روسيا وإيران تتحالفان لبناء مفاعلات نووية صغيرة بوقود منخفض التخصيب

روسيا وإيران تتحالفان لبناء مفاعلات نووية صغيرة بوقود منخفض التخصيب

روسيا وإيران تتحالفان لبناء مفاعلات نووية صغيرة بوقود منخفض التخصيب
روسيا وإيران

وقّعت روسيا وإيران، مذكرة تفاهم للتعاون في بناء محطات طاقة نووية صغيرة الحجم في الجمهورية الإسلامية.


وبحسب وكالة "ريا نوفاستي" الروسية، فقد جاء هذا التوقيع خلال مراسم أقيمت في العاصمة الروسية موسكو، حيث وقّع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، المذكرة مع المدير التنفيذي لشركة "روساتوم" الروسية الحكومية، أليكسي ليخاتشيف.

تفاصيل الاتفاقية


وفقًا لوكالة الأنباء الروسية "تاس"، تهدف مذكرة التفاهم إلى وضع خطوات محددة لتنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي في إيران، حيث ستركز على بناء محطات طاقة نووية تعتمد على تصميم المفاعلات المعيارية الصغيرة (SMR) التي طورتها شركة "روساتوم".


ويُعتبر هذا التصميم، المعروف باسم "RITM-200"، متقدمًا من الناحية التقنية، حيث يستخدم وقودًا نوويًا منخفض التخصيب، دون الوصول إلى الحد الأعلى لليورانيوم عالي التخصيب (HEU) الذي يُستخدم في الأغراض العسكرية، مما يجعله مناسبًا للاستخدامات المدنية. يُشار إلى أن هذا النوع من المفاعلات يتميز بكفاءته العالية وقدرته على العمل لفترات طويلة دون الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود.


وخلال زيارته إلى موسكو لحضور "الأسبوع النووي العالمي"، أكد إسلامي، الذي يشغل أيضًا منصب نائب الرئيس الإيراني، أن هذه الاتفاقية تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية للصناعة النووية الإيرانية.


وأوضح أن إيران تسعى للوصول إلى قدرة إنتاج نووية تصل إلى 20 جيجاوات بحلول عام 2040، من خلال بناء ثماني محطات طاقة نووية.


مشروع "إيران هرمز"


في سياق متصل، أشار إسلامي إلى أن موقع محطة "إيران هرمز" النووية في محافظة هرمزجان، والتي ستتمتع بقدرة إنتاجية تصل إلى 5000 ميجاوات من الكهرباء النووية، سيدخل قريبًا مرحلة التصميم وتوفير المعدات. وأكد أن هذا المشروع يشكل إحدى الركائز الأساسية في الوثيقة الاستراتيجية الشاملة للصناعة النووية في إيران.


يُذكر أن إيران تعاني من نقص في إمدادات الكهرباء خلال أشهر الذروة، حيث تعتمد حاليًا على محطة بوشهر النووية الوحيدة العاملة في البلاد، والتي بنتها روسيا بقدرة إنتاجية تبلغ حوالي 1 جيجاوات. وقد تم ربط الوحدة الأولى من محطة بوشهر بالشبكة الكهربائية في سبتمبر 2011، فيما تم توقيع عقد لبناء المرحلة الثانية من المحطة، التي تشمل الوحدتين الثانية والثالثة من طراز "VVER-1000"، في نوفمبر 2014. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة بناء هاتين الوحدتين حوالي 10 مليارات دولار، على أن يتم تشغيلهما في عامي 2025 و2027 على التوالي.

موقف إيران من التخصيب النووي


في خطاب ألقاه يوم 23 سبتمبر، أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، أن إيران لا تسعى لتخصيب اليورانيوم بهدف إنتاج أسلحة نووية، مشيرًا إلى أن اليورانيوم المخصب يُستخدم في أغراض سلمية مثل إنتاج الطاقة، والزراعة، والطب.


وأوضح أن الدول التي تسعى لتصنيع أسلحة نووية تحتاج إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 90%، بينما توقفت إيران عند مستوى 60%، وهي نسبة وصفها بأنها "جيدة جدًا" للأغراض السلمية.


وفي إشارة إلى الهجمات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا في يونيو الماضي، والتي نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل، أكد خامنئي أن التقدم العلمي لا يمكن إيقافه بالقصف.


وأضاف أن مئات العلماء الإيرانيين يواصلون عملهم داخل البلاد لتطوير القدرات النووية.

دعوات برلمانية لمراجعة العقيدة النووية


في تطور لافت، وقّع 71 نائبًا إيرانيًا، في وقت سابق من هذا الأسبوع، رسالة موجهة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي ورؤساء السلطات الثلاث في إيران، تطالب بمراجعة العقيدة النووية للسماح بتطوير أسلحة نووية كوسيلة ردع. وجادلت الرسالة بأن الفتوى التي أصدرها خامنئي عام 2003، والتي تحظر إنتاج واستخدام الأسلحة النووية، صدرت في وقت كانت فيه إسرائيل "تحت الحد الأدنى من السيطرة" من قبل المجتمع الدولي.


وأشارت الرسالة إلى أن الأحكام الدينية يمكن تعديلها بناءً على التغيرات في الظروف، داعية إلى تحديث العقيدة الدفاعية لتعزيز قدرات الردع في عالم "لا تلتزم فيه إسرائيل وحلفاؤها بأي التزام أو قانون".


ولا تعد هذه المرة الأولى التي يطالب فيها نواب إيرانيون بتغيير العقيدة النووية، حيث تصاعدت هذه الدعوات منذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر 2023. كما حذر نواب متشددون من أن إيران قد تكون مستعدة للانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية رداً على أي عقوبات جديدة.

توترات مع الغرب


تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد التوترات بين إيران والدول الغربية، حيث قامت المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا بتفعيل آلية "العودة السريعة" (snapback) التي من المتوقع أن تؤدي إلى استعادة العقوبات الأممية على طهران بحلول نهاية سبتمبر.

وفي 19 سبتمبر، رفض مجلس الأمن الدولي، المكون من 15 عضوًا، مشروع قرار لرفع العقوبات عن إيران بشكل دائم، حيث صوتت روسيا والصين ودولتان أُخرتان لصالح القرار.