إيران تُواجه أزمة مائية خانقة بعد تراجع احتياطي السدود بنسبة 25%

إيران تُواجه أزمة مائية خانقة بعد تراجع احتياطي السدود بنسبة 25%

إيران تُواجه أزمة مائية خانقة بعد تراجع احتياطي السدود بنسبة 25%
أزمة المياه

شهدت إيران انخفاضًا حادًا في احتياطيات مياه سدودها خلال العام الجاري، وسط موجة جفاف غير مسبوقة تجتاح معظم أنحاء البلاد، خصوصًا في المناطق الوسطى مثل محافظة أصفهان، حيث أدى نقص المياه إلى تغييرات اجتماعية وبيئية واسعة النطاق في القرى الريفية، حسبما نقلت شبكة "إيران إنترناشونال".


ووفقًا لتقارير رسمية نشرتها وكالة العمل الإيرانية (إيلنا)، بلغت كمية المياه المتدفقة إلى السدود حتى 18 أكتوبر نحو 780 مليون متر مكعب فقط، بانخفاض يقارب 39 في المائة مقارنةً بالعام الماضي الذي سجل تدفقات بلغت 1.29 مليار متر مكعب.


وعلى الرغم من تقليص معدلات تصريف المياه بنسبة 29 في المائة للحفاظ على المخزون، فإن إجمالي المياه المخزنة في السدود تراجع إلى 17.7 مليار متر مكعب مقابل 23.3 مليار متر مكعب في الفترة نفسها من العام الماضي، ما يعني أن السدود الإيرانية أصبحت ممتلئة بنحو ثلث طاقتها الاستيعابية فقط.

سدود رئيسية في حالة حرجة


تظهر البيانات أن 22 سدًا رئيسّا في البلاد باتت في حالة حرجة، إذ لا تحتوي على أكثر من 15 في المائة من سعتها التصميمية. وفي محافظة طهران، التي تضم خمسة سدود رئيسة تمد العاصمة بالمياه الصالحة للشرب والزراعة، سجلت الأوضاع أسوأ مستوياتها.


فقد انخفض مخزون سد أمير كبير إلى 11 في المائة فقط من سعته، ما يمثل هبوطًا بنحو 80 في المئة مقارنة بالعام السابق، بينما لا تتجاوز نسبة المياه في سد لار 2 في المئة، في حين شهدت سدود لطيان–ماملو وتاليغان تراجعًا يفوق الثلث من إجمالي كمياتها.


وفي محافظات أخرى مثل خوزستان وفارس وكرمان وأذربيجان الشرقية والغربية، بلغت نسبة العجز في مخزونات السدود ما بين 20 و70 في المائة.


أما في شمال البلاد، فقد جفّت سدود عدة في محافظة جلستان تمامًا، بما في ذلك سد وشمغير وسد بوستان.


تراجع حاد في معدلات الأمطار


وأظهرت البيانات أيضًا أن معدلات الهطول المطري سجلت مستويات مقلقة للغاية، إذ لم تتجاوز 1.9 مليمتر منذ أواخر سبتمبر، وهو رقم بعيد جدًا عن المتوسط الموسمي المعتاد البالغ 56 مليمترًا.


ولم تُسجّل أي أمطار قابلة للقياس هذا الشهر في 21 محافظة، من بينها طهران وأصفهان وخوزستان وكرمان وكردستان، الأمر الذي يثير مخاوف جدية بشأن مياه الشرب وري الأراضي الزراعية في الأشهر المقبلة.


الجفاف يُغيّر ملامح الحياة الريفية في أصفهان


وفي محافظة أصفهان الواقعة وسط البلاد، امتدت آثار أزمة المياه لتشمل مختلف جوانب الحياة، متجاوزة الزراعة إلى تغييرات جذرية في البنية الاجتماعية والديموغرافية. وأكد غلام رضا كودارزي، رئيس مركز الإحصاء الإيراني، أن شح المياه أحدث آثارًا عميقة على هبوط الأراضي والهجرة وتغير طبيعة القرى الريفية، مشيرًا إلى أن بيانات التعداد الزراعي الأخير أظهرت تغيّرًا كبيرًا في تنوع المحاصيل وهجرة عدد من السكان من قراهم بسبب الجفاف المطوّل.

تحذيرات من أزمة مائية وطنية


يُحذر الخبراء من أن استمرار الوضع الراهن دون اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على المياه وتحديث أنظمة الري وإطلاق استراتيجية وطنية لإدارة الجفاف قد يدفع البلاد إلى أزمة مائية متفاقمة تهدد الأمن الغذائي والحياة الريفية والحضرية على حد سواء.


ويؤكد المختصون أن هذه الأزمة لا تقتصر على نقص المياه فقط، بل تمتد إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية قد تؤدي إلى زيادة الهجرة الداخلية وتراجع الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار الغذاء، فضلًا عن تأثيرات بيئية خطيرة مثل التصحر وتآكل التربة وتدهور التنوع الحيوي.


تأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه إيران ضغوطًا مناخية متصاعدة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وتراجع معدلات الأمطار للعام الرابع على التوالي، ما يجعل البلاد واحدة من أكثر المناطق هشاشة مائيًا في الشرق الأوسط، وسط تحذيرات من أن القادم قد يكون الأسوأ ما لم تُتخذ إجراءات جذرية لمعالجة الأزمة.