمارات وجمهورية تركيا عشرات الاتفاقيات الإستراتيجية ومذكرات التفاهم لتعزيز التعاون الثنائي، شملت المجالات الاقتصادية، والأمنية، والبيئية، والتكنولوجية... وغيرها.
ففي 24 نوفمبر 2021 وقّع البلدان عددا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم تضمنت مذكرة تفاهم بين وحدة المعلومات المالية في دولة الإمارات ومجلس التحقيق في الجرائم المالية في تركيا، واتفاقية تعاون بين شركة أبوظبي للموانئ وصندوق الثروة السيادية التركي، واتفاقية تعاون بشأن صندوق رأس المال الاستثماري لشركة أبوظبي القابضة، واتفاقية تعاون بين شركة أبوظبي القابضة وصندوق الثروة السيادية التركي، واتفاقية تعاون بين شركة أبوظبي القابضة ومكتب الاستثمار في تركيا، ومذكرة تفاهم بين سوق أبوظبي للأوراق المالية وبورصة إسطنبول، ومذكرة تفاهم لتبادل المعلومات في مجال الأعمال المصرفية بين المصرف المركزي في دولة الإمارات والمصرف المركزي في دولة تركيا، واتفاقية للتعاون الإداري المتبادل في المسائل الجمركية بين دولة الإمارات وتركيا، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة، ومذكرة تفاهم للتعاون في المجال البيئي.
اتفاقيات تعاون مشترك
وفي 14 فبراير 2022 تبادل البلدان 13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم وبروتكولا تهدف إلى تعزيز التعاون وتوسيع الشراكات بينهما شملت مجالات الاستثمار والصحة والزراعة بجانب النقل والصناعات والتقنيات المتقدمة والعمل المناخي، إضافة إلى الثقافة والشباب وغيرها.
التعاون مستمر
في مارس 2023، وقّع البلدان اتفاقية تجارية بقيمة 40 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وتم التصديق عليها في مايو بعد إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كما كان هناك عدد من الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين، بما في ذلك زيارة قام بها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا في فبراير 2023.
وفي يونيو 2023، أعلنت الإمارات أنها ستستثمر 10 مليارات دولار في مطار تركي جديد، وفي يوليو 2023، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإمارات العربية المتحدة والتقى بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
التعاون الاقتصاد بين البلدين
يشكل الجانب الاقتصادي أحد أبرز ركائز التعاون المتنامي بين البلدين؛ حيث تعود نشأة العلاقات الاقتصادية القوية بين الإمارات وتركيا إلى فترة تأسيس الاتحاد آخذة في التطور والنمو عبر السنوات.
ففي عام 1984 وقّعت الدولتان اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني، تبعتها عدة اتفاقيات عززت التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وصولا إلى توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في مارس الماضي التي يتوقع أن تسهم اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا بشكل فاعل في زيادة التجارة البينية غير النفطية إلى 40 مليار دولار سنوياً في غضون خمسة أعوام، كما تخلق 25000 فرصة عمل جديدة بحلول 2031، وتزيد الصادرات الإماراتية إلى تركيا بنسبة 21.7%.
وبلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا ما يقارب 19 مليار دولار في عام 2022 بزيادة قدرها 40% عن عام 2021 و112% عن عام 2020، لتصبح تركيا الشريك الأسرع نمواً بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات.
وكانت الإمارات قد أعلنت في نوفمبر 2021 عن تأسيس صندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار أميركي في تركيا يركز على الاستثمارات الإستراتيجية وعلى رأسها القطاعات اللوجستية ومنها الطاقة والصحة والغذاء.
التضامن الإنساني
وجسدت عملية "الفارس الشهم 2" التي أطلقتها دولة الإمارات عقب الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 فبراير الماضي، عمق ومتانة العلاقات الإماراتية التركية، حيث أرسلت الإمارات المستلزمات الطبية والإغاثية والغذائية وفرق البحث وآليات مجهزة بالمعدات الخاصة بإزالة الأنقاض، والفرق الطبية، وشيدت مستشفى ميدانيا لعلاج المصابين في منطقة إصلاحية بغازي وآخر في "هاتاي".
ومنح فخامة رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية، في 27 أبريل الماضي، فريق عملية "الفارس الشهم2" "وسام الدولة للتضحية"؛ تكريما وتقديرا لجهود دولة الإمارات في أعمال البحث والإنقاذ في مناطق الزلزال.
الثقافة والشعوب
وتستمد العلاقات الثقافية بين الإمارات وتركيا قوتها نظرا لما تتمتعان به من تاريخ ثقافي وتقاليد أدبية غنية وملهمة، وتعزيزا لهذا العلاقات وقّع الجانبان في فبراير 2022 مذكرة تفاهم بشأن التعاون في المجال الثقافي.
وشهد البلدان مؤخرا تعاونا ثقافيا متناميا عبرت عنه مشاركة تركيا ضيف شرف معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2023، والحضور التركي اللافت خلال فعاليات "إكسبو دبي 2020"، فضلا عن مشاركة «جمعية الناشرين الإماراتيين» في معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي في أكتوبر الماضي قدمت خلاله 284 عنوانا من إصدارات 31 دار نشر إماراتية.
ومن العوامل التي تدفع التحسن في العلاقات التركية الإماراتية الرغبة في تحسين الاستقرار الإقليمي، حيث تشعر كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة بالقلق إزاء عدم الاستقرار المتزايد في الشرق الأوسط، لأنهم يؤمنون بأنه من خلال العمل معا يمكنهم المساعدة في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
وكذلك ضرورة التعاون في القضايا الاقتصادية، حيث تعتبر كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة لاعبين اقتصاديين مهمين في الشرق الأوسط، ولديهم الكثير ليقدموه لبعضهم البعض من حيث التجارة والاستثمار.
والمشهد الجيوسياسي المتغير؛ حيث أدى صعود الصين وانسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط إلى خلق بيئة إستراتيجية جديدة، تبحث كل من تركيا والإمارات العربية المتحدة عن شركاء جدد لمساعدتهم على التنقل في هذه البيئة المتغيرة.