في رسالة لمجلس الأمن .. الإمارات تؤكد على العلاقات الأخوية وترفض الادعاءات السودانية
الإمارات تؤكد على العلاقات الأخوية وترفض الادعاءات السودانية
في ظل التوترات المتصاعدة والتحديات الراهنة، تبرز دولة الإمارات كصوت للعقلانية والسلام في المنطقة. مؤخرًا، وجهت البعثة الإماراتية لدى الأمم المتحدة ردًا حاسمًا على الادعاءات التي أطلقها الممثل الدائم للسودان، مؤكدة على عدم صحتها ومشددة على العلاقات الأخوية بين البلدين. في هذا التقرير، نستعرض تفاصيل الرد الإماراتي والموقف الثابت الذي تتخذه الدولة تجاه الأزمة السودانية.
*رفض الادعاءات الكاذبة*
صرحت البعثة الإماراتية لدى الأمم المتحدة بشكل قاطع بأنها ترفض الادعاءات الكاذبة التي أوردها الممثل الدائم للسودان. وأوضحت في مراسلة إلى مجلس الأمن أن هذه الادعاءات ليست لها أي أساس من الصحة وتتنافى مع الروابط الأخوية القوية التي تجمع البلدين، معبرة عن أسفها لأن هذه الادعاءات قد تكون محاولة لتحويل الأنظار عن النزاع والوضع الإنساني المتردي الذي ينجم عن الاقتتال المستمر.
أكدت البعثة التزام الإمارات العربية المتحدة بالسعي نحو حل سلمي للنزاع في السودان، مشيرة إلى استمرارها في العمل مع الأطراف المعنية ودعم أي جهود تسعى لوضع السودان على طريق التسوية السياسية الدائمة والتوصل إلى توافق وطني يؤدي إلى تشكيل حكومة تقودها قوى مدنية.
وأضافت البعثة أن دولة الإمارات تعتقد بشدة أن الحوار هو الطريقة المثلى لحل الخلافات وفتح الباب أمام تحقيق سلام دائم في السودان.
*دبلوماسية متماسكة وواضحة*
يشير البروفيسور محمد صديق، الخبير في العلوم السياسية، إلى أن الرد الإماراتي على الأحداث الأخيرة يعكس استراتيجية دبلوماسية متماسكة وواضحة، تستند إلى أسس الحوار والتعاون البناء.
ويُظهر التزام الإمارات بالحلول السلمية تطلعها نحو تحقيق الاستقرار الإقليمي ويُعزز من دورها كلاعب محوري في الشرق الأوسط.
في حديثه لـ"العرب مباشر"، أكد صديق على أن الإمارات تنتهج سياسة خارجية متوازنة، تهدف إلى الحفاظ على علاقات متينة مع جميع الأطراف المعنية.
وشدد على أن النفي القاطع للادعاءات الموجهة ضدها يُبرز جدية الإمارات في الابتعاد عن أي تصعيد، ويُعزز من موقفها كوسيط محتمل في حل الأزمة السودانية.
وأضاف صديق، أن الإمارات، من خلال ردها الدبلوماسي، تُثبت التزامها بالتقيد بمبادئ القانون الدولي واحترام سيادة الدول. يُساهم هذا النهج في تعزيز الثقة المتبادلة بين الإمارات والسودان، ويُمهد الطريق لتوسيع آفاق التعاون الإقليمي بين البلدين.
*نص رسالة بعثة دولة الإمارات*
بناء على توصيات من حكومتي، أكتب إليكم ردًا على الادعاءات الواردة في بيان المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة في جلسة مجلس الأمن رقم 9611 بتاريخ 19 أبريل 2024 في إطار بند جدول الأعمال "تقارير الأمين العام بشأن السودان وجنوب السودان".
إن دولة الإمارات العربية المتحدة ترفض رفضًا قاطعًا الادعاءات التي أدلى بها المندوب الدائم للسودان والتي لا أساس لها من الصحة، وتتعارض مع العلاقات الأخوية الراسخة بين بلدينا. ويبدو للأسف أن هذه ليست أكثر من مجرد محاولة لصرف الانتباه عن الصراع وعن الحالة الإنسانية المتدهورة الناجمة عن استمرار القتال.
