سي إن إن: زيارة ترامب للخليج تعيد توازنات الشرق الأوسط من جديد

سي إن إن: زيارة ترامب للخليج تعيد توازنات الشرق الأوسط من جديد

سي إن إن: زيارة ترامب للخليج تعيد توازنات الشرق الأوسط من جديد
زيارة ترامب الي الخليج العربي

أكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة في الشرق الأوسط ليست مجرد استعراض لمليارات الدولارات من العقود، أو عروض استقبالية احتفالية تزيّنت بجمال الصحراء، أو حتى مجرّد خلفية لعاصفة سياسية جديدة في واشنطن أثارها عرض قطر بتقديم طائرة "إير فورس وان" جديدة للرئيس، لكنها أحدثت زلزالاً سياسيًا في بنية المنطقة، وأعادت خلط الأوراق الجيوسياسية بطريقة قد تغيّر خارطة التحالفات والتوازنات في الشرق الأوسط.

وأضافت، أنه رغم أن البيت الأبيض قدّم الجولة باعتبارها فرصة للرئيس ليُظهر مهاراته في إبرام الصفقات، إلا أن نتائجها بدت أعمق من مجرد منجزات اقتصادية، حيث اصطحب ترامب معه ما يُشبه العدوى السياسية التي تثير الجدل وتفتح الأبواب أمام فرص غير متوقعة، ولكنها لا تخلو من المجازفة.

رفع العقوبات عن سوريا


وبحسب الشبكة الأمريكية، فإن أحد أكثر القرارات المفاجئة في الجولة تمثّل في إعلان ترامب رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، في خطوة وصفها مراقبون بأنها من أضخم مغامراته الدبلوماسية منذ بداية ولايته الثانية. 

وجاء القرار في أعقاب لقائه غير المسبوق مع الزعيم السوري الجديد أحمد الشرع، الذي قاد تمرّدًا مسلحًا ضد نظام بشار الأسد، وسبق أن كان على رأس قائمة المطلوبين لدى الولايات المتحدة بمكافأة بلغت 10 ملايين دولار، بسبب انتمائه السابق لتنظيم القاعدة.

وفي العاصمة السعودية الرياض، جلس ترامب مع الشرع في أول لقاء بين رئيس أمريكي وزعيم سوري منذ 25 عامًا. وخلال الاجتماع، أعلن ترامب رفع العقوبات، مؤكدًا أنه يمنح سوريا "فرصة ثانية" لتوحيد صفوفها وإنقاذ شعبها من المجاعة والانهيار.
 
وصرّح لاحقًا للصحفيين بأنه يعتقد أن الشرع "يملك فرصة حقيقية للمّ شتات البلاد"، مضيفًا أن الولايات المتحدة تأمل بأن تعترف سوريا في المستقبل القريب بدولة إسرائيل، وهي خطوة ستمثّل تحوّلًا تاريخيًا في منطقة اعتادت على الكراهية والعداوة.

لقاء تاريخي 


لكنّ البيت الأبيض، الذي اعتاد المبالغة في تمجيد إنجازات ترامب، فشل مرة أخرى في التركيز على الأبعاد الحقيقية للقرارات الكبرى، فطغت الأضواء الإعلامية في الداخل الأمريكي على صفقة بيع طائرات بوينغ لقطر بمليارات الدولارات، وقلّ الاهتمام بلقاء الرياض المصيري مع الشرع.

الجولة لم تقتصر على الملف السوري، بل شملت جهودًا متجددة لإخضاع إيران إلى قيود جديدة على برنامجها النووي، إذ لوّح ترامب بإمكانية استخدام القوة العسكرية، لكن دون أن يخفي رغبته في تجنّب اندلاع حرب جديدة في المنطقة.

كما كشفت الزيارة عن شرخ متنامٍ في العلاقة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان يُنظر إليه سابقًا كحليف فكري واستراتيجي للرئيس الأمريكي. ترامب بدأ يُبدي تذمّرًا من مواقف نتنياهو، خاصة في ظل الضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكية على إسرائيل لتخفيف الحصار المفروض على غزة، ولوقف الهجمات التي أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.

وكشفت مصادر مطلعة عن محادثات جرت خلف الكواليس بين فريق ترامب ومسؤولين قطريين وسعوديين بشأن خطة لتخفيف الأزمة الإنسانية في غزة، إلا أن رد نتنياهو جاء على شكل تصعيد جديد، إذ أعلن أنه "لا خيار أمامه سوى مواصلة القتال"، ووجّه ضربة جوية استهدفت زعيم حركة حماس، الأمر الذي عرقل إمكانية بدء محادثات سلام.

الخلاف يتسع


الخلافات بين ترامب ونتنياهو لم تقف عند حدود غزة وسوريا، بل شملت أيضًا الاتفاق الأمريكي مع الحوثيين في اليمن لوقف الهجمات الصاروخية، والذي تم دون التنسيق مع إسرائيل، فضلًا عن صفقة تبادل أسرى أبرمت هذا الأسبوع تم بموجبها إطلاق سراح آخر رهينة أمريكية على قيد الحياة في غزة دون إشراك إسرائيل.

بعيدًا عن الشرق الأوسط، حاول ترامب اغتنام جولته للقيام بزيارة مفاجئة إلى تركيا لعقد لقاء ثلاثي مع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في محاولة جديدة منه لوضع حد للحرب المستمرة بين البلدين.

 لكنّ غياب الطرفين عن حضور الاجتماع المخطط دفع ترامب إلى إلغاء زيارته لتركيا، ما ألقى بظلال من الشك على قدرة الرئيس الأمريكي في تحقيق اختراق في هذا الملف المعقّد.