لبنان.. الأزمة الاقتصادية تعصف باللاجئين الفلسطينيين.. ما القصة؟
تعصف الأزمة الاقتصادية تعصف باللاجئين الفلسطينيين في لبنان
كان للانهيار الاقتصادي في لبنان آثار مدمرة على الجميع، ولم يتسبب في إيذاء اللبنانيين فقط، بل تضرر اللاجئون الفلسطينيون بشدة الذين عاشوا في هذا البلد الصغير لأجيال، منذ إعلان قيام دولة إسرائيل في عام 1948 وكذلك أولئك الذين فروا من مخيمات مماثلة في سوريا، هاربين من الحرب الأهلية التي اندلعت هناك في عام 2011.
فقر ومناشدة
حذرت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين "الأونروا" من أن الفلسطينيين غرقوا في براثن الفقر، وكثير منهم يكافح من أجل الحصول على أقل القليل من العيش بأقل من دولارين في اليوم، حسبما أكدت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، التي أشارت إلى مخاطرة آخرين بحياتهم بحثًا عن مستقبل أفضل في الخارج، في محاولة لعبور البحر الأبيض المتوسط بشكل خطير، وقالت "الأونروا": إن نسبة الفقر وصلت إلى 93٪ بين نحو 210 آلاف فلسطيني في 12 مخيما للاجئين في لبنان وفي ظروف معيشية مكتظة خارج المخيمات، وبحسب "الأونروا"، فإن 180 ألف فلسطيني يعيشون في لبنان منذ عقود وعائلاتهم، بينما وصل حوالي 30 ألفًا من سوريا منذ اندلاع الحرب في الجوار، وهناك عشرات الآلاف من الأشخاص الآخرين الذين لم يتم تسجيلهم من قبل الأونروا ولكن يعتقد أنهم يعيشون في لبنان، وناشدت الوكالة الأممية الحصول على 13 مليون دولار كمساعدات حتى تتمكن من تقديم المساعدة التي تشتد الحاجة إليها - الأموال التي ستذهب مباشرة إلى العائلات الفلسطينية وأيضًا الأموال النقدية التي من شأنها أن تمكن الأونروا من الاستمرار في إدارة خدمات الرعاية الصحية الأولية والحفاظ على المدارس التي تديرها الوكالة مفتوحة حتى نهاية العام.
يأس اللاجئين
من جانبها، قالت هدى سمرة، مسؤولة الإعلام في الأونروا في لبنان: "لقد وصل اللاجئون إلى الحضيض في لبنان"، ووصفت الوضع بأنه كارثة، وأضاف سمرة: "الناس على حافة اليأس وليس لديهم ما يخسرونه بعد الآن"، وبحسب الوكالة، فإنه خلال الشهر الماضي، غرق قارب يحمل عشرات المهاجرين اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين قبالة السواحل السورية، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص، من بينهم 25 فلسطينيا، كما ازداد عدد الفلسطينيين الذين يحاولون مغادرة لبنان منذ أكتوبر 2019، بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية، المتجذرة في عقود من الفساد وسوء الإدارة، ومنذ ذلك الحين، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90٪ من قيمتها بينما فقد عشرات الآلاف من الناس وظائفهم ، مما أدى إلى زيادة حادة في أعداد العاطلين عن العمل، كما أن معدل الجريمة آخذ في الارتفاع - حيث أجبر بعض الناس على السرقة من أجل شراء الطعام، وتابعت الوكالة الأميركية أن اللاجئين الفلسطينيين عانوا منذ فترة طويلة من التمييز في لبنان، حيث مُنعوا من 39 مهنة، بما في ذلك مجالات الطب وطب الأسنان والصيدلة والقانون، وقالت سمرة إنه على الرغم من أن الأونروا ليس لديها الأرقام الدقيقة للفلسطينيين الذين يحاولون مغادرة لبنان عن طريق البحر ، إلا أن الأعداد آخذة في الارتفاع، وقالت الأونروا إن متوسط تكلفة السلة الغذائية ارتفع ستة أضعاف في العام الماضي في لبنان، وهي واحدة من أعلى الزيادات في العالم، فالأدوية غير متوفرة بشكل متزايد في السوق والعائلات غير قادرة على تحمل تكاليفها منذ أن تم رفع الدعم الحكومي خلال العام الماضي.
تحت الأرض
في السياق ذاته، نشرت الوكالة الأميركية شهادات بعض اللاجئين، حيث قال ناصر طبراني، بائع الخضار، وهو يقارن حياته بما قبل الانهيار: "كنا نتدبر أمرنا لكننا الآن تحت الأرض"، مشيرًا إلى أنه قبل الأزمة، كان يكسب حوالي 35 دولارًا في اليوم، وهو الآن يكسب جزءًا صغيرًا منه، وفي هذه الأيام، لا تستطيع أسرته سوى تحمل وجبتين في اليوم بدلاً من ثلاث، كما لم يتناولوا اللحوم الحمراء منذ شهور، وتابعت الوكالة، أنه على الرغم من الأزمة المتفاقمة، قاومت الطبقة السياسية في لبنان - التي حكمت منذ نهاية الحرب الأهلية من 1975 إلى 1990 - الإصلاحات التي طالب بها المجتمع الدولي والتي يمكن أن تساعد في تأمين مليارات الدولارات في شكل قروض واستثمارات، وأضافت أن ناصر الطبراني، لاجئ فلسطيني يعيش في لبنان ، حاول مرتين الهجرة عن طريق البحر إلى حياة أفضل في أوروبا، لكن القوات احتجزته في المرتين وأعيد إلى الشاطئ، قال إنه كان يفعل ذلك مرة أخرى، لأن الحياة أصبحت غير صالحة للعيش بالنسبة لمعظم الفلسطينيين في لبنان الذي ضربته الأزمة، وقال الأب البالغ من العمر 60 عامًا، وهو أب لسبعة أطفال: إنه اقترض ما مجموعه 7 آلاف دولار لمحاولة مغادرة لبنان ولديه الآن ديون لا يمكنه سدادها، وتابع "أطفالي ما زالوا صغارًا، مستقبلهم ضاع، لقد دمرت عائلتي ومعظم العائلات، لا يمكننا العيش في لبنان بعد الآن".