رغم مرور ما يزيد عن شهر على تلك الواقعة المروعة إعدام ٩ أشخاص من أبناء الحديدة، في صنعاء، بالرصاص الحي، عقب محاكمة جائرة، من بينهم القاصر عبدالعزيز الأسود.

إعدامات الحديدة

في حادث مروع هز اليمن، يوم ١٨ سبتمبر الماضي، أقدمت ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، على إعدام ٩ أشخاص من أبناء الحديدة، في صنعاء، بالرصاص الحي، بتلفيق تهم تقديم إحداثيات تسببت في مقتل القيادي البارز ورئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" السابق، صالح الصماد.

ووصل القمع الحوثي، بمنع الميليشيات للمتهمين من حق تولي محامين للدفاع عنهم، فيما هددت عددا من المحامين الذين حاولوا ذلك كما منعت أسر المتهمين من زيارتهم.

وأجرت حكم الإعدام في منطقة التحرير، مع إجراءات أمنية مشددة، رميا بالرصاص، وسط تواجد قيادات في صفوف الحوثيين، فيما نشر اليمنيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لعناصر من ميليشيا الحوثي تفرغ الرصاص في رأس الموقوفين، وهم ملقون على الأرض.

وشهدت تلك الواقعة القاسية، صورا مؤلمة هزت الجميع، انتشرت كالهشيم بين اليمنيين، خاصة للطفل اليمني عبدالعزيز الأسود، الذي تمت محاكمته بطريقة غير شرعية، حيث ظهر مرتديا الملابس الزرقاء ومنهارا خوفا من إعدامه أثناء مشاهدته قتل الحوثي للمتهمين الآخرين بالرصاص الحي، ليظهر عليه علامات الخوف والانهيار لدرجة لم تعد قدماه تحملاه وهو في ساحة الإعدام.

وكان الحوثيون قبضوا على عبدالعزيز قبل ٤ سنوات وهو لا يزال طفلا قاصرا، واتهموه بالتورط في مقتل الصماد، ليتم إعدامه في محاكاة غير قانونية وتنفيذ الحكم ضده اليوم.

رسالة مؤثرة

بعد إعدامه، عادت قضية عبدالعزيز الأسود، للظهور مجددا بعد تداول رسالة مؤثرة حزينة له يروي فيها قصة معاناته على مدى ٣ أعوام في المعتقل الحوثي الباغي حتى إعدامه مشلولا من فرط الخوف أمام جموع الميليشيات التي تجردت من الإنسانية.

ونشر رسالة الطفل القاصر عبدالعزيز علي محمد الأسود، منذ ساعات المحامي عبدالمجيد صبره، عبر صفحته على فيسبوك، والتي تضمنت: "بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أبي الغالي أمي الغالية إخواني وأحبابي أخواتي الطيبات، زوجتي الحبيبة، أعمامي وعماتي أخوالي وخالاتي أبناء عمي وعماتي وأبناء أخوالي وخالاتي رجال ونساء أصحابي ورفاقي جميعاً، سلام الله عليكم وتحياته أحبابي جميعا كتبت لكم وصيتي بعد فراق دام ثلاثة أعوام وأشهرا بعيداً عنكم".

وتابع: "أقاسي ببعدكم الألم آهات وأنين في كل يوم وساعة ودقيقة فراق الألم وفراق العذاب وفراق الشوق أكتوي في بحر العذاب يومياً وصبرت على جميع أنواع التعذيب أملاً في وصلكم والقرب منكم يا أحباب قلبي ونبض روحي يعز علي فراقكم ويصعب بعدكم أحبابي جميعا  صغارا وكباراً".

وأضاف: "أبي الغالي أحبك حبا جما يا نور عيني إذا لم نجتمع في الدنيا سيجمع الله بيننا في الآخرة بعونه ورحمته يا حبيبي لا تحزن يا حبيبي لا تحزن إن الله معنا وإنني أشهدك وأشهد الله وأشهد ملائكته وأشهد جميع خلقه بأنني أحبك وأحب الله وأحب رسوله وأحب أمي وزوجتي وإخواتي وإخواني وعمي حسن وعمي عبدالله وجميع أعمامي وعماتي وأخوالي وخالاتي وكل من يحبني".

وأردف: "أمي الغالية أوصيك بالصبر يا نور عيني.. أبي الغالي أمي الغالية زوجتي الحبيبة والله لم أستطع أكتب كل ما في قلبي قد غلبني دمعي وشوقي وحبكم لي وحبي لكم فأنتم أعلم"، قائلا: "أبي الغالي أمي الغالية زوجتي الحبيبة والله لم أستطع أكتب كل ما في قلبي قد غلبني دمعي وشوقي وحبكم لي وحبي لكم فأنتم أعلم  بكل شيء فأرجو منكم السماح وأعتذر من كل شيء قصرت به في حقكم".
 
وقال: "محمد أخي وعابد أوصيكم بتقوى الله والصلاة والصيام وقراءة القرآن والإهداء لأخيكم وحبيبكم جزءا  من صيامكم  وصلاتكم وجميع خيركم واعلموا بأن أخوكم يحبكم كثيراً ويعشقكم وكان أملي أن أصنع منكم مستقبلا جديراً بكم ولكن إرادة الله فوق كل شيء".

كما أوصى: "واعلموا بأن أخوكم يا أحبابي عند الله شهيد مظلوم من ظالم باغي لا يعرف الله ولا يخشاه ولولا حب أخوكم لله وخشيته له ما فعل الظالم ما فعل ولم يطعن من الخلف إلا الشبل الشجاع والمؤمن التقي... أوصيكم حسنا بأبي وأمي فإنهما جنة الدنيا وكنز الحياة فوالله لقد بكيت دماً على كل لحظه لم أطعهم فيها فبروا بهم يا أحبابي".

وأكد الأسود في وصيته: "إنني من حفظة كتاب الله وكنت عازما في تأليف كتاب في تفسير القرآن الكريم وقد  أنجزت بحمد الله جزءا كبيراً وشوطاً عظيما في التفسير ولكن هذا الظالم قد أخذ الدفتر ولم يدع لي مجالا في توصيله لكم وللأمة الإسلامية فأوصيكم بحفظ كتاب الله وطلب العلم حتى يصبح كل واحد منكم عالماً وحكيما وعظيما ولكم علما يخدم الأمة المسلمة ويرضي الله ويستفيد منه أخوكم وعمل لي باب من أبواب الخير غير مقطوع".

واختتم رسالته المؤثرة بقوله: "أحبابي أحبكم فصونوا عهدي واحفظوا كلامي وما لم أعمله أنا فأنتم اعملوه وسابقوا في الخيرات....  أخوكم  الشهيد عبدالعزيز الأسود".

تعذيب حتى الممات

وسبق أن كشفت مصادر إصابة عبدالعزيز علي محمد الأسود، بإعاقات عديدة بسبب تعرضه للتعذيب الوحشي في سجون الحوثي الباغية.

وأكدت المصادر إصابة الطفل القاصر بشلل نصفي وقطع في الحبل الشوكي، ما تسبب في فقدانه القدرة على الحركة وخصوصا في الأطراف، ولذلك ظهر يوم الإعدام غير قادر على الوقوف والحركة بسبب الإعاقة التي تعرض لها وهو تحت التعذيب في سجون الحوثيين.