كيف تحايلت إسرائيل على الخط الأحمر الأمريكي في رفح؟

تحايلت إسرائيل على الخط الأحمر الأمريكي في رفح

كيف تحايلت إسرائيل على الخط الأحمر الأمريكي في رفح؟
صورة أرشيفية

أزمة ما بين تل أبيب والولايات المتحدة الأمريكية إثر قيام الجانب الإسرائيلي بعمليات عسكرية في مدينة رفح متجاوزة الخطوط الحمراء التي قامت بوضعها الولايات المتحدة أمام إسرائيل؛ مما يثير خلافًا كبيرًا بين إدارة بايدن وإدارة نتنياهو التي تصر بشكل كبير على استمرار العمليات العسكرية في مدينة رفح وقطاع غزة. 

الجانب الإسرائيلي كان يريد اسكتمال عملية قسم مدينة رفح لقسمين، ولكن جمد العملية العسكرية الأصلية وفق أعراب البيت الأبيض عن قلقه من خطر تسببها في تصاعد عدد الضحايا في الصراع الذي أدى بالفعل إلى سقوط عدد كبير منهم، وآخرها المجزرة التي حدثت مؤخرًا. 

إغلاق الحدود مع مصر 

وقد اختارت إسرائيل أن تقوم بشن عملية عسكرية تهدف لغلق الحدود مع مصر وكذلك معبر رفح الحدودي، والابتعاد عن عمليات وغارات على مدينة رفح نفسها، وإعادة التجهيز الهادئة لخطة الحرب الإسرائيلية مكنت تل أبيب من تجنب تهديدات بايدن بخفض الدعم العسكري الأمريكي إذا مضت في عملية برية كبيرة في رفح، جاء ذلك في وقت يحاول فيه بايدن تسليط المزيد من الضغط على حماس وإسرائيل للموافقة على وقف إطلاق النار، في جزء من خريطة طريق من ثلاث مراحل لإنهاء القتال في قطاع غزة، بعد خطاب منذ أيام كشف فيه عن حلول لوقف الحرب. 

أزمات قتل المدنيين مستمرة 

العملية العسكرية الإسرائيلية المعلن عنها ما تزال تلحق خسائر فادحة بالمدنيين في رفح، واشتكى مسؤولون أمريكيون وغربيون آخرون من الافتقار إلى الاستعدادات الكافية لتوفير الرعاية لأكثر من 800 ألف مدني، فروا من رفح أثناء القتال، وهو ما أثار توترات جديدة مع مصر، التي امتنعت عن فتح المعبر الحدودي طالما احتلت القوات الإسرائيلية الجانب الفلسطيني، وقد سلطت محاولة إسرائيلية لاستخدام ذخائر أصغر حجمًا في غاراتها الجوية الضوء على صعوبة العمليات في المناطق المكتظة بالسكان، وخلفت غارة إسرائيلية بقنابل تحتوي على 37 رطلًا من المتفجرات عشرات المدنيين، وفقًا لمسؤولين فلسطينيين. 

وقالت إسرائيل: إن اثنين من كبار مسؤولي حماس قُتلا، وإن مقتل المدنيين قد يكون نتيجة انفجار ثانوي لذخائر حماس. وما يزال الحادث قيد التحقيق، وتكشف الدبلوماسية المتقطعة لتأمين وقف إطلاق النار أن الجدل حول الخط الأحمر الأمريكي، وهو المصطلح الذي استخدمه بايدن لأول مرة في مارس، قد يتردد صداه في الأسابيع المقبلة.

ويقول المحلل السياسي الفلسطيني أيمن الرقب: إن إسرائيل والولايات المتحدة متوافقين من حيث المبدأ على الحرب، ولكن إدارة بايدن تخشي على الغضب الشعبي قبيل انتخابات نوفمبر المقبل، حيث إن هناك تصور خاطئ حول ما يعنيه تعليق بايدن عن الخط الأحمر من قبل إسرائيل، والعملية عسكرية في رفح محظورة إذا أرادت إسرائيل الاحتفاظ بالدعم الأمريكي، ولكن بالنسبة لكثيرين في الإدارة لم يكن المقصود قط القول إن إسرائيل لا تستطيع شن عملية عسكرية، وإنما القصد أنه لا يمكنها إطلاق عملية شبيهة بما فعلته في مدينة غزة شمالاً. 

وقال الرقب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-: إن إسرائيل قامت بعملية عسكرية كبرى في خان يونس، والتي أسفرت عن عدد كبير من القتلى والدمار، وذلك بضوء أخضر من الولايات المتحدة والتي بدورها لن تقوم بأى رد فعل تجاه إدارة نتنياهو حتى وإن لم يوافق على مقترح الولايات المتحدة الذى اعلن عنه بايدن. 

وأشار طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية، إلى أن رفض مستشار الأمن القومي جيك سوليفان مصطلح الخط الأحمر، ووصفه بهاجس إعلامي و"لعبة في مجال الأمن القومي"، دليل علي إعطاء الولايات المتحدة الضوء الأخضر لإسرائيل لاستكمال الحرب، وبايدن أعلن أنه يريد أن تهزم إسرائيل حماس دون تعريض المدنيين الفلسطينيين للخطر، وهو غير واقعي، فهناك 2 مليون مواطن في رقعة صغيرة للغاية. 

وأكد فهمي - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، أنه تم مناقشة التخطيط الإسرائيلي لعملية رفح على نطاق واسع في المجموعة الاستشارية الاستراتيجية، المكونة من كبار المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين الذين يجتمعون بانتظام عبر مؤتمرات الفيديو وشخصياً، وكذلك عبر الاجتماع الثلاثي بمدينة القاهرة، الذي كان يهدف إلى فتح معبر رفح.