السودان بين عودة حمدوك لمنزله والتحرُّكات الدولية
شهدت السودان أحداث واحتجاجات كبيرة خلال الأيام الماضية
تتسارع الأحداث بصورة كبيرة في السودان، منذ الانقلاب العسكري، يوم الاثنين الماضي، والذي اختفى عقبه كل وزراء الحكومة، فيما حاولت عدة دول وعلى رأسهم أميركا التدخل لتهدئة الأوضاع.
عودة حمدوك
وفي أحدث التطورات اليوم، عاد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى منزله، وذلك بعد أن قبض عليه واحتجز خلال الانقلاب العسكري.
وأعلن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أن "رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في منزله"، موضحا: "رئيس الوزراء في صحة جيدة وسيعود إلى منزله اليوم".
وأضاف أن: "رئيس الوزراء حمدوك في أمان ولم يتعرض لأي أذى لكن تم إبعاده للحفاظ على سلامته"، مؤكدا: "رئيس الوزراء حمدوك يواصل حياته الطبيعية".
أحداث السودان
وشهدت الخرطوم الإثنين الماضي، أحداثا متسارعة بعد الصراع الطويل بين المكونين المدني والعسكري، حيث تم وضع رئيس الوزراء السوداني قيد الإقامة الجبرية في مكان لم يكن معروفا، ثم تم اعتقال عدد من الوزراء والمسؤولين وزعماء الأحزاب السودانية، وقطع الطرق وإغلاق الجسور في العاصمة الخرطوم.
وعقب ذلك، أعلن البرهان، حل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئ في كافة أنحاء البلاد، مؤكدا الالتزام التام والتمسك الكامل بما ورد في وثيقة الدستور بشأن الفترة الانتقالية، لكنه أعلن تعليق العمل ببعض المواد.
وأعفى البرهان الولاة في السودان، متعهدا بمواصلة العمل من أجل تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات في البلاد. ووصف ما يمر به السودان، في الوقت الحالي، بالخطير، في إشارة إلى الانقسام السياسي الحاد الذي شهدته البلاد، خلال الآونة الأخيرة.
وتسبب استيلاء الجيش على السلطة في وقف انتقال السودان إلى الديمقراطية بعد عامين من انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس الإخواني عمر البشير مسبقا.
الاحتجاجات الشعبية
وجاء ذلك التطور المخيف بالسودان، خرج الآلاف من المواطنين في احتجاجات شعبية اعتراضا على استيلاء الجيش على السلطة ليلا، خاصة في العاصمة الخرطوم، وتم إغلاق الطرق الرئيسية.
كما قطع الجيش خدمة الإنترنت بشكل كبير، قبل أن تعود تدريجيا اليوم، فيما قتل عشرة أشخاص على الأقل، منذ بدء الاضطرابات.
ومن ناحيته، أعلن تجمع المهنيين السودانيين في بيان أن عمال شركة النفط الوطنية السودانية (سودابت) سينضمون إلى الحركة التي تشمل جميع أنحاء البلاد، والتي أعلنتها النقابات ردا على إطاحة الجيش بحكومة البلاد المدنية.
تحركات أميركية
تجري الولايات المتحدة عدة تحركات منذ تفاقم الأزمة بالسودان الأسبوع الماضي، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان أن بلينكن رحب بالإفراج عن حمدوك، وكرر دعوته إلى القوات المسلحة السودانية لإطلاق سراح جميع القادة المدنيين، الذين اعتقلوا في الـ24 ساعة الماضية.
كما أكد جيك سوليفان مستشار البيت الأبيض للأمن القومي أن إدارة الرئيس جو بايدن تنظر في جميع الأدوات الاقتصادية المتاحة للتعامل مع الانقلاب العسكري في السودان، وأنها على اتصال وثيق مع دول الخليج بشأن الوضع.
وقال سوليفان في إفادة بالبيت الأبيض إن أفعال الجيش السوداني "غير مقبولة بالمرة" و"انتكاسة كبيرة ومقلقة" للسودان.
وأضاف أن واشنطن على اتصال وثيق مع زعماء المنطقة، بما في ذلك منطقة الخليج، موضحا أن ذلك "لضمان أن ننسق عن كثب ونبعث برسالة واضحة إلى الجيش في السودان بأن عليه ... الكف عن أي عنف ضد المدنيين الأبرياء والعودة إلى مسار ديمقراطي".
فيما علقت وزارة الخارجية الأميركية 700 مليون دولار من المساعدات الأمريكية المخصصة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان.
فتح المجال الجوي
وفي ظل تلك التطورات، قرر السودان تعليق كافة الرحلات الجوية القادمة والمغادرة من مطار الخرطوم الدولي لمدة 5 أيام.
ومنذ ساعات، أعلنت سلطة الطيران المدني في السودان في بيان بثته صفحة مطار الخرطوم على "فيسبوك"، أنه تقرر تعليق جميع الرحلات الجوية القادمة والمغادرة من مطار الخرطوم الدولي من الثلاثاء وحتى 30 أكتوبر الجاري.
وقال إبراهيم عدلان المدير العام لسلطة الطيران المدني لرويترز أمس: إن قرار تعليق الرحلات يشمل كذلك جميع مطارات السودان، مضيفا أنه اتخذ بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، مؤكدا أن الأجواء السودانية ستبقى مفتوحة أمام الطيران العابر.
وتصاعدت الخلافات، منذ سبتمبر الماضي، بين الأطياف المدنية والعسكرية اللذين يتقاسمان السلطة في البلاد، بعد أن تبادل الطرفان الاتهامات وتحميل المسؤوليات عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والسياسية وحتى الأمنية.
بينما حاول العسكريون إقصاء المكون المدني في البلاد، بسبب السلطة، حيث تم اتهام القوى العسكرية بمحاولة زعزعة الحكومة المدنية.
وتشتعل الساحة السياسية بالسودان بالانقسامات الضخمة، والتي تفاقمت بين مكونات الحكم الانتقالي عقب إحباط محاولة انقلابية الشهر الماضي، ثم ازدادت قوة إثر التراشق الإعلامي بين الفريقين المدني والعسكري، ما تسبب في توقف اجتماعات مجلس السيادة والاجتماعات المشتركة مع مجلس الوزراء.
ويأتي ذلك بعد رفض حمدوك طلبا من رئيس مجلس السيادة الانتقالي، بحل حكومته المكونة من قوى الحرية والتغيير وتعيين حكومة جديدة بدلا عنها.
وطالبت قوى سياسية تابعة للواء قوى الحرية والتغيير بطرح ميثاق جديد، يضمن مشاركة كل قوى الثورة، ويوسع قاعدة المشاركة دون إقصاء كل المكونات الأخرى.