مقترح بايدن لهدنة غزة.. هل يعتبر طوق نجاة بايدن؟

مقترح بايدن لهدنة غزة.. هل يعتبر طوق نجاة بايدن؟

مقترح بايدن لهدنة غزة.. هل يعتبر طوق نجاة بايدن؟
جو بايدن

في ظل التصعيد الأخير بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، قدم الرئيس الأمريكي جو بايدن مقترحًا لوقف إطلاق النار بهدف تهدئة الأوضاع الإنسانية المتدهورة في القطاع وتخفيف التوترات السياسية في المنطقة. هذا المقترح يثير تساؤلات حول دوافعه ومدى فعاليته في تحقيق سلام مستدام، فضلاً عن انعكاساته على السياسة الداخلية والخارجية للإدارة الأمريكية.

*الوضع الحالي في غزة*

تعيش غزة وضعًا مأساويًا نتيجة للحصار المستمر منذ سنوات، والذي تفاقم مع التصعيد العسكري الأخير. يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والكهرباء، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية الأساسية، تُعدّ الظروف الإنسانية الصعبة في غزة محط انتباه المجتمع الدولي؛ مما يزيد من الضغط على الدول الكبرى للتدخل ومحاولة التوصل إلى حل.

قدّم الرئيس بايدن مقترحًا لوقف إطلاق النار، تضمن عدة بنود رئيسية منها، وقف العمليات العسكرية من جميع الأطراف، ويتضمن المقترح وقف إطلاق النار الفوري بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لقطاع غزة، تشمل الغذاء والدواء والمعدات الطبية، وفتح المعابر لضمان تدفق المساعدات الإنسانية ودخول المواد الأساسية اللازمة لإعادة الإعمار، والدعوة إلى بدء مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين برعاية دولية لإيجاد حل دائم للنزاع.

*الدوافع خلف مقترح بايدن*

يواجه بايدن ضغوطًا متزايدة من المجتمع الدولي لإنهاء العنف وتحسين الوضع الإنساني في غزة، وتسعى إدارة بايدن إلى تحسين صورتها أمام الرأي العام الأمريكي، الذي يشهد تباينًا في الآراء حول الدعم الأمريكي لإسرائيل، في ظل رغبة الرئيس الأمريكي إعادة تثبيت الولايات المتحدة كوسيط نزيه في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، بعد تراجع دورها خلال الإدارة السابقة.

*ردود الفعل*

تختلف ردود الفعل بين الفصائل الفلسطينية، حيث رحبت السلطة الفلسطينية بالمقترح، بينما أعربت حماس والجهاد الإسلامي عن شكوكهما حول جدية الالتزام الإسرائيلي، في حين أبدت الحكومة الإسرائيلية استعدادًا لدراسة المقترح، لكنها أكدت على حقها في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية، وعلى المستوى الدولي، رحبت العديد من الدول بالمقترح، داعية إلى ضرورة التزام جميع الأطراف به لضمان نجاحه.

*هل يمثل المقترح طوق نجاة لبايدن؟*

من جانبه، يقول د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة: يعتبر مقترح الهدنة في غزة اختبارًا حقيقيًا لقدرة بايدن على إدارة الأزمات الدولية بفعالية، نجاح هذا المقترح يمكن أن يعزز مكانته السياسية داخليًا وخارجيًا، ويظهره كقائد قادر على تحقيق السلام في واحدة من أكثر المناطق تعقيدًا في العالم. 

وأضاف - على الصعيد الداخلي-، قد يساعد نجاح المقترح في تهدئة الانتقادات الموجهة إليه من بعض التيارات السياسية الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بتعامله مع ملف الشرق الأوسط، موضحًا، أن مقترح بايدن يمكن أن يكون طوق نجاة مؤقتًا على المستوى الدولي، حيث يُظهر الإدارة الأمريكية كوسيط فعّال ومهتم بالسلام. 

وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، أعتقد أن الفشل في تحقيق نتائج ملموسة يمكن أن يؤدي إلى انتكاسات سياسية لبايدن، خاصة إذا لم يتمكن من تحقيق استقرار طويل الأمد.

وتابع، مقترح بايدن يأتي في وقت حساس، حيث يمكن أن يؤثر بشكل كبير على صورة بايدن كرئيس ملتزم بالسلام وحقوق الإنسان، ويشير إلى أن النجاح في هذا الجهد قد يكون له تأثير إيجابي كبير على رئاسة بايدن، لكنه يوضح أن التحديات الكبيرة التي تواجه تنفيذ الهدنة، مثل عدم الثقة المتبادلة والتدخلات الخارجية، قد تجعل من الصعب تحقيق النجاح الكامل.

*فشل الحل العسكري*

في السياق ذاته، يقول د. أحمد سيد أحمد، خبير العلاقات الدولية: إن المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار في غزة يحمل عدة إشارات مهمة، ولكنه لا يختلف كثيرًا عن المبادرة المصرية السابقة، مضيفًا أن المبادرة المصرية تشمل ثلاث مراحل، تنتهي بوقف دائم لإطلاق النار، وإنهاء الحرب والعدوان، وعودة النازحين إلى ديارهم، وتبادل الأسرى، وانسحاب القوات المحتلة، ورفض أي احتلال لغزة، ومع ذلك، رفضت إسرائيل هذا المقترح بشدة.

وأشار د. أحمد في حديثه لـ"العرب مباشر"، إلى أن المقترح الأمريكي يعكس أفكارًا مشابهة لتلك التي طرحتها مصر في محاولاتها لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على غزة، وأكد أن هذا يعكس اقتناع الولايات المتحدة بفشل الحل العسكري وضرورة إنهاء الحرب غير المجدية التي لم تحقق أي أهداف لإسرائيل، بل أضرت بمصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، مما جعل الأخيرة دولة معزولة ومنبوذة على الساحة الدولية.


وأضاف أن المسؤولية الآن تقع على عاتق إسرائيل، حيث تواجه حكومتها أزمات وتحديات كبيرة وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه ضغوطًا كبيرة للدفاع عن موقفه المؤيد لاستمرار الحرب، مما يعكس تناقضًا في المواقف الإسرائيلية.