تصاعد التوتر بين الصين وتايوان: هل تدق بكين طبول الحرب؟
تصاعد التوتر بين الصين وتايوان
تصاعدت حدة التوترات بين الصين وتايوان مؤخرًا، مع تزايد التصريحات الحادة من الجانب الصيني والتحركات العسكرية المقلقة. وزير الدفاع الصيني وجه تهديدات صارمة بشأن احتمالات الاستقلال التايواني؛ مما يزيد من المخاوف حول مستقبل السلام في المنطقة، وفي تصريح مثير للجدل، أعلن وزير الدفاع الصيني، دونغ جون، يوم الأحد، أن احتمالات "إعادة الوحدة" سلميًا مع تايوان تتلاشى بشكل متزايد بسبب نشاطات الانفصاليين التايوانيين والتدخلات الخارجية، وأكد دونغ التزام الصين بمنع استقلال تايوان بأي ثمن، مما أثار مخاوف واسعة بشأن احتمال اندلاع صراع مسلح في المنطقة.
*خلفية الصراع*
تعتبر الصين تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، وتصر على مبدأ "الصين الواحدة" الذي يعني أن هناك صين واحدة تشمل البر الرئيسي وتايوان. على الرغم من ذلك، فإن تايوان تتمتع بحكم ديمقراطي مستقل منذ عدة عقود، حيث لديها حكومتها المنتخبة ديمقراطيًا ونظامها السياسي والاقتصادي المستقل.
تعود جذور النزاع بين الصين وتايوان إلى الحرب الأهلية الصينية التي دارت رحاها بين القوات القومية بقيادة تشيانغ كاي شيك والحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونغ.
انتهت الحرب الأهلية عام 1949 بانتصار الشيوعيين، الذين أعلنوا قيام جمهورية الصين الشعبية، بينما فر القوميون إلى جزيرة تايوان وأسسوا حكومة مستقلة هناك.
منذ ذلك الحين، تطورت تايوان إلى كيان ديمقراطي مزدهر، في حين ظلت الصين الشعبية ترفض الاعتراف باستقلالها وتعتبرها إقليمًا متمردًا يجب إعادته إلى سيطرتها، سواء بالوسائل السلمية أو العسكرية إذا لزم الأمر.
تتجلى هذه الخلافات في السياسة والدبلوماسية الدولية، حيث تسعى الصين إلى عزل تايوان دبلوماسيًا ومنعها من الانضمام إلى المنظمات الدولية كدولة ذات سيادة، بينما تستمر تايوان في تعزيز هويتها الوطنية والدفاع عن استقلالها.
*تصريحات وزير الدفاع الصيني*
في كلمته - خلال مؤتمر حوار شانغريلا في سنغافورة-، أكد دونغ أن تايوان تمثل "جوهر القضايا الأساسية" بالنسبة للصين. وانتقد بشدة الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم في تايوان، متهماً إياه بالسعي نحو الانفصال ومحاولة طمس الهوية الصينية. وقال: "أدلى هؤلاء الانفصاليون مؤخرًا بتصريحات متعصبة تُظهر خيانتهم للأمة الصينية ولأسلافهم. سيتم تسميرهم على عمود العار في التاريخ".
وأضاف دونغ، أن الصين ما زالت ملتزمة بإعادة التوحيد السلمي، ولكن هذه الفرصة تتقلص بسبب التحركات الانفصالية في تايوان والتدخلات الأجنبية. وقال: "سنتخذ إجراءات حازمة للحد من استقلال تايوان والتأكد من عدم نجاح مثل هذه المؤامرة على الإطلاق".
*التوترات العسكرية*
في مايو الماضي، أجرت الصين مناورات عسكرية واسعة النطاق حول جزيرة تايوان، في استعراض واضح للقوة والقدرات العسكرية، تعبيرًا عن غضبها من تنصيب الرئيس التايواني لاي تشينغ-ته، الذي تصفه بكين بأنه "انفصالي". هذه التحركات العسكرية تُعتبر إشارة إلى استعداد الصين لاستخدام القوة العسكرية لتحقيق أهدافها السياسية في المنطقة.
*الدور الأمريكي*
تعرب الصين عن غضبها بشكل متكرر من الدعم الأمريكي لتايوان، بما في ذلك مبيعات الأسلحة والتعاون العسكري المستمر، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين واشنطن وتايبه.
وتعتبر الصين هذه الدعم الأمريكي بمثابة تدخل في شؤونها الداخلية، مما يزيد من تعقيد العلاقات الصينية - الأمريكية المتوترة بالفعل.
*موقف تايوان*
من جانبها، تؤكد الحكومة في تايبه على أن تايوان هي دولة مستقلة بحكم الواقع، وتتمسك بحقها في تقرير مصيرها دون تدخل خارجي.
ويعزز هذا الموقف الدعم الشعبي الواسع داخل تايوان لفكرة الاستقلال والحفاظ على النظام الديمقراطي القائم.
*تحولًا خطيرًا*
من جانبه، قال الدكتور حامد فارس، خبير العلاقات الدولية: إن تصاعد التوتر بين الصين وتايوان يعكس تحولاً خطيرًا في المنطقة، حيث تتزايد المخاوف من اندلاع صراع مسلح يمكن أن يكون له تداعيات واسعة على الاستقرار الإقليمي والدولي.
وأضاف - فارس في حديثه لـ"العرب مباشر"-، أن التدخلات الأجنبية، وخاصة الدعم الأمريكي لتايوان، تضيف طبقة إضافية من التعقيد إلى الوضع المتأزم، مضيفًا، في ظل هذه الظروف، يبقى التساؤل حول مدى قدرة الأطراف المعنية على تفادي الصدام والبحث عن حلول دبلوماسية تحقق الاستقرار والسلام.
وتابع خبير العلاقات الدولية، مع استمرار التصريحات العدائية والتحركات العسكرية، يبدو أن العلاقات بين الصين وتايوان تتجه نحو مزيد من التصعيد، يبقى المجتمع الدولي مترقباً بحذر، في محاولة لفهم مسارات هذه الأزمة والبحث عن سبل لتهدئة التوترات وضمان الأمن في المنطقة.