الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا.. خسائر مادية وتفاقم الأزمة الإنسانية
الضربات الجوية الإسرائيلية في سوريا.. خسائر مادية وتفاقم الأزمة الإنسانية
تتزايد وتيرة الضربات الجوية في سوريا، وسط تصعيد خطير شهدته البلاد يوم الأحد الماضي، حيث تعرضت مواقع عسكرية في المنطقة الوسطى لغارات إسرائيلية، تزامنًا مع ضربات روسية استهدفت مواقع مسلحين.
يأتي هذا التصعيد في ظل التوترات المتزايدة في المنطقة، وتداخل المصالح الإقليمية والدولية في الساحة السورية.
*قصف مواقع عسكرية*
في مساء الأحد، أعلنت وزارة الدفاع السورية عن تعرض عدة مواقع عسكرية في المنطقة الوسطى لغارات جوية شنها الاحتلال الإسرائيلي من اتجاه شمال لبنان، وأسفرت عن وقوع خسائر مادية.
رغم عدم تقديم تفاصيل دقيقة حول حجم الأضرار، تشير التقارير إلى استهداف مخازن أسلحة ومواقع تابعة للجيش السوري. هذا الهجوم يمثل تصعيدًا جديدًا في سلسلة الضربات الإسرائيلية التي تستهدف مواقع عسكرية سورية ومنشآت مرتبطة بإيران وحزب الله.
كما أكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن الدفاعات الجوية السورية تصدت "لأهداف معادية" في أجواء المنطقة، في إشارة إلى الطائرات الإسرائيلية التي غالبًا ما تشن هجمات داخل الأراضي السورية، دون أن تقدم إسرائيل أي تعليق رسمي على هذا الهجوم الأخير؛ مما يبرز موقفها التقليدي بالامتناع عن التعليق على الضربات المحددة.
*الغارات الروسية في الجنوب*
وفي توقيت متزامن، نفذت القوات الجوية الروسية ضربات على مواقع لمسلحين في الأطراف الجنوبية لسوريا، وتحديدًا قرب منطقة التنف، والتي تضم قاعدة عسكرية أمريكية.
ووفقًا لتصريحات نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة في سوريا، أوليغ إغناسيوك، فإن هذه الضربات استهدفت مواقع انسحب منها المسلحون مؤخرًا.
وتأتي هذه الضربات الروسية في سياق الجهود المستمرة لملاحقة بقايا الجماعات المسلحة المعارضة للنظام السوري، وهي جزء من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش"، إلا أن المنطقة المحيطة بالتنف تمثل نقطة تداخل معقدة لمصالح الدول الكبرى، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة.
*تأثير الغارات الإسرائيلية*
الهجمات الإسرائيلية الأخيرة لا تقتصر على ضرب الأهداف العسكرية السورية فحسب، بل تطال أيضًا طرق الإمداد ونقل المساعدات إلى لبنان.
فقد استهدفت غارة إسرائيلية، في وقت سابق من نفس اليوم، شاحنات كانت تنقل مساعدات إنسانية إلى لبنان؛ مما أسفر عن إصابة 3 من عمال الإغاثة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
الغارات تزامنت أيضًا مع دخول عشرات الآلاف من اللبنانيين إلى سوريا هربًا من الغارات الإسرائيلية التي تضرب جنوب لبنان.
ويُعتقد أن هذه الهجمات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة، في ظل استمرار التصعيد العسكري.
*الموقف الإسرائيلي*
منذ اندلاع الحرب السورية في 2011، كثفت إسرائيل من ضرباتها الجوية داخل سوريا، مستهدفة بالأساس مواقع تابعة للجيش السوري وحلفائه الإيرانيين، إضافة إلى حزب الله اللبناني.
ورغم أن إسرائيل نادرًا ما تعترف بتنفيذ ضربات معينة، فإنها تؤكد مرارًا على أنها لن تسمح لإيران بترسيخ وجودها العسكري في سوريا.
وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت سوريا ارتفاعًا ملحوظًا في وتيرة هذه الهجمات، والتي امتدت إلى المناطق القريبة من الحدود مع لبنان؛ مما يشير إلى تصعيد واضح في الاستراتيجية الإسرائيلية التي تستهدف منع أي تهديد مباشر من الجماعات المدعومة من إيران.
*السياق الإقليمي*
التصعيد الأخير يأتي في وقت تتزايد فيه التوترات على عدة جبهات في الشرق الأوسط، حيث تتشابك المصالح الروسية والإيرانية والإسرائيلية في سوريا.
بينما تحاول روسيا دعم النظام السوري والقضاء على ما تبقى من معارضة مسلحة، تسعى إسرائيل إلى إضعاف نفوذ إيران وحزب الله على حدودها الشمالية.
هذا التداخل في الأهداف يزيد من تعقيد المشهد السوري، حيث لا يبدو أن أيًا من الأطراف مستعد للتنازل عن مصالحه. ومع استمرار التصعيد، يُخشى أن تتفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا، خاصة في ظل الغارات المتكررة التي تطال حتى طرق الإمدادات الإنسانية.
*تأثير الضربات على المدنيين*
بجانب الأضرار العسكرية، يعاني المدنيون من تبعات هذه الضربات المتتالية.
فقد أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن الغارات التي استهدفت شاحنات نقل المساعدات أدت إلى تعطل جهود الإغاثة، في وقت يحتاج فيه الآلاف من اللبنانيين والسوريين إلى المساعدات الضرورية.
كما أدى قطع الطريق الدولي الرئيسي الذي يربط لبنان وسوريا، نتيجة لغارة إسرائيلية يوم الجمعة الماضي، إلى عزل بعض المناطق وصعوبة وصول الإمدادات الطبية والغذائية؛ مما يفاقم الوضع الإنساني المتأزم أصلاً.