إن كافة الادعاءات المتعلقة بتوريط دولة الإمارات العربية المتحدة في أي شكل من أشكال العدوان أو زعزعة الاستقرار في السودان أو تقديمها لأي دعم عسكري أو لوجستي أو مالي أو سياسي لأي فصيل في السودان، في ادعاءات زائفة ولا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى أي أدلة موثوقة لدعمها.
فمنذ اندلاع الصراع في السودان، لطالما أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن إيمانها الواسع بأنه لا يوجد حل عسكري في الصراع، ويساورنا بالغ القلق إزاء عدم استجابة أطراف النزاع للدعوات المتكررة للوقف الفوري للأعمال العدائية أو الجهود الرامية إلى إيجاد حل مستدام للصراع من خلال الحوار، بما في ذلك الدعوة الأخيرة من قبل مجلس الأمن في القرار 2724 (2024) .
فبالرغم من النداءات العديدة التي صدرت من الجهات الإقليمية والمجتمع الدولي بأسره إلا أن أطراف النزاع استمرت في إطالة أمد الأعمال العدائية، والتي تسبب للشعب السوداني مشقة ومعاناة لا يمكن وصفها، وتهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها.
وفي هذا السياق، تعرب دولة الإمارات العربية المتحدة أيضًا عن قلقها البالغ إزاء نشر معلومات مضللة وروايات كاذبة، والتي من شأنها تقويض أي جهود تهدف إلى تعزيز الحوار البناء وتمهيد الطريق نحو تحقيق السلام الدائم في نهاية المطاف.
وبالنيابة عن حكومتي، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأعيد التأكيد على احترام والتزام دولة الإمارات العربية المتحدة بإعلاء مبادئ القانون الدولي، بما في ذلك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة. كما تحترم دولة الإمارات العربية المتحدة سيادة الدول الأخرى وتمتنع عن أي تدخل في شؤونها الداخلية. وتلتزم بالامتثال التام لقرارات مجلس الأمن وبالتعاون مع المجلس وهيئاته الفرعية.
وبناء على ذلك، ستظل دولة الإمارات العربية المتحدة ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان. وتحقيقًا لهذه الغاية ستواصل الإمارات العربية المتحدة العمل مع جميع أصحاب المصلحة ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدينة.
فقد تواصلت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل فعال مع الأطراف في السودان وأصحاب المصلحة المعنيين بما في ذلك الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) والاتحاد الأفريقي، ودعمت المحادثات في جدة والمنامة.
كما شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة في المؤتمر الإنساني الدولي بشأن السودان والبلدان المجاورة له، والذي عقد مؤخراً في باريس، وانضمت إلى إعلان المبادئ الصادر عنه من أجل الدفع قدمًا بمبادرات السلام الخاصة بالسودان، وتعهدت بتقديم 100 مليون دولار أمريكي دعما للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار.
تؤمن دولة الإمارات العربية المتحدة إيمانًا راسخًا بأن الحوار هو السبيل الوحيد لمعالجة المظالم وتمهيد الطريق نحو السلام المستدام في السودان، وتؤكد ضرورة التزام جميع أطراف النزاع التزامًا حقيقيًا بالمشاركة في محادثات السلام بحسن نية.
إذ يجب على جميع الأطراف في السودان التركيز على المشاركة البناءة والحوار الهادف بدلا من التهرب من المسؤولية وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى حل الصراع ومعالجة الأزمة الإنسانية في السودان، فالوضع الحالي في السودان يتطلب من جميع الأطراف المعنية إظهار التزام حقيقي بتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في السودان.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة ستواصل دعم جميع الجهود الحقيقية الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في السودان، وستظل ملتزمة بالتعاون مع جميع أصحاب المصلحة من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع.
أرجو ممتنا إصدار هذه الرسالة بوصفها وثيقة من وثائق مجلس الأمن.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير
محمد أبو شهاب
السفير والمندوب الدائم