رحيل فهد السينما السورية.. أديب قدورة يغلق الستار على مسيرة لا تنسى

رحيل فهد السينما السورية.. أديب قدورة يغلق الستار على مسيرة لا تنسى

رحيل فهد السينما السورية.. أديب قدورة يغلق الستار على مسيرة لا تنسى
رحيل فهد السينما السورية

ودعت الأوساط الفنية السورية والعربية الفنان أديب قدورة، الذي رحل عن عالمنا، مساء الأربعاء، عن عمر ناهز السادسة والسبعين، بعد صراع مع المرض. 

قدورة، الذي ينحدر من أصول فلسطينية، سجل اسمه في الذاكرة السينمائية كواحد من أبرز وجوه الشاشة السورية في السبعينات والثمانينات، وخلد صورته في وعي الجمهور من خلال دوره الشهير "أبو علي شاهين" في فيلم "الفهد" الذي اعتبر حجر الأساس للسينما الجادة في سوريا.

ومنذ ظهوره الأول، كان واضحًا أن أديب قدورة لم يكن مجرد ممثل عابر في ساحة مكتظة، بل حالة فنية متفردة، امتلك حضورًا جاذبًا وملامح سينمائية طبعت شخصياته بالقوة والصدق. 

ولم يكن طريقه إلى التمثيل تقليديًا، بل مر بمحطات مهنية إبداعية شكلت خلفية غنية لأدائه الفني.

قبل أن يتجه إلى التمثيل، عمل مدرسًا للفن التشكيلي في مدارس حلب، ثم انخرط في عالم المسرح عبر بوابة الديكور والماكياج وتصميم الأزياء والإضاءة، وهو ما منحه أدوات إضافية لصقل شخصياته وتقمص الأدوار بتفاصيلها البصرية. 

اكتشفه المخرج نبيل المالح وفتح له الباب لأول مرة عام 1972، ليبدأ بعدها رحلة طويلة مع السينما والمسرح والتلفزيون.

"الفهد" نقطة تحول صنعت نجمًا شعبيًا

يبقى فيلم "الفهد" الذي أخرجه نبيل المالح عام 1972 المحطة الأبرز في مسيرة أديب قدورة، والذي أدى فيه دور البطل الشعبي أبو علي شاهين. 

هذا العمل الجريء، الذي مزج بين الواقعية والنضال السياسي، أسهم في بروز قدورة كنجم يحمل قضية، وليس فقط ممثلًا تقليديًا، أداؤه في الفيلم كان مشحونًا بالعاطفة والثورة، فحصد إعجاب النقاد والجمهور، وفتح أمامه أبوابًا واسعة لأدوار نوعية.

كما شارك في أفلام باتت من كلاسيكيات السينما السورية والعربية، منها: "بقايا صور"، "رحلة عذاب"، "غوار جيمس بوند"، "وجه آخر للحب"، و"العالم سنة 2000"، إضافة إلى أعمال ذات طابع عربي ودولي مثل الفيلم الإيطالي "الطريق إلى دمشق". 

وما ميّز تجربته هو تنوعها وجرأتها، إذ لم يتردد في خوض تجارب خارج القالب التقليدي، سواء في الأدوار الرومانسية أو الاجتماعية أو السياسية.

من خشبة المسرح إلى الشاشة الصغيرة

إلى جانب السينما، كان المسرح ملاذه الأول، حيث تألق في عدد من المسرحيات المهمة مثل: "مأساة جيفارا"، و"هبط الملاك في بابل"، و"سمك عسير الهضم"، وغيرها من الأعمال المقتبسة عن الأدب الروسي والكتابات العالمية. 

"قدورة" لم يكن يؤدي الأدوار فحسب، بل كان يعيشها، يغوص في تفاصيلها، ويوظف خلفيته الفنية الغنية لإضفاء لمسات جمالية وإنسانية فريدة.

وفي التلفزيون، شارك في مجموعة من المسلسلات التي تركت أثرًا كبيرًا، أبرزها: "عز الدين القسام"، "حصاد السنين"، "سفر"، و"امرأة لا تعرف اليأس"، وهي أعمال قدمت شخصيات مركبة تتطلب حساسية خاصة في الأداء، وهو ما برع فيه دائمًا.

أديب قدورة لم يكن فنانًا عاديًا، بل صوتًا فنيًا حمل قضايا الناس، وجسّد أوجاعهم وأحلامهم.


 برحيله، تخسر الدراما السورية أحد وجوهها الأصيلة، لكن أعماله ستبقى شاهدة على زمن كان فيه الفن مرآة حقيقية للمجتمع والوجع والكرامة.