لعنة الحرب.. لماذا يطارد كابوس القتال والموت دارفور السودان في كل عقد؟
يطارد كابوس القتال والموت دارفور السودان في كل عقد
أصبح اسم دارفور السودان مرافقاً للصراعات والحروب الأهلية، فأصبح هواء المدينة الجنوبية في السودان مشبعاً برائحة الدماء والموت، لم يلبث سكانها العودة لمنازلهم ويبدؤون في العودة للحياة بشكل طبيعي، حتى تدق طبول الحرب، فيحزمون أمتعتهم ويهربون من جديد، حتى أن بعضهم سأم المغادرة والعودة، فلم يرغب في العودة لها ونزح مئات الآلاف من سكان المدينة داخليًا بحثًا عن مدينة أخرى أكثر استقرارًا بعيدة عن لعنة الحرب.
لعنة الحرب
أكدت صحيفة "نيويورك بوست" الأميركية، أنه منذ شهر أبريل الماضي، اجتاحت السودان موجة من العنف المروع، حيث اندلع القتال الوحشي في البداية في الخرطوم، عاصمة البلاد، لكنه امتد سريعًا إلى مدينة دارفور التعيسة والتي تقع على بعد مئات الأميال، وفر حوالي 2.5 مليون سوداني من ديارهم وقتل ما لا يقل عن 1000 شخص، حيث أثار العنف شبح حرب أهلية يمكن أن تجتاح منطقة تمتد على بعض الأجزاء الأكثر اضطرابا في إفريقيا والشرق الأوسط.
وتابعت: إن المخاطر في السودان كانت كبيرة بالفعل، لكنها زادت في الأيام الأخيرة مع تعثر الجهود الدبلوماسية من قِبل مجموعة من الجهات الفاعلة غير قادرة على كسر الجمود بين الجنرالات المتحاربة، وبينما يتركز قدر كبير من الاهتمام حتى الآن على الخرطوم، حيث تسبب القتال في الشوارع في وقوع المدنيين في تبادل لإطلاق النار بين المقاتلين، لكن جبهة جديدة وقاتلة بنفس القدر تفتح في دارفور.
وأضافت: أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها دارفور لعنة الحرب الأهلية، فهي دائمًا ما تصبح مركزًا لأي صراع في السودان، وشهدت أرضها على جرائم حرب كبرى، ومحاولات تطهير عرقي وصراع ثقافات وأديان، كما شهدت أبشع محاولات الإبادة الجماعية في القرن الـ21.
مرحلة جديدة
قال مجيب الرحمن محمد يعقوب رزيق، أحد مواطني دارفور: "ما نراه الآن هو محاولة لإبادة شعبية، نحن نتجه نحو إبادة جماعية أخرى في دارفور، يجب أن يتصرف العالم، فالمدينة تنزلق من جديد في فوهة الحرب".
ويرى مراقبون دوليون أن الصراع في دارفور وصل إلى مرحلة جديدة مع اغتيال والي غرب دارفور، كما تم استهداف قادة ومحامين ونشطاء مدنيين آخرين، كما أفاد أشخاص فروا من الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، بأنهم شاهدوا جثثاً متناثرة في شوارع المدينة، بما في ذلك جثث نساء وأطفال.
قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، "الهجمات الموجهة ضد المدنيين على أساس هوياتهم العرقية يمكن أن ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".
ومع انتشار العنف واتخاذ طابع طائفي مألوف ومخيف، هناك مخاوف متزايدة من أن السودان يمكن أن ينهار إلى الفوضى، حيث قالت موريثي موتيغا، مديرة برنامج إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: "المخاطر هنا هي واحدة من أكبر انهيارات الدول في التاريخ الحديث، فهي دولة تقع على مفترق طرق للعديد من أجزاء العالم التي تعاني بالفعل من الاضطرابات".
جذور عميقة للصراع
وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن جذور الصراع عميقة في دارفور، حيث بدأت قبل 70 عامًا من قبل الحكام الأجانب، الذين قاموا بتشكيل أمة من مناطق بعيدة ومتنوعة عرقياً لم يكن لها معنى كدولة واحدة مركزية.
وتابعت: إن القبائل في دارفور كانت منقسمة بشكل فضفاض وغير دقيق في بعض الأحيان بين المجتمعات السوداء والعربية، وكثير منهم لديه علاقات أعمق مع شعوب الساحل في تشاد والنيجر، ومنذ ذلك الحين، حكمت هذه الأمة ذات الصور المقطوعة من قِبل نخبة عربية من القبائل على طول نهري النيل الأزرق والأبيض بالقرب من الخرطوم - وهي النخبة التي فضلها البريطانيون والتي قاومت في ظل الحكم العسكري والمدني منح السلطة للسلطات المحلية، وبدلاً من ذلك جمعت الضرائب الباهظة، وعدم إرسال أي شيء تقريبًا في المقابل.
وأضافت: أن هذه الأجزاء غير الملائمة شكلت نوعًا من الفخاخ، وأغرقت دارفور والسودان في دورات من الصراع العنيف، وخاض المتمردون في الجنوب حربين أهليتين ضد حكومة الخرطوم، ومات ما لا يقل عن مليوني شخص في تلك الحروب.