ألغام الإرهاب.. لبنان تقاوم واللاجئون السوريون يبحثون عن الحياة وسط الخطر

يبحث اللاجئون السوريون عن الحياة وسط الخطر

ألغام الإرهاب.. لبنان تقاوم واللاجئون السوريون يبحثون عن الحياة وسط الخطر
صورة أرشيفية

تبدأ زيارة حقل الألغام في لبنان ببعض ملاحظات السلامة الهامة، فالعصا الحمراء تعني أن هذا خطر، أما البيضاء فتعني أن المنطقة آمنة وخالية من الألغام، أما العصى السوداء فتعني أن هناك لغما مضادا للدبابات مع متفجرات حارقة بداخله.

ألغام داعش

في حرارة الصيف اللبناني الخانقة، يبدأ العاملون في إزالة الألغام عملهم بمجرد شروق الشمس للحاق ساعات الصباح الباكر ونسيم الهواء البارد،  وكل ساعة يأخذون 10 دقائق للراحة، عندما تصل شمس الظهيرة إلى أعلى نقطة لها، تكون الفرقة قد انتهت تقريبًا لهذا اليوم، فمن الخطير جدًا العمل في الألغام عندما تعني الظروف أنك قد تفقد التركيز، فحتى عدم التركيز اللحظي يمكن أن يكون قاتلاً، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فقبل 25 عاما من هذا الشهر، في 3 ديسمبر من عام 1997، تم التوقيع على معاهدة أوتاوا المعروفة باسم معاهدة حظر الألغام - الاتفاقية الدولية التي تحظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد - وتعتبر على نطاق واسع واحدة من أنجح معاهدات نزع السلاح في العالم، وحتى الآن، وافقت 164 دولة على الالتزام بها، وقبل أسابيع قليلة من توقيع المعاهدة، فازت المجموعة الاستشارية للألغام (MAG) بجائزة نوبل للسلام لجهودها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في جميع أنحاء العالم، ولكنهم الآن يعملون في لبنان منذ عام 2001، فعملية إزالة الألغام ضخمة وتستمر بشكل شبه يومي، وهذا العام وحده سوف يقومون بإزالة مليوني متر مربع من الأراضي وتدمير حوالي 10000 لغم أرضي.

وتابعت الإذاعة البريطانية أنه بالإضافة إلى التعامل مع كل من الذخائر العنقودية في سهل البقاع والعبوات الناسفة التي خلفها تنظيم داعش في شمال شرقي البلاد، فإن العمل الرئيسي يشمل إزالة الألغام من الحدود بين لبنان وإسرائيل، حيث تم رسم ما يسمى بالخط الأزرق من قبل الأمم المتحدة في عام 2000، بهدف تحديد مادي لانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وفي بعض الأجزاء يكون جدارًا مرتفعًا، وفي أجزاء أخرى يكون أكثر بقليل من سياج معدني يمكنك رؤيته من خلاله، ويوجد تحت السطح حقل ألغام بطول 120 كيلومترًا (75 ميلًا) مصممًا لتشكيل حاجز لا يمكن اختراقه، حيث تم زرع حوالي 400 ألف لغم هناك، بعضها لا يفصل بينها سوى متر واحد، وفي قرية عرب اللويزي، يقع الحاجز الذي يمثل نهاية لبنان وبداية إسرائيل على حافة المنطقة الملغومة. وخلفه متر أو مترين برج عسكري إسرائيلي يرتفع خلف الكتل الخرسانية الرمادية.

الألغام تطارد اللاجئين

وبحسب "بي بي سي"، فإن هذه الأرض المزروعة بالألغام تعد مشكلة خطيرة بالنسبة لعدد كبير من اللاجئين الذين قدموا إلى لبنان من سوريا، فهم يريدون العيش على الأرض وزراعتها، لكنهم لا يعرفون المخاطر، فثلاثة أرباع سكان عرب اللويزي هم من اللاجئين السوريين الذين يحاولون كسب لقمة العيش على بعد مئات الأميال من أوطانهم، ولهذا السبب هناك سبب حيوي آخر - بخلاف الأمان - لتطهير هذه المنطقة؛ فالزراعة هي العمل الرئيسي في الجنوب، والمزارعون في أمس الحاجة إلى تنظيف الأرض حتى يتمكنوا من استخدامها. تعني الأزمة المالية المعوقة في لبنان، إلى جانب النقص الغذائي الناجم عن الحرب في أوكرانيا، أن المزيد من الزراعة أصبحت أولوية ملحة.


أبو غسان عواضة لديه محصول فلفل جاهز للحصاد، ولكنه يتذكر صوت الانفجارات في الليل عندما شردت الماعز والأغنام والثعالب في المناجم، كان ذلك يعني أنه لم يستطع زراعة أرضه لسنوات، ويقول: "اعتدت أن أكون مجرد عامل، وظّفني أشخاص آخرون، لكن يمكنني الآن توظيف أشخاص للعمل في قطعة الأرض الخاصة بي بعد تطهيرها من الألغام، على الرغم من أنني ما زلت أستغرق بعض الوقت لصيانة وإصلاح السياج المعدني لحمايتها من حقول الألغام النشطة المحيطة بها".