مخاوف شعبية وخلافات سياسية.. الانتخابات اللبنانية على المحك

تعيش لبنان حالة من الخلافات السياسية والمخاوف الشعبية

مخاوف شعبية وخلافات سياسية.. الانتخابات اللبنانية على المحك
صورة أرشيفية

أزمات عاصفة تواجه لبنان، فبعد تعيين الحكومة عقب أشهر من الفراغ السياسي، تحيط بالانتخابات النيابية المزمعة عقبات كثيرة أخرى، تهدد مصيرها، ما يجعلها على المحك بين رحى المخاوف الشعبية والخلافات السياسية.

تسجيل المغتربين

وأحدث الخطوات التي شهدتها الانتخابات، هي تسجيل نحو 245 ألف مغترب لبناني أسماءهم للاقتراع في الانتخابات النيابية المزمع عقدها في مارس، بحسب ما أعلنته وزارة الخارجية بعد إغلاق أبواب التسجيل للمغتربين عند منتصف الليل.

وقالت الخارجية اللبنانية إن الناخبين المسجلين فاق كافة التوقعات وبلغ 244,442 بعد إغلاق باب التسجيل مقارنة بـ 92,810 في انتخابات عام 2018، حيث أرجعت ذلك الإقبال الكثيف إلى تعلق المغتربين بوطنهم الأم، وأهمية مشاركتهم في هذه الانتخابات.

وأوضحت أن وزارة الداخلية ستصدر القوائم الانتخابية الأولية، بعد الانتهاء من التدقيق في لوائح المسجلين.

ويأتي ذلك رغم أن عدد المسجلين قليلا نسبيا لوجود ملايين اللبنانيين المغتربين الموزعين في العالم، والذين زاد عددهم خلال العامين الماضيين.

تحدي النظام

وتأتي تلك الانتخابات وسط انهيار اقتصادي متسارع وبعد مرور أكثر من عامين على تظاهرات احتجاجية شعبية غير مسبوقة ضد الطبقة الحاكمة، لذلك ينظر الكثير إلى الانتخابات التشريعية المقبلة كونها "فرصة لتحدي النظام" برغم إدراكهم أن حظوظ المعارضة لإحداث تغيير سياسي ضئيلة في بلد أنهكته أزمات متراكمة.

فيما يشكك البعض في إمكانية إجراء الانتخابات في الموعد المحدد في مارس، بسبب اعتراض رئيس الجمهورية ميشال عون وحزبه السياسي التيار الوطني الحر وإصرارهما على أن تعقد في مايو.

أزمات سياسية

كما تشهد البلاد أزمات سياسية عدة، منها أن الحكومة لم تعقد أي اجتماعات منذ منتصف أكتوبر، بسبب رفض وزراء حزب الله وحليفته حركة أمل عقد أي جلسة ما لم تكن مخصصة للبت بمصير المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، الذي اتهم بـ"التسييس".

بينما تقع على عاتق الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي، مسؤولية الانتخابات التشريعية، التي يأمل معارضون أن تحدث تغييرا بسيطا في المشهد السياسي الطاغي على البلاد منذ عقود، بحسب وكالة "أ ف ب".

ولكن ما زالت أمنيات التغيير ضئيلة بعدما ساهمت تداعيات الأزمة الاقتصادية في إحباط الشارع تدريجيا، مع حرمان اللبنانيين من ودائعهم المصرفية وخسارة الليرة أكثر من تسعين في المئة من قيمتها أمام الدولار وفقدان عشرات الآلاف لوظائفهم أو جزء من مصادر دخلهم، وأصبح نحو ثمانين في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر.

تكتل لبنان القوي

ويتزامن ذلك مع انتظار اللبنانيين قرار المجلس الدستوري في قضية طعن تكتل "لبنان القوي" في تعديلات قانون الانتخاب، حيث كان مجلس النواب اللبناني، قد أقر قانون تقريب موعد الانتخابات إلى 27 مارس المقبل، بعد أن كانت مقررة في 8 مايو المقبل.

وأشار النائب عن هذا التكتل، آلان عون، إلى أنه: "لجأنا إلى المجلس الدستوري لأنه الملاذ الأخير، وخلال شهر سيصدر قراره، ونحن نحترمه".

فيما اعترض رئيس التيار الوطني، جبران باسيل، بتكتل لبنان القوي، على تغيير موعد الانتخابات وتقريبها، قائلا: إن "مصلحة الأرصاد الجوية تفيد باحتمال حدوث عواصف في التواريخ المحددة للانتخابات، ما قد يصعب حصول العملية، بالإضافة إلى تقاطع عدد من المهل الانتخابية مع الصوم عند الطوائف المسيحية"، بينما رد رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، حينها بأن: "صوتنا وخلصنا ومنكمل بالجلسة".
 
بينما أصدر الرئيس ميشال عون مرسوما يقضي برد قانون تعديل قواعد الانتخابات التشريعية إلى مجلس النواب لإعادة النظر فيه، معتبرا أن "إجراء الانتخابات في مارس يقصر مهلة تسجيل الناخبين غير المقيمين، ويحول دون تمكنهم من ممارسة حقهم السياسي بالاقتراع لممثلين مباشرين لهم".

وأكد أنه لن يوقع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للاقتراع في 27 مارس، قائلا: "إذا أتاني سأرده من حيث أتى كي يصار إلى تعديله، مشددا على أنه لن يوقع مرسوما يدعو الهيئات الناخبة إلى 27 مارس للاقتراع، إذا أتاني سأرده من حيث أتى كي يصار إلى تعديله".

وقال: "لن أوافق على انتخابات نيابية سوى في أحد موعدين: 8 مايو أو 15 مايو، بعد 15 مايو لا يعود أمامنا سوى أسبوع لانتهاء الولاية القانونية لمجلس النواب، ما يقتضي أن يكون انتخب برلمان جديد قبل الوصول إلى هذا اليوم"، مضيفا "أكثر من مرة شرحت وجهة نظري، قلت إن 27 مارس يحرم آلاف اللبنانيين الذين يبلغون السن من الاقتراع، أضف الظروف المناخية غير الملائمة في هذا الوقت، لم يسبق أن جرت في لبنان انتخابات نيابية سوى في مايو أو يوليو".

فيما طالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط رئيس الجمهورية ميشال عون، "باتباع الأصول واحترام الدستور"، فيما يتعلق بالانتخابات، قائلا إنه "يجب أن تكون في موعدها، ولا يمكن الاستمرار في المسيرة التي ترفض اتباع الدستور".

ومع ذلك الصراع، مازال موعد الانتخابات على المحك، مع ذلك الصراع المحلي، بينما ينظر لها المجتمع الدولي على أنها جوهرية لنجاح أجندة الإصلاح، وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطنين.

وبدأت الأحزاب اللبنانية بالفعل التحضير للانتخابات النيابيّة، إذ تحولت مكاتب الكثير منها إلى خليّة نحل استعدادا لخوض المعركة الانتخابيّة.