تنظيم القاعدة يردد صدى الحوثيين.. تحالف غير معلن يهدد نفط حضرموت وأمنها

تنظيم القاعدة يردد صدى الحوثيين.. تحالف غير معلن يهدد نفط حضرموت وأمنها

تنظيم القاعدة يردد صدى الحوثيين.. تحالف غير معلن يهدد نفط حضرموت وأمنها
تنظيم القاعدة

في مشهد يعكس تداخل خيوط الصراع اليمني وتحوّله إلى ساحة تتقاطع فيها الأجندات المتناقضة ظاهريًا، خرج تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ببيان لافت من محافظة حضرموت، داعيًا إلى وقف تصدير النفط الخام وتصعيد المواجهة مع الحكومة الشرعية.

 المثير أن خطاب التنظيم هذه المرة جاء متناغمًا – بل ومتطابقًا – مع خطاب مليشيا الحوثي، التي طالما وظّفت الملف النفطي كورقة ابتزاز سياسي واقتصادي، هذا التلاقي غير المسبوق بين طرفين يفترض أن يكونا على طرفي نقيض أيديولوجيًا، يثير علامات استفهام حول إمكانية وجود تقاطعات أو حتى تنسيق غير مباشر يهدد استقرار واحدة من أغنى مناطق اليمن بالثروات، ومع تحذيرات أمنية من محاولات اختراق معسكرات غير نظامية في حضرموت، تبدو المخاوف مبررة من عودة التنظيم إلى الواجهة بعد سنوات من الانحسار، في وقت يعيش فيه ساحل حضرموت حالة من الاستقرار الهش بفضل انتشار قوات النخبة الحضرمية.

انسجام بين الحوثي والقاعدة


شهدت محافظة حضرموت – أكبر المحافظات اليمنية مساحة وأكثرها ثراءً بالنفط – تطورًا مثيرًا على الصعيد الأمني والسياسي، مع صدور بيان من فرع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يدعو إلى وقف تصدير النفط الخام، بحجة الدفاع عن "حقوق الشعب" ومواجهة ما أسماه بـ"نهب الثروات".

ورغم أن التنظيم لطالما تبنى خطابًا يركز على الصراع المسلح ضد "العدو البعيد والقريب"، فإن هذه المرة بدا أكثر انسجامًا مع خطاب مليشيا الحوثي، التي جعلت من الملف النفطي ورقة ضغط على الحكومة المعترف بها دوليًا، خصوصًا عبر التهديد باستهداف موانئ تصدير النفط.

هذا التشابه ليس مجرد تقاطع ظرفي في المصالح، إذ اعتمد بيان القاعدة على لغة "واحدية المعركة"، عبر الربط بين أحداث اليمن والقضية الفلسطينية، والدعوة إلى "إسناد غزة". 

هذه المقاربة تُظهر رغبة التنظيم في استثمار حالة الغضب الشعبي من الحرب في غزة، لجر قطاعات من المجتمع إلى التعاطف مع أجنداته، وهو تكتيك مألوف في خطابات الحركات الجهادية التي تسعى لإضفاء بعد "عالمي" على صراعاتها المحلية.

تحذيرات أمنية


المراقبون يرون, أن هذا التطابق في الخطاب بين القاعدة والحوثيين – رغم التباينات الأيديولوجية العميقة – يعكس تقاربًا في الأهداف التكتيكية، وربما يشير إلى وجود قنوات تنسيق غير مباشر. 

فالتنظيم، الذي تلقى ضربات قاسية خلال السنوات الماضية، يدرك أن إعادة التموضع تتطلب استغلال القضايا الأكثر حساسية، ومنها ملف الثروات النفطية في حضرموت، والتي تمثل شريانًا اقتصاديًا حيويًا للحكومة الشرعية.

بالتزامن مع البيان، صدرت تحذيرات أمنية من احتمال اختراق معسكرات غير نظامية تابعة للشيخ عمرو بن حبريش في هضبة حضرموت من قبل عناصر التنظيم، هذه المعسكرات، التي تعمل خارج منظومة القوات الرسمية، قد تتحول – في حال تسلل عناصر متشددة إليها – إلى بؤر تهدد استقرار الساحل الحضرمي، الذي نجح في الحفاظ على هدوئه النسبي منذ تحرير مدينة المكلا عام 2016 على يد قوات النخبة الحضرمي.

الخبراء الأمنيون حذروا من أن أي تغلغل للتنظيم في هذه المعسكرات قد يفتح الباب أمام عودة الفوضى، وإحياء نشاط القاعدة بعد سنوات من الانحسار، خاصة أن التنظيم سبق أن سيطر على المكلا ومناطق واسعة من حضرموت بين 2015 و2016، مستفيدًا من ضعف الدولة وانشغالها بجبهات القتال الأخرى.

يلتقي مع الحوثي


من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني هاني مسهور: إن البيان رغم إنه يحمل توقيع القاعدة، فإن مضمونه تماهى بشكل واضح مع خطاب جماعة الحوثي، لاسيما في استهداف قطاع النفط وربطه بالقضية الفلسطينية، والدعوة إلى ما سمّاه "إسناد غزة". 

هذا التقاطع أثار تساؤلات حول احتمالية وجود تنسيق غير مباشر أو تقاطع مصالح، بما يخدم أهداف الحوثيين في مناطق خارج سيطرتهم المباشرة.

وأضاف مسهور -في منشور على منصة "X"-، أن توقيت البيان جاء متزامنًا مع ما يُعرف بـ"تحرّكات الهضبة" في وادي حضرموت، وهي تحركات قبلية وعسكرية تسعى إلى فرض أمر واقع جديد، مستفيدة من أي اضطراب سياسي أو اقتصادي، مضيفًا إن مراقبين يرون أن تعطيل تصدير النفط قد يضعف الحكومة ويفتح الباب أمام تفاهمات غير معلنة مع قوى النفوذ في الشمال، وعلى رأسها الحوثي.

وتابع مسهور: القراءة الأوسع للمشهد تشير أن البيان ليس مجرد إعلان مواقف من تنظيم متشدد، بل حلقة ضمن مشروع أوسع لإعادة توزيع النفوذ في حضرموت، وربط مستقبل المحافظة بمعادلات القوة في صنعاء والهضبة، وفي ظل هذا التشابك، تبقى حضرموت ساحة اختبار بين مشروع الدولة ومشاريع الفوضى.

بيان بـ"حبر حوثي"


في السياق ذاته، قال إبراهيم بن صالح مجوَّر، صحفي يمني: إن تنظيم القاعدة نشر بيانًا يدعو سكان حضرموت واليمن عمومًا إلى انتفاضة مسلحة تهدف إلى إسقاط الحكومة الشرعية وطرد القوات الأجنبية ومنع تصدير النفط. 

وأوضح عبر حسابه على منصة "X"، أن البيان حرض بشكل مباشر على التسلح واستهداف من وصفهم بـ"المتعاونين"، مستغلًا قضية غزة كذريعة لتعبئة الرأي العام، في محاولة لتصوير إسقاط الحكومة في اليمن وكأنه نصرة مباشرة للشعب الفلسطيني. 

وأضاف مجوَّر، أن اللغة والمضامين التي حملها البيان بدت وكأنها مكتوبة "بحبر الحوثي" ومنسوخة من "دفاتر صعدة"، في إشارة إلى التطابق الواضح مع خطاب جماعة الحوثي وأسلوبها التعبوي